الدروس المستفادة من سورة الحاقة
الدروس المستفادة من سورة الحاقة
تقدم لنا قراءة القرآن الكريم دروسًا لا تعد ولا تحصى في الحياة الدنيا والإيمان بالآخرة والإيمان بوحدانية الله عز وجل، وتحتوي سورة الحاقة من السور القرآنية على العديد من هذه الدروس
- الايمان بحتميّة البعث ووجود الآخرة : تتحدث الآيات عن حتمية حدوث يوم القيامة، وأن جميع البشر سيبعثون لينالوا جزاء أفعالهم .
- من ينكر الآخرة سوف يعاقب : حيث اشارت سورة الحاقة ، ان الامم التي كذبت بالاخرة قد اهلكهم الله في الحياة الدنيا ، وانه سوف يعيدهم يوم القيامة لينالوا عذاب الآخرة، وان الله قد أبقى على آثارهم ومساكنهم المهجورة في الدنيا ليكون عبرة ولنتعظ ، وهذا يعتبر اشارة على استمرار سنة الله في إهلاك المكذبين في الحياة .
- ضرورة الاستعداد ليوم العرض “يوم القيامة” : تذكر السورة الكريمة بعض التفاصيل والرعب الذي يصاحب يوم القيامة، حيث ينفخ في الصور، وتنشق السماء، وتهشم الجبال، وتعرض جميع الخلائق على الله، ولا شيء من أسرارنا يخفى، ولذا فمن الضروري الاستعداد لهذا اليوم عن طريق اتباع أوامر الله وطاعته، وتجنب المعاصي والمحرمات.
- الدنيا ماهي الا دار للاختبار والابتلاء : حيث ان سبب وجودنا في هذه الحياة هو لإطاعة الله سبحانه وتعالى مع الصبر عند البلاء والشدائد والشكر عند المنح والعطاء ، ومن هنا سيتم التفريق بين المؤمن الحق ، وضعيف الايمان ، والكافر ، حيث انه لن يكون هناك مساواة بين من اصلح ومن افسد ، بل لكل كتاب، اما عن يمين فيدخل صاحبه الجنة واما عن شماله فيدخله النار.
- ضرورة الاتعاظ من الامم السابقة : يذكر أن الله أهلك من عاند رسوله وكذب آياته، ولذلك نحن نحتفظ بآثارهم وسيرتهم لنتعلم منها ونتجنب أخطائهم، ونستخدمها كعبرة في كل مرة نفكر فيها في عصيان الله، ونتجنب تكرار أخطائهم وعدم التكبر على أوامر الله .
- القرآن كلام الله : من أهم الدروس المستفادة من هذه السورة ، أن القرآن هو كلام الله المنزل لخلقه، حيث أوحى به لنبيه عن طريق رسول الوحي جبريل ، فأقسم الله في سورة الحاقة بما يبصر الكفار وبما لا يبصروا بأنه منزل من عنده ، ووضع الله فيه التذكرة لنا ، لأن مهمتنا التي خلقنا الله لها ، هي الايمان به واتباع ماجاء في آيات كتابة من عمل الخير ، كالإنفاق في سبيله والرفق بالمساكين ، وإقامة الصلاة والحفاظ عليها ، واتباع سنة نبيه ، وهذا واجب على جميع البشر لاننا كلنا سواسيه كأسنان المشط وشركاء في نعم الله وخيراته الموجودة على الارض ، فالمحتكرين المكنزين لنعم الله والمانعين حق المساكين هم من سيخسروا وسينالوا وعيد الله ، لذا لزم التدبر لآيات الله وما فيها من حق مع التمعن في سنة نبيه وذلك حتى نفوز بالحياة الدنيا وننعم في الدار الآخرة.
مقاصد سورة الحاقة
يعتبر المقصد الاساسي في إنزال سورة الحاقة هو إثبات وتأكيد صدق كتاب الله ألا وهو القرآن الكريم ، وذلك بالقسم على انه منزل منه سبحانه وتعالى على رسوله ، حيث به الحجة والتذكرة التي بها ندخل الجنة، وبه ايضا الوعيد والانذار للكافرين ، ونجد هذا المقصد في الآيات الاخيرة من الآية 38 الى الآية 52 فالسورة دفاع عن القرآن ، وخبر بحتمية وجود الدار الحق اي الحاقة .
فضل قراءة سورة الحاقة
تعتبر سورة الحاقة من السور التي تحمل في آياتها البركة والفوائد العظيمة، وتُنال هذه الفوائد عند حفظها والاستمرار في قراءتها.
حيث أشار العديد من الصحابة في تفسير وشرح سنة رسول الله وأحاديثه وتوارد عنهم علماء الدين إلى أن سورة الحاقة لها فضل عظيم وبركة تنزل على قارئها، وأن سورة الحاقة لها أهمية كبيرة عند الاستمرار في قراءتها، فقد قال بعض العلماء إن المتحمس لقراءة سورة الحاقة في الفرائض وصلاة النوافل بشكل منتظم، سيخفف عنه من شدائد يوم القيامة وسيكون حسابه سهلا وليس صعبا.
كما اثبت العلماء ان لها اهمية ليست بالهينة وذلك بالنسبة للامراة الحامل، لانه بالمواظبة على قرائتها سوف يبارك الله ويحفظ جنينها، واذا قامت المرأة بعد ولادتها بقرائتها على بعض الماء وفطمت عليه ابنها حفظه الله لها وبارك في خطاه وان الله سوف يجعل ابنها من النبهاء الأزكياء الذين يحفظون ويدركون مايسمعون من آيات.
ترتيب سورة الحاقة
الحاقة ، أي “الواقع المحتوم” ،أو سورة الحق ، من أسماء يوم القيامة، وتسمى أيضًا السلسلة (سلسله) والواعية (واعیه) ، وهي إحقاق للحق وإثبات وجوبه حيث يتحقق الوعد بالجزاء على الافعال ، وهي السورة رقم 69 من ترتيب المصحف الشريف وتقع في الجزء 29 وعدد آياتها هو 52 آية وهي سورة مكية بالاتفاق بين العلماء ، و كما يبين اسم السورة نفسه بوضوح.
الموضوع الرئيسي الذي يتناوله هذه السورة الكريمة بتفصيل هو يوم لا جدال فيه، وهو يوم القيامة والبعث مرة أخرى. في هذا اليوم، سيواجه المؤمنون وغير المؤمنين جميع البشر بلا استثناء، عواقب وثواب الأعمال التي ارتكبوها في العالم المادي، أي في الحياة الدنيا. سيحق لأهل الجنة الثواب الذي يستحقونه وكذلك سيحق لأهل النار العقاب الذي يستحقونه. تذكر سورة الحاقة أيضا تاريخ القبائل القديمة مثل عاد وثمود ولوط وأهل نوح وفرعون، الذين رفضوا رسالات الله وكذبوا الأنبياء المرسلين إليهم. كانت نتيجة هذا الكذب هي سخط الله عليهم. نجد أيضا في سورة الحاقة ذكرا لعظمة القرآن وقوته وصدق النبي محمد، صلى الله عليه وسلم.
أسباب نزول سورة الحاقة
سورة الحاقة نزلت في زمن زاد فيه الكفار عداءهم وعنادهم للرسول صلى الله عليه وسلم. سبب نزول هذه السورة الكريمة هو قوله الله تعالى فيها: `وتعيها أذن واعية`. وقد قال رسول الله: “لعلي أن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وتعي، وحق على الله أن تعي”، فنزلت الآية `وتعيها أذن واعية`. المعنى هو أن الله أمر رسوله بتعليم علي بن أبي طالب وتوضيحه للحق اليقين. قال الطبري في التفسير: `وتعيها أذن واعية`، أي الأذن التي تفهم وتعقل ما تسمع من كلام الله، وهذا واجب على الرسول، وهو أن يقرب عليا من الله حتى يفهم كلامه ويدرك الأمور على حقيقتها. وفي معنى الحديث أيضا أن الله أمر الرسول أيضا بعدم بعاد علي عنه، وأن يقربه منه. وقيل في ذلك أنه نور من الله تعالى يلقى في قلوب من يحبه في عباده.