اسلامياتشخصيات اسلامية

الخليفة الأموي “الحكم المستنصر بالله” ثاني ملوك الأندلس

 

سيرته ونسبه:  إنه الحكم المستنصر بالله، ابن الخليفة الناصر لدين الله وأمه “مرجان”، ولد في مدينة قرطبة في الرابع والعشرين من جمادى الأولى عام 302 هجري، وكان أبوه هو من أعلن الخلافة الأموية في الأندلس عام 3166 ميلاديا، واستمر عهده خمسين عاما حتى أنه كان يداعب “الحكم” بقول يردده كثيرا: “لقد أطلنا عليك يا أبا العاصي

كان الخليفة الناصر يعد ابنه ليكون خليفة له من بعده، فكان يوكل إليه بالمهام لينضجه ويشد من همته. وقد حصل على البيعة بعد وفاة أبيه بيوم واحد في 3 رمضان، ويلقب بـ “المستنصر بالله”. وبذلك، فإنه يكون تاسع أمراء الدولة الأموية في الأندلس وثاني خلفاء الأندلس.

ملامح وسمات شخصيته:

عرف بحبه الشديد للكتب واقتنائها، حتى أن مكتبته احتوت على 400 ألف مجلد جمعهم من كل أقطار العالم. وكان بها 44 فهرسا من خمسين ورقة كانت تضم فقط أسماء الكتب في خزانته. ولم يكن مقتنيا فحسب، فقد كان له في أغلب هذه الكتب ملاحظات وتعليقات كتبها بيده كتبها بنفسه. وقد أشاد العلماء بهذه المعرفة الواسعة.

كان يُنفق الكثير من المال لجلب هذه الكتب، ولكن عندما لم يعد القصر قادرًا على استيعاب هذا العدد الكبير من الكتب، أُنشِئت مكتبة قرطبة التي احتوت على أربعمائة ألف كتاب.

كان مقبلا على العلم محبا له ولاستقائه وبالذات في معرفة الأنساب، وملأ ربوع الأندلس بالكتب من جميع العلوم والمجالات، وكان مهتما بالعلم الديني والشرعي وحازما في أمور العقيدة والاستقامة، فكان يحضر مجالس الفقهاء ورواة الحديث وينقل عنهم، وأمر بإراقة كل الخمر في الأندلس، وطارد الشعراء الهجائيين لحفظ أعراض الناس من ألسنتهم. لكنه رق لحالهم وأفرج عنهم في ذات العام.

كان يتمتع بمهارة في الكتابة والترتيب في الشعر، وفي رحلته إلى إحدى الغزوات، كتب عدة أبيات لزوجته “صباح البشكنجية

لقد استغربت وودّعتها، كيف لم أمت، وكيف انحنت يدي عند الفراق معي

يا عيني الحزينة، اسكبي دموعاً.. ويا كبدي المحترقة، قطعي

جاء في وصفه الشكلي أنه كان أبيض البشرة تعلوها حمرة، وكان ذو أنف أقنى وصوت جهور عال، وكان ضخم الحجم قصير الساقين وغليظ العنق والسواعد. كان كذلك حسن السيرة ذو عدل وفضل.واشتهر برفقه على الرعية في شئونهم، فتكفل يوما بإطعام كل الفقراء والمعوزين من أهل قرطبة حينما حلت بهم مجاعة.

أعماله وإنجازاته:

بدأ خلافته بتكليف “جعفر بن عبد الرحمن الصقلبي” بتوسيع `المسجد الجامع`، حيث قام بتزيينه بالفسيفساء الرومانية وإضافة محراب ثالث وتثبيت مقصورة خشبية منقوشة بجانب المحراب. وجرى توصيل الماء من الجبل إلى الميضتين الشرقية والغربية في المسجد، وبنى بجواره دارا لجمع وتوزيع الصدقات، ودارا أخرى للواعظين وعمال المسجد. أنفق أكثر من ربع مليون دينار على بناء هذا المسجد.

كانت تعقد في عهده حلقات لكل العلوم في المسجد الجامع في قرطبة وكان يكثر من الهدايا والعاطايا على العلماء في عصره، فأحدث هذا نهضة عظيمة في التعليم العام في الأندلس مكنت العوام من الشعب من إتقان القراءة والكتابة تزامنا مع الوقت الذي لم يستطع فيه علية القوم وأشرافهم في أوروبا ذلك.

وأمر ببناء منبر تكلفته 36 ألف دينار من العاج والعود الهندي والأبنوس والصندل الأصفر والأحمر في عام 360 هجريا. كما استكمل بناء مدينة الزهراء التي بدأ هو بنفسه  الإشراف على بنائها في عهد أبيه، وأتم بناءها عامم 365 هجريا.و أصلح قنطرة قرطبة وأشرف على هذا بنفسه.

كان مهتمًا بالأساطيل البحرية وقام ببناء 300 سفينة في القاعة الرئيسية لسفن الأندلس لتكون جزءًا من الأسطول البحري العسكري للأندلس.

وفاته:  تعرض للمرض في ربيع الأول من السنة الهجرية 364 وظل مريضا حتى نهاية ربيع الآخر، وعندما تحسنت صحته، أعتق مائة عبد وألغى السدس من الديون عن رعاياه كشكر لله على شفائه. ثم أمر بأن يبايع رجال الدولة ابنه `هشام` في القصرة في أول جمادى الآخرة من السنة الهجرية 365.

عندما توفي الخليفة الأندلسي، تمت مراجعة العلة التي أودت به، وظل ابنه هشام هو الخليفة الثالث للأندلس، ولم يكن للخليفة الأولاد غير هشام وابنه عبد الرحمن الذي توفي وهو صغير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى