السلطان أبو عنان فارس .. عالم الملوك وملك العلماء
اسمه الكامل هو أبو عنان، فارس المتوكل على الله بن أبي الحسن علي بن أبي سعيد عثمان المريني. كان واحدا من أشهر ملوك بني مرين في المغرب الأقصى. ولد في مدينة فاس الجديدة (الدار البيضاء) في العام 729 هـ. والدته تدعى شمس الضحى. وفيما يتعلق بوصفه ومظهره، قال عنه الناصري: `كان السلطان أبو عنان – رحمه الله – أبيض اللون، وعلامة صفرة تعلوه، طويل القامة، يشرف على الناس بطوله، نحيف البنية، عالي الأنف حسنا، عيناه أدعج، صوته جهوري، في كلامه سرعة حتى يكاد السامع أن لا يفهم ما يقول، لحيته كبيرة وتملأ صدره باللون الأسود، وعندما يمر بها الريح تتفرق إلى نصفين ليظهر موضع الذقن.
أمارته على تلمسان : كان أبو عنان فارس المريني شخصا محبوبا جدا بين قومه وأهله، وكان والده يتميز بمودته الخاصة له ويحبه أكثر من إخوته الآخرين بسبب علمه وعفته وحفظه للقرآن الكريم. ولهذه الأسباب، قرر والده تعيينه حاكما لمدينة تلمسان بعد أن تمكن من السيطرة عليها في عام 737 هجريا.
وفاة والد أبو عنان فارس المريني و توليه الملك :
عندما سمع أبو عنان فارس المريني خبر وفاة والده و ذلك كان في ربيع الأول عام 749هـجريا ، عزم على مغادرة تلمسان و تنازل عنها لآل زيان و فر إلى مدينة فاس و قام بتنصيب نفسه ملكا من بعد والده و لقب ب ” المتوكل على الله “، و قام بأعلان نفسه أميرا للمؤمنين ، وعندما علم خبر أن والده ما زال حيا لم يستطيع التنازل عن الحكم و لكن هذا جعله يثور و أرغم والده أن يتنازل عن الحكم له و بالفعل توفى والده عام 752 هجريا .
توسيع ملكه : كان أبو عنان، فارس المريني، يعمل دائما على توسيع مملكته، فقد عمل على إخضاع بني عبد الواد (أمراء زناتة بتلمسان)، وقاتلوه وحاربوه، لكنه تمكن من الانتصار عليهم ودخل تلمسان وخضع له أمراء المغرب الأوسط، ولكن واجه ظروفا أخرى وهي أن عصاه أخيه “أبو الفضل” قام بمحاربته، فلم ييأس بل أرسل من يقوم بمحاربته في جبل “السكسيوي” وجبال “المصامدة”، وتمكن من اعتقاله وسجنه، وبعد ذلك أمر بشنقه داخل السجن عام 754 هجريا، ثم توجه إلى إفريقيا عام 758 هـجريا واستطاع أن يضم القسنطينة وتونس من أيدي الحفصيين وعندما شك في بعض قواده، قاتلهم على الفور .
محاولة أبو عنان فارس المريني لتوحيد المغرب بأكمله :
وتمكن أبو عنان فارس المريني من استمرار حركة الفتح بغرض توحيد أراضي شمال أفريقيا التي بدأها والده سابقا. وكانت النتيجة إزالة دولة بني زيان في عام 753 هـ، ولم يتوقف عند ذلك، بل استمر في مسيرته إلى إفريقيا وتمكن من دخول تونس في عام 758 هـ، وظل هكذا حتى اندلعت العديد من الثورات في المغرب بأكمله بسبب طمع بعض أقربائه في السلطة، مما دفعه للعودة سريعا إلى عاصمته، وتوفي في السنة التالية .
وفاة السلطان أبي عنان فارس :
عاد السلطان أبو عنان فارس إلى مملكته بفاس في عام 759 هـ، بعد أن نجح في ضم تونس إلى سلطانه. وبعد ذلك جاء عيد الأضحى المبارك، فخرج السلطان كالمعتاد لأداء صلاة العيد في المصلى، ولكن شعر بالمرض ولم يتمكن من الجلوس مع الناس في يوم العيد كما هو معتاد. لذا عاد إلى قصره بسبب شدة المرض واضطر للفراش حتى وافته المنية على يدي وزيره الحسن بن عمر الفودودي الذي قام بخنقه، فتوفي قتيلا في عام 759 هـ