الزراعة في السعودية قديما وحديثا
الزراعة من أهم الأنشطة التي عرفها أبناء المملكة منذ زمن بعيد ، وعلى الرغم من التقدم الذي تشهده الدولة في مختلف المجالات الأخرى ، إلا أنها لا زالت تعطي المجال الزراعي اهتمامًا بالغًا وقد أدخلت العديد من الأساليب العلمية الحديثة التي ساعدت على رفع معدل الإنتاج وزيادة مستوى جودة المحاصيل الزراعية أيضًا .
تاريخ الزراعة في المملكة
قديمًا لم تكن الزراعة منتشرة بشكل كبير على أراضي المملكة نظرًا إلى عدم توافر الإمكانيات ، ولذلك اقتصرت فقط على زراعة بعض أنواع الخضروات والنخيل وكانت المساحات الزراعية صغيرة ومتباعدة عن بعضها البعض وكان الإنتاج منخفض تمامًا ، ولكن بعدما قام مؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ بتوحيد أراضي المملكة ، تم ضم الأراضي الزراعية إلى بعضها البعض وتأمينها ضد الهجمات واللصوص ، وقام أيضًأ بترميم الآبار الموجودة وحفر آبار جديدة ، وتم أيضًا إنشاء عدد من الهيئات المائية .
وبعد ذلك تم إنشاء هيئة خاصة مسؤولة عن الأعمال الزراعية وكان مقرها في المدينة المنورة ، وكان الملك حريص على أن يقوم بشراء المحاصيل الزراعية التي يقوم المزارعين بإنتاجها من أجل تشجيعهم على العمل والإنتاج ، وقد تم استيراد العديد من الأدوات والمعدات الزراعية وأدوات حفر الابار وغيرهم .
وبعد أن تم اكتشاف النفط وانتهاء الحرب العالمية الثانية ، عكف الملك عبدالعزيز على أن يقوم بتقديم الدعم المالي إلى كافة المزارعين حتى يتمكنوا من زراعة المعدات الزراعية الحديثة ، وأشرف أيضًا على حفر الآبار الحديثة وتقديمها على سبيل الهدية للمزارعين ، فضلًا عن قيامه باستقدام عدد من مهندسي الزراعة والأطباء البيطريين من أجل متابعة تنفيذ المشاريع الزراعة المختلفة في كل أرجاء المملكة .
وبعد أن انتقل الملك عبدالعزيز إلى جوار ربه ، استكمل أبنائه المسيرة ؛ حيث قاموا بتنمية القطاع الزراعي وتم تحويل مديرية الزراعة إلى وزارة رسمية أطلق عليها اسم ( وزارة الزراعة والمياه ) وكان ذلك تحديدًا عام 1953م ، وكان هناك مبنى خاص بوزارة الزراعة في الرياض ، وكانت الوزارة تُقدم مجموعة من الأنشطة الهامة عبر أكثر من إدارة شملت : إدارة الزراعة ، إدارة المياه والسدود ، إدارة الثروة السمكية والحيوانية ، إلى جانب وجود إدارة خاصة بالدراسات والأبحاث المختلفة .
تم إنشاء بنك التسليف الزراعي لتوفير بعض القروض المساعدة للمزارعين ومساعدتهم على الزراعة والإنتاج، ولا تزال التطوير والتنمية في المجال الزراعي مستمرة في المملكة حتى اليوم .
الزراعة في السعودية في العصر الحديث
والآن أصبحت المملكة العربية السعودية واحدة من أهم وأكبر الدول الزراعية في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وتعتبر منطقة السعودية أحد أهم المناطق الزراعية التي تنتج المحاصيل الزراعية الرئيسية في المملكة، وهي تشمل ما يلي:
القصيم
تحتل القصيم المركز الأول في إنتاج التمور في المملكة. تضم القصيم أكبر مزارع التمور في العالم، حيث يوجد بها ما يقرب من 4 مليون نخلة. بالإضافة إلى ذلك، يتم زراعة بعض المحاصيل الأخرى في القصيم مثل الرمان والليمون والبرتقال اليوسفي والتفاح البلدي والجوافة والخوخ والتين والتوت وغيرها. في عام 2018، أنشأت وزارة الزراعة مشروعا زراعيا ضخما في القصيم لإنتاج حوالي 6960 طنا من الخضروات .
تبوك
تُعد تبوك واحدة من أهم مصادر المياه في المملكة، ويتم زراعة ما يقرب من 228384 هكتارًا زراعيًا فيها، ومن أهم المحاصيل الزراعية المزروعة بها القمح والمشمش والخوخ وغيرها .
الجوف
تعتبر الجوف من المناطق الزراعية المهمة في المملكة، وتشتهر بزراعة النخيل وزيت الزيتون، ويُعد زيت الزيتون الذي ينتج في الجوف من أفضل أنواعه في المملكة من حيث الجودة والتميز، ويتم زراعته في الفترة الممتدة بين شهري ديسمبر ويناير .
جازان
تحتوي جازان على مشروع مائي هام، وهو سد وادي جازان، ويعتبر واحدا من أهم وأبرز المشاريع الزراعية في المملكة، بالإضافة إلى وجود سد الملك فهد. وتتوفر العديد من العوامل المؤثرة في الزراعة، مما ساهم في زراعة الدخن والذرة وبعض الفواكه مثل الموز والتين والجوافة والبطيخ وبعض الخضروات الورقية والقرع. وتزرع أيضا المانجو وبعض النباتات المستخدمة في الديكور وصناعة العطور .
شهدت منطقة جازان في الآونة الأخيرة زيادة في زراعة البن، وتم تنظيم مهرجان للبن في المنطقة لتشجيع المزارعين على زراعة البن وعرض منتجاتهم خلال المهرجان .
تُعد مناطق الطائف وعسير والباحة ومكة والمدينة المنورة وغيرها من أهم المناطق الزراعية في المملكة .
الزراعة المائية في المملكة
تعد الزراعة المائية هي أحدث التقنيات الزراعية في المملكة حاليا. وتستند هذه الزراعة على الاستغناء عن استخدام التربة الطبيعية والاعتماد على تربة صناعية مكونة من أنابيب وأحواض مصنوعة من الصوف الزجاجي. يتم تزويد تلك الأحواض والأنابيب ببعض المغذيات المعدنية الهامة الضرورية لنمو النباتات المختلفة، ويتم أيضا إعادة تدوير المياه لاستخدامها مرة أخرى. ساهمت الزراعة المائية، أو ما يعرف باسم نظام الهيدروبونيك، في توفير ما يقرب من 70% من كمية المياه التي كانت تستخدم في أساليب الزراعة التقليدية .