الديوالي – مهرجان الأضواء في الهند
يعتبر مهرجان الديوالي من بين أكثر المهرجانات الساحرة والمميزة التي يتم الاحتفال بها في الهند، حيث يستمتع به الهنود من مختلف الأديان والطوائف بشغف وحماس، إذ تخلق لمساته الرائعة والإشعاعية جوًا من الفرح والاحتفال في جميع أنحاء البلاد.
هو مهرجان الأضواء الذي يرمز إلى انتصار الخير وتجاوز الظلام الروحي. يحتفل بهذا المهرجان بعودة المقدس راما، وفقا لثقافة الهنود، إلى مملكته أيوديا بعد انتهاء فترة المنفى التي استمرت لمدة 14 عاما. في هذه الفترة، تزين المنازل وتوزع الحلوى من قبل الجميع، وتضاء آلاف المصابيح لإيجاد عالم من الخيال والفرح. مهرجان ديوالي هو وقت المتعة للهنود، حيث يتمتعون بالصخب والطقوس والتقاليد. في هذا المقال، سنتعرف على سبب الاحتفال بهذا المهرجان في الهند ورمزيته والطقوس المرتبطة به.
متى يحتفل الهنود بمهرجان ديوالي
أصل الكلمة هو “Deepavali “، وقد أخذت من اللغة السنسكريتية، وتعني المصابيح المضاءة، كمهرجان عائلي، يتم الاحتفال بـ الديوالي بعد 20 يومًا من فيجايادشمي، في اليوم الثالث عشر من أسبوع الظلام في شهر أشوين يعني شهر (أكتوبر / نوفمبر)، اشوين هو الشهر القمري السابع في التقويم الهندوسي، يتم الاحتفال بـ ديوالي لمدة 5 أيام و سوف نتطرق للحديث عن مهرجان فيجايدشمي في المقال القادم حيث يتم في هذه المناسبة في جنوب الهند اغراق تمثال القديرة دورجا في الماء و هو جزء مهم من الطقوس، في كل الهند يحتفلون بهذا المهرجان كرمز لإنتصار الخير على الشر.
ما هي الطقوس المتبعة في ديوالي
تتوهج العديد من الأنوار في الشوارع والمنازل والأماكن العامة والمعابد، ويتم إعداد مجموعة من الحلويات الخاصة بهذه المناسبة، بالإضافة إلى الشعائر الدينية التي تقام في ساعات الصباح الباكر من يوم الاحتفال، ويقوم الناس بزيارة أقاربهم مرتدين أفخم الحلي والملابس التقليدية الجميلة لتبادل التهاني، وتطلق الألعاب النارية، وترسم زهور جميلة في جميع المنازل، وتقام صلاة باسم المقدسة “لاكشمي” التي تجلب الرخاء والبركة والثروة مع بدء السنة الجديدة وفقا لاعتقادات الهندو.
لماذا يحتفل الهنود بمهرجان ديوالي
هناك العديد من الأساطير المرتبطة بأصل مناسبة ديوالي، ولكن يحتفل بهذه المناسبة على نطاق واسع كونها اليوم الذي عاد فيه المقدس رام إلى أيوديا بعد هزيمة الشيطان رافان. هذا الجانب من ديوالي هو الأكثر شيوعا وقبولا في الهند. ولكن هناك أسباب أخرى يؤمن بها الهنود وتدفعهم للاحتفال، حيث توجد مجموعة من الأساطير المرتبطة بهذا المهرجان القديم. وسنتطرق إليها بالتفصيل.
الأسطورة الأولى – عودة رام و زوجته سيتا
في شمال الهند، وخاصة في ولايات أوتار براديش والبنجاب وهاريانا وبيهار والمناطق المجاورة لها، يحتفلون بعيد ديوالي الذي يعد بمثابة انتصار المقدس رام في أيوديا بعد حربه الشرسة مع رافان، ملك مملكة لانكا الملعون.
تحت حكم العائلات الملكية في أيوديا و ميتيلا ( المملكة التي كانت فيها سيتا أميرة )، أضاءت هذه المدن بالإضافة إلى الحدود البعيدة لهذه الممالك العديد من المصابيح الترابية، متلألئة في ليالي مظلمة للترحيب بالملك المقدس رام وملكته سيتا بعد 14 عامًا من المنفى، منتهيةً عبر حرب البحار التي دمرت فيها مملكة لانكا بأكملها، للاحتفال بعودتهم الى ارض الوطن شعب أيوديا عبروا عن فرحتهم من خلال المفرقعات النارية و تزيين المدينة برمتها بطريقة عظيمة ولهذا السبب يقوم الهنود بتأدية نفس الطقوس.
الأسطورة الثانية – قتل ناراكاسورا
وفقا للثقافة الهندية، ناراكاسورا هو ملك شرير للشياطين الذي حكم مملكة براديوشا بورام في ولاية أسام. وهو ابن `بهومي ديفي`، وفقا للأسطورة فهو أم الأرض. خلال فترة التوبة، اكتسب قوة هائلة لا يستطيع أحد مقارنته بها في القوة، وبدأ يساء استخدامها ويسبب المتاعب للآلهة والحكماء الأتقياء. كما يتدخل في توبتهم ويسبب الفوضى خلال صلواتهم اليومية وطقوسهم الدينية.
سمع أن “إندرا” و هو يعتبر لدى الهنود “ملك الألهة المجسدة بشكل بشر”.. كان لديه فيل مقدس، وبسبب جنونه و غروره هاجم مملكة إندرا لامتلاك الفيل، و كل ما كان بحوزة هذا الملك، و لهذا السبب اضطر إندرا إلى الفرار من مملكته، وبينما كان يقاتله هذا الملك.. شيئاً لامعاً دخل في عينيه، و تلك كانت أقراط أديتي التي تعتبر (أم الألهة)، فهاجم منطقة أديتي وسرقها أيضاً، و كان إندرا وغيره من الألهة غاضبين من هذا الفعل، واتجهوا إلى المقدس كريشنا وطلبوا منه الحماية من الشيطان ناراكاسور وجبروته.
أديتي، التي كانت قريبة من ساتيابهاما “زوجة المقدس كريشنا” طلبت منها المساعدة. رَوت الحادثة بأكملها لساتيابهاما وتضايقت من هذا التصرف، وناشدت كريشنا لكي يمنحها فرصة ذهبية لتدمير الشيطان ناراكاسورا، حيث أُعطيت ناراكاسورا لعنة أن يتم قتله من طرف امرأة، منحها كريشنا نعمة القتال مع ناراكاسورا، وكلاهما جلس على جارودا (نسر عملاق) حملهم لقتاله، و مع كريشنا دخلت ساتيابهاما ميدان المعركة، و خاضت معركة شرسة ضد الشيطان، أرسل ناراكاسورا مساعده مورا لمحاربة “كريشنا”، و خلال وقت قليل تم قتل مورا و جيش ناراكاسورا بالكامل، و قتل كريشنا مورا بنفسه، و برؤية ذلك حاول ناراكسورا الهرب من المعركة لكي ينجو بنفسه.
تقول روايات الهنود انه خلال هذه المعركة أصيب المقدس كريشنا وسقط فاقد الوعي لفترة من الوقت، برؤية ذلك ألقت ساتيابهاما سلاحًا سماويًا باتجاه ناراكاسورا وسرعان ما قُتل، في وقت لاحق ذكرها المقدس كريشنا بأنها تجسد “بهومي ديفي” أو الأم الأرض، و ناراكاسورا لا يمكن قتله إلا من قبل والدته فقط.
كان قتل ناراكاسورا انتصارا للخير على الشر، و من المثير للاهتمام ملاحظة أن بوديفي والدة ناراكاسورا المقتول، أعلنت أن وفاته لا ينبغي أن تكون يوم حداد ولكن مناسبة للاحتفال والإبتهاج، و لذلك حتى هذا اليوم لإحياء ذكرى وفاته، يتم الاحتفال بهذا الحدث في بعض أجزاء الهند باسم ناراكا شاتورداسي، قبل يومين من يوم مهرجان ديوالي، و يحتفل الهنود كل عام بهذا اليوم مع الكثير من الفرح والبهجة، ويطلقون الألعاب النارية.
الأسطورة الثالثة – أسطورة الملك بالي
تقول الاسطورة أن الملك بالي كان ملك شيطان قويًا للغاية عنيفًا مع الألهة، أثناء التجسيد الخامس للمقدس فيشنو لدى الهنود هذا التجسيد الذي يسمى بالهندية “فامانا”، دفع فيشنو بالي للذهاب الى باتال لوك، و لاحقا جعله ملكاً عليها، يتم الاحتفال باليوم الثاني في الديوالي باسم الملك بالي، و يحتفل الناس بهذا اليوم كمناسبة لإنتصار الخير على الشر.
الأسطورة الرابعة – أسطورة لاكشمي
تقول الأسطورة إنه في يوم القمر الجديد من شهر كارتيك أو أكتوبر، ظهرت القديرة لاكشمي (ابنة المحيط الحليبي) في زبد المحيط، ويطلق عليها باللغة الهندية `كشيرساجار`، حيث تعني `كشير` الحليب و `ساجار` المحيط.
من بين الكنوز الأربعة عشرة التي ظهرت من سامودرا مانثان، كانت الكنز المقدسة لاكشمي واحدة من هذه الكنوز، وأتت بثروتها ورفاهيتها للبشرية لمساعدتهم.
وفقا للثقافة الهندية، أرادت كل من الآلهة والشياطين أن يتزوجوا منها، ولكنها اختارت الإله فيشنو المقدس، ووضعت حول عنقه `فيجايانتي`، وهو يعني إكليل النصر الأبدي. ونظرا لأن تلك الليلة كانت `أمافاسيا`، أي الليلة الأكثر ظلمة، أضاءت المصابيح اللامعة للاحتفال بهذا اليوم المقدس. ومنذ ذلك الحين، يرتبط تقليد إضاءة المصابيح والشموع في يوم ديوالي بهذه الأسطورة حيث يحتفل الهندوس بهذا اليوم بحماس كبير، وتقام طقوس لاكشمي في المعابدهم ومنازلهم لتكريمها. ويعتقد العديد من الناس أن إلهة الثروة والحظ السعيد، لاكشمي، تزورهم في هذا اليوم.