الدروس المستفادة من الهجرة الى الحبشة
لقد تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم لكثير من الأذى من الكفار أثناء دعوته للإيمان بالله تعالى. ومع ذلك، قدم الله سبحانه وتعالى النصر لنبيه الكريم وفتح له العديد من الأبواب والمسالك التي أبعدته عن أذى المشركين. وكان الهجرة واحدة من السبل المتبعة للابتعاد عن المعاناة مع الكفار، حيث هاجر المؤمنون للحفاظ على دينهم ونشره بينهم. وجاءت الهجرة إلى الحبشة تنفيذا لأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أوصى أصحابه بالهجرة إلى الحبشة ليوفر الله لهم ملاذا من الأذى الذي يتعرضون له.
الهجرة إلى الحبشة
لقد كانت الهجرة إلى الحبشة في السنة الخامسة لبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد قالت أم سلمة رضي الله عنها عن أسباب هذه الهجرة ما يلي “لما ضاقت علينا مكة ، وأوذي أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وفتنوا ، ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم ، وأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يستطيع دفع ذلك عنهم ، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في منعة من قومه وعمه ، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه ، فقال لهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم : ( إن بأرض الحبشة ملكًا لا يظلم أحد عنده ، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه ) ، فخرجنا إليها أرسالًا حتى اجتمعنا بها ، فنزلنا خير دار إلى خير جار أمنا على ديننا ، ولم نخش منه ظلما”.
العبر المستفادة من الهجرة إلى الحبشة
هاجر إلى الحبشة من المسلمين إحدى عشرة رجلا وأربعة نساء، وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه وزوجته رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم في قيادتهم، وكانت هذه هي الهجرة الأولى إلى الحبشة. ثم تبعتها هجرة ثانية إليها، وذكر أن عدد الرجال تجاوز الثمانين رجلا في هذه المرة. تركت هذه الهجرة العديد من الدروس التي يستفيد منها كل مسلم، ومنها ما يلي
أظهرت هذه الهجرة أهمية وجود الرحمة في حياة الإنسان من خلال إبراز رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أراد أن يحمي المسلمين من الأذى
تكمن أهمية تحقيق العدل في ضمان حياة مستقرة؛ حيث اختار الرسول صلى الله عليه وسلم الحبشة بناءً على مبدأ العدل وحرية العقيدة في هذه الأرض
تؤكد هذه الهجرة أن النصارى هم الأقرب إلى المؤمنين ؛ حيث أن النصرانية كانت هي الدين الغالب بالحبشة ، وقد اختارها الرسول الكريم لتكون مقرًا آمنًا للمؤمنين ، ويؤكد هذا المعنى قول الله تعالى “وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى”
يجب فهم أهمية التعاون وتطبيق مبدأ الشورى، حيث يتضح ذلك جلياً من خلال تعاون المسلمين الأقلية آنذاك وتوصلهم لحل واحد متفق عليه
يجب على المؤمن الثبات على المبادئ والثقة في الله تعالى والايمان بالنصر، فهذه الصفات ضرورية للمؤمن
تؤكد هذه الهجرة على حسن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم وحسن تدبيره للأمور؛ إذ كان اختيار الحبشة مدروسًا بعناية، ولم يخيب النجاشي ملك الحبشة آنذاك ظن الرسول صلى الله عليه وسلم، بل قام برعاية المسلمين والعناية بهم
يجب الاستمرار في الدعوة الإيمانية حتى في أوقات المحن والشدائد؛ حيث كان النبي يعتبرها وسيلة لنشر الإسلام
من أهم الدروس التي ينبغي معرفتها هي أن البلاء سُنة كونية؛ حيث يبتلي الله عباده الصالحين ليعرف قوة إيمانهم ومدى صبرهم وسعيهم لتدبير أمورهم.