الديمقراطية والإسلام
مفهوم الديمقراطية
المفهوم العام للديمقراطية هو مفهوم يستند في الأساس إلى مبدأ سيادة الأمة، أي المجتمع، حيث يكون هو صاحب كل السلطات. وهذه السيادة تتمثل في سلطة عليا حاكمة لا تتجاوزها أي سلطة أخرى، بما يتوافق مع أي مرجعية. فالأمة هي التي منحت السلطة واختارتها بحسب إرادتها الحرة، ودون ضغوط خارجية. وقد تنازلت الأمة عن بعض حقوقها تجاه تلك السلطة، من أجل المصلحة العامة، لحماية السلطة والعناية بها، وتمكينها من فرض النظام وتنفيذ القوانين والتشريعات على الجميع في المجتمع أو الدولة. وبناء على هذه المفاهيم الديمقراطية، يرون العديد من الإسلاميين، سواء كانوا علماء دين أو غيرهم، أن الإسلام هو في الأساس دين الديمقراطية، حيث تكمن المساواة والعدالة، ومنع الظلم، واحترام الحقوق والحفاظ عليها. إذ أن معظم المفاهيم الديمقراطية الحديثة موجودة في الإسلام، ويتماشى مع رؤية الحاكم والمحكومين. ولا يوجد أي تضارب بين الإسلام ومفاهيم الديمقراطية ومفهومها. ولكن يرون البعض تعارضا، حيث يعتبر الإسلام أن مبدأ الحكم الأساسي هو سيادة الشرع الذي أنزله الله، وليس التشريعات والقوانين البشرية التي لن تكون مطابقة لتعاليم الله عز وجل. فالقوانين البشرية التي يتفق عليها الأفراد أو المجتمعات، وتحظى بتأييد ورضا الأغلبية، ليست الأساس في الإسلام. فالإسلام يرون أن الشعب أو الأفراد في المجتمع، بمختلف طوائفهم ومناصبهم، يخضعون بشكل أساسي لتشريعات وقوانين وأحكام يحددها الشرع، وليس القوانين والتشريعات الوضعية، مهما كانت مقبولة ومقبولة وحازت على تأييد الأغلبية. فالإسلام يعتبرها بشرية ضائعة، تم وضعها في النهاية من قبل البشر .
مبدأ سيادة الأمة كأساس في الديمقراطية :– في الأساس الديمقراطي يعتبر أن المبدأ الأساسي له هو مبدأ سيادة الأمة على الجميع سواء في قوانينها أو تشريعاتها أو سلطاتها، حيث أن هذه المبادئ نشأت من إجماع الأمة عليها، أي أن الأمة أو الأفراد في المجتمع هم من قاموا بمنح السلطة الحاكمة تلك السلطات والقوانين بأغلبية مجتمعية، وهم من اختاروها. وفي الديمقراطية، مبدأ السيادة للمجتمع هو الأساس، ويقوم على فكرة حرمة حرية الأفراد الشخصية في جوانبها المختلفة، طالما حصلت هذه المفاهيم على الأغلبية في المجتمع. لذلك، فإن الأفراد لديهم الحق في ممارسة تلك الحريات بدون قيد. أما في الإسلام، فهناك العديد من القيود الفردية التي لا يجوز للأفراد تجاوزها أو مخالفتها، لأنها موجودة في الشرع الإلهي. وأيضا، يوجد العديد من المحرمات الدينية، حتى لو اجتمعت الأغلبية في المجتمع ورفضتها، لن تتغير، وسيتم تنفيذ حكم الشرع. على سبيل المثال، لو اجتمعت الأغلبية في المجتمع على أن الزنا أمر عادي ووافقوا على ذلك، فسيتم إباحته في النظام الديمقراطي والسماح به، ولكن في الإسلام هذا غير مقبول، لأن للزنا حدود محددة من قبل الله وتحمل عقوبته المنزلة من عنده، ولا يجوز اتخاذ قرار في هذا الأمر، حتى لو اجتمعت الأمة على إباحته. لذا، فإن سلطة التشريع في الإسلام هي الأساس للحاكم والمحكومين، ولا يمكن التلاعب بها حتى ولو قررت الأغلبية من الأفراد قبولها .
سيادة الشرع في الإسلام وليس الأمة :- يعتقد الإسلام ويقوم في الأساس على الفكرة بأن الشرع هو المصدر الرئيسي وله السيادة على أي قوانين أو تشريعات بشرية، وله القدرة على تنفيذها على الجميع، سواء كانوا حكاما أو محكومين. وبالتالي، يخضع الجميع للشرع، حيث يكون التشريع الإلهي هو الأساس الذي يستند إليه. ومن ذلك، فإن العمل التشريعي هو من اختصاص الله عز وجل، وليس المجتمع أو الأمة. على سبيل المثال، السلطة القضائية في الإسلام ملزمة بتطبيق قوانين الشرع، حيث يعتبر الشرع هو المصدر الأساسي والأول لقوانينها وأحكامها. وبالتالي، يلتزم جميع أفراد الأمة الإسلامية بهذا الشرع، سواء كانوا حكاما أو محكومين. فالشرع ليس له سلطة على البشر، وبالتالي فهم لا يملكون القدرة على قبوله أو رفضه. ودور الحاكم هو العمل على تطبيقه. أما في النظام الديمقراطي، فهناك اختلاف، حيث يتم اختيار جميع القوانين والتشريعات من قبل الأفراد بالأغلبية، ودور الحاكم هو تطبيق تلك القوانين والتشريعات طالما أنها تمت بأغلبية اجتماعية دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى. وبالتالي، الإسلام يختلف عن الأنظمة الديمقراطية فيما يتعلق بمصدر التشريع والسيادة .