اسلامياتالقران الكريم

الدروس المستفادة من سورة المعارج

فضل قراءة سورة المعارج

يعد القرآن الكريم من أهم وأفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه جل جلاله، فعند قراءة سورة من سور القرآن الكريم واللاتي يصل عددهن الى ١١٤ سورة يطمأن قلب الإنسان ويشعر بالسلام الداخلي قبل الخارجي، فكيف اذا كان لعبد مسلم مؤمن بالله وحده لا شريك له!! هنا يفوز المسلم وتفوز المسلمة برضا الله تعالى وهذا ما نريده جميعا، فتلاوة القرآن الكريم، سماعه وتأمله  يبعث في قلوبنا راحة لا وصف لها، كذلك ينزل على قلوبنا السكينة وندخل في رحمة الله تعالى وحفظه لنا، ليس هذا فحسب في حديث رسول الله محمد-صلى الله عليه وسلم- والذي رواه عبدالله بن مسعود قال” من قرأ حرفا من كتاب الله, فله به حسنة, والحسنة بعشر أمثالها, لا أقول{ألم} حرف, ولكن الف حرف, ولام حرف, وميم حرف} فنرى هنا كم لنا أجرا في قراءة ولو حرف واحد من المصحف الشريف.

يتم تقسيم المصحف الشريف إلى ثلاثين جزءا وستين حزبا، وكما ذكر سابقا في المصحف الشريف، هناك مئة وأربع عشرة سورة يتم تقسيمها إلى سور مكية (سور نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة قبل الهجرة النبوية) وسور مدنية (سور نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية الشريفة). ومن بين تلك السور المكية سورة المعار.

  سورة المعارج هي سورة مكية وتأتي في الترتيب السبعين في المصحف العثماني. آياتها توجد في الجزء التاسع والعشرين والحزب السابع والخمسين. تأتي سورة المعارج في المصحف بعد سورة الحاقة المدنية وقبل سورة النبأ المكية. إنها واحدة من السور الأخيرة في القرآن الكريم، حيث تحتوي على أربعة وأربعين آية. باستثناء آية واحدة تعد مدنية، تتحدث سورة المعارج كباقي السور المكية، حيث تتناول أساسيات العقيدة الإسلامية وتتحدث عنها. يلاحظ في هذه السورة أن الآيات تبدأ بأفعال الماضي، مما يشير إلى وجود أخبار يجب على المسلمين معرفتها.

سبب تسمية سورة المعارج وأسماءها

أطلق على سورة المعارج اسمان آخران الي جانب المعارج أولهما الواقع وهو الاسم الذي أطلقه السيوطي من خلال كتابه الإتقان كما أن اسم الواقع يظهر في الآية الأولى من السورة، وثانيهما فتسمى بسورة سأل سائل وذلك نسبة إلى الآية التي تبدأ بها السورة الكريمة{سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِع} إضافة إلى أنها السورة الوحيدة في المصحف الشريف التي تبدأ بالفعل الماضي (سَأَلَ) . أما بالنسبة لاسم المعارج فهو الأكثر شيوعا وبروزا لخفة لفظه، كما وردت هذه الكلمة في قوله تعالى{مِنَ اللّٰهِ ذِي الْمعارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} والتي تصف حالة الملائكة الكرام أثناء عروجها أي صعودها للسّماء.

سبب نزول سورة المعارج

لكل سورة من سور المصحف الشريف سببا يعود إلى تسميها كما سورة المعارج. يعود سبب نزول هذه السورة إلى النضر بن الحرث حين دعا على نفسه سائلا العذاب من الله جل جلاله وذلك حين قال” اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك…” فنزل به ما طلبه من الله تعالى يوم بدر في الآية الكريمة{  وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍۢ} ونزلت أولى آيات هذه السورة{سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِع} لتبين ما طلبه من عذاب. كذلك يقال أن من سأل الله العذاب هو أبا جهل والله أعلم.

مضامين سورة المعارج 

تناولت سورة المعارج عدة مواضيع تتعلق بالعقيدة الإسلامية، ومن بينها الحديث عن أهوال يوم القيامة وما يواجهه العبد من ربه تبارك وتعالى وفقا لأعماله في الدنيا. فهناك الذين سينالون النعيم والسعادة، وهناك من سيرسل إلى النار. وتركز السورة أيضا على استهزاء وإيذاء رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – من قبل قوم قريش الكافرين، ومحاولتهم نفي الدعوة الإسلامية الحنيفة والقضاء عليها.

أولا: من الآية الأولى التي بدأت بها سورة سأل سائل وصولا إلى الآية الخامسة التي انتهت بقوله تعالى: `فاصبر صبرا جميلا`، تحدث عن أهل مكة، أي قريش واستبدادهم وتجاوزهم حقائق الدين الحنيف الذي أنعم الله به علينا، ووصلوا إلى سخريتهم من الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بأقبح الكلمات وأشنع الأفعال المؤذية لنبي الأمة، وكذلك استهزؤهم بجهلهم بخالق هذا الكون، عندما استخف نضر بن الحارث بالله تعالى وطلب العذاب، وكأنه واثق ومضمن لشهوات هذه الدنيا الزائلة.

ثانيا: تذكر بعض الآيات القرآن الكريم العذاب الشديد الذي سيتعرض له المجرمون الضالون وعقابهم الشديد بسبب عصيانهم واستكبارهم، منها الآية السادسة بقوله تعالى “إِنَّهُمْ يَرَوْنَهَ بَعِيدًا” والآية الثامنة عشر بقوله “وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ.

ثالثا: تذكرنا الآيات من التاسعة عشرة `إن الإنسان خلق هلوعا` حتى الآية الواحدة والعشرين `وإذا مسه الخير منوعا` بضعفنا كبشر وطبيعتنا الغريبة. عندما ينعم الله تعالى بنعمة على الإنسان، يتجاهلها ويستخف بها. أما عند حدوث الشدائد والمحن، يبدأ الإنسان في الذعر ولا يعتقد أن العبد يحاسبها الله، ولا يتوقع ثوابه.

رابعا: تبدأ من هنا الآية الثانية والعشرون في قول الله تعالى: `إلا المصلين` وتمتد حتى الآية السابعة والثلاثين: `عن اليمين وعن الشمال عزين`، مشيدة بصفات المؤمنين الفاضلة والأخلاق الحميدة التي يتحلى بها. وفي هذه الآيات الكريمة، توضح الأجر العظيم وجنات الخلد التي أعدها الله لهم، وهو ما تتمناه كل نفس.

خامسا: أوضحت لنا الآيات الكريمة طمع كل نفس كافرة في دخول هذه الجنات الدائمة وعن أفعالهم، فكل ذلك ذكر بالاية الثامنة والثلاثين من قوله تعالى{ أيَطْمَعَ كلّ امرِئٍ مِنْهُم أَنْ يَدْخُلَ جَنَّةَ نَعيم} وإلى قوله تعالى{فَذَرْهُمْ يَخوضوا وَيَلْعَبوا حَتَّى يُلاقوا يَوْمَهُم الّذِي يُوْعَدون} اي الآية الثامنة والأربعون.

سادسا: أما ما ختمت به سورة المعارج فكان القسم الجليل بالله رب السموات والأرض على أن البعث حق كما هو العذاب أيضا. وذلك في قوله تعالى في الآيتين الثالثة والرابعة والأربعون{يَوْمَ يَخْرُجونَ مِنَ الأجْداثِ سِراعًا كَأنَهُمْ إِِلى نُصُبٍ يُوْفِضون*خاشِعَةٌ أَبْصارُهُم تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوْعَدُونَ} صدق اللّٰه العظيم.

ما يستفاد من سورة المعارج

بعد فهمنا لمضمون آيات سورة المعارج بأكملها، نجد أن هناك العديد والعديد من العبر والدروس التي يمكن استخلاصها من معاني هذه الآيات الكريمة، ومن بينها:

– إن الصبر على أعدا الدين الحنيف من أعظم الدروس التي بينتها الآيات الكريمة، وذلك بعدما ذكرّتنا آيات هذه السورة بما تعرض له النبي محمد-صلى الله عليه وسلم- من أذى وسخرية واستهزاء وتكذيب من مشركي مكة، وما صبره على اذاهم قولا وفعلا جهادا في سبيل اكمال هذه الرسالة الحنفية والدعوة إلى الله تعالى.

إحدى الدروس القيمة التي يجب على المسلمين تعلمها هي مقاومة فطرتهم التي تدفعهم للتكبر والاستكبار عندما يكونون أصحاب ثروة وحصة وعائلة، وعليهم أن يشكروا الله تعالى على نعمه التي أنعم بها عليهم وأن يحمدوه ويشكروه في كل سجدة في السراء والضراء.

وبالنسبة للدرس الآخر الذي يمكن استخلاصه، فإنه يتعلق بتشجيعنا على عبادة الله تعالى والاقتراب منه، وحماية دعوة الإسلام الحنفي بكل ما نملك من قوة، لكي نحصل على رضا الله تعالى وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، ولنجني ثمار أعمالنا الصالحة في جنات الخلد التي وعدنا بها الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى