الخطاب الأول للملك سلمان في مجلس الشورى السعودي
افتتح الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خادم الحرمين الشريفين، أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى في مقر المجلس بمدينة الرياض، وألقى الخطاب الملكي السنوي في 23 ديسمبر 2015.
استقبال الملك
كان في استقبال الملك سلمان فور وصوله عدد مِن الأمراء وهم:
الأمير عبد الإله بن عبد العزيز آل سعود يعمل كمستشار لخادم الحرمين الشريفين
يشغل الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز منصب أمير منطقة الرياض
يشغل الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز منصب ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية
يشغل الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز منصب أمير منطقة المدينة المنورة
الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز هو ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف هو وزير الداخلية
الأمير عبد المجيد بن عبد الإله بن عبد العزيز
ورئيس مجلس الشورى: الشيخ د. عبدالله بن محمد آل الشيخ.
رئيس مجلس الشورى يستعرض إنجازات الملك
تحدث رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ عن إنجازات الملك على مختلف الأصعدة الداخلية والخارجية خلال هذا العام خلال كلمته الافتتاحية لأعمال السنة الرابعة مِن الدورة السادسة للمجلس. وكانت أهم الإنجازات التي تتطرق لها آل الشيخ هي: (ترابط الشعب السعودي، وإنجازاته في القطاع السكاني وذلك مِن خلال موافقته على نظام رسوم الأراضي البيضاء، والجهود التي بُذلت في موضوع سوريا، وفلسطين، وتطرق لدعمه لعملية عاصفة الحزم، وإعلان الرياض)
خطاب الملك سلمان
بعد أن أعتلى الملك سلمان المنصة الرئيسية في المجلس، وبعد تلاوة القرآن القرآن، وبعد أن ألقى رئيس مجلس الشورى كلمته ألقى الملك خطابه لأول مرة مُنذ توليه مقاليد الحكم في الثالث والعشرين مِن شهر يناير المنصرم مِن العام الجاري، حيث قام في خطابه باستعراض السياسة الداخلية، والخارجية للمملكة، وبدأ كلمته بـ:” بعون الله تعالى نفتتح أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى، سائلين الله سبحانه أن يبارك في الجهود، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، شاكراً لمجلسكم ما قام به من أعمالٍ وما اتخذه من قرارات” ثم أكد في خطابه على الأسس التي قامت عليها المملكة والتي تأسست على كتاب الله، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وأنها قد تشرفت بخدمة الحرمين الشريفين، وكًل من قصدها، وأنه ورغم كُل التقلبات الاقتصادية إلا أن المملكة شهدت تطوراً كبيراً وظل ذلك التطور والنماء في ارتفاع مُستمر، وبعد ذلك قام الملك سلمان بالإشارة مِن خِلال كلمته إلى اهتمام الدولة بالتنمية والمواطنين حيث أكد أن المواطن السعودي هو المستهدف الأول مِن التنمية، وانطلاقا مِن ذلك فقد واصلت المملكة اهتمامها بقطاعات الصحة، والتعليم، والإسكان، والتوظيف، والنقل، والاقتصاد، وغيرها حيث قال: ” إدراكاً من حكومتكم أن الإنسان السعودي هو هدف التنمية الأول، فقد واصلت اهتمامها بقطاعات الصحة والتعليم والإسكان والتوظيف والنقل والاقتصاد وغيرها، حيث قامت بتوفير الدعم غير المحدود لها سواء كان دعماً مادياً، أو بشرياً، أو حتى تنظيمياً، منوهاً إلى أن إعادة تنظيم أجهزة مجلس الوزراء جاءت دعماً لمسيرة تِلك التنمية.
أما عن السياسة الخارجية فقد أكد خادم الحرمين الشريفين على أن المملكة بقيت ثابتة على مبادئها، مُلتزمة بالمواثيق الدولية، ومدافعة عن القضايا العربية والإسلامية، وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم، وسعيها إلى توحيد الصف لمواجهة أي مخاطر أو تحديات تحيط بالأمتين العربية، والإسلامية.
نص الخطاب كاملاً
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
نرفع الصلاة والسلام على رسول الله وأهله وصحبه جميعًا
يسعدني افتتاح أعمال السنة الرابعة من الدورة السادسة لمجلس الشورى، واستغاثة المولى عز وجل لتوفيقنا في أداء الأمانة وتحمل المسؤولية بأكملها، لأنه السميع الجواب.
أيها الإخوة والأخوات:
يسرني خلال هذا الاجتماع أن أستعرض السياسة الداخلية والخارجية للمملكة، وأبرز التحديات والمستجدات في هذا الصدد، وأتطلع إلى التعاون معكم جميعًا لتعزيز المكتسبات ومعالجة المعوقات التي تساهم في تطوير وتحسين وطننا الغالي ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
إن رحلة التطور مستمرة بثبات منذ عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وأبنائه الأعزاء – رحمهم الله جميعا – وحتى اليوم الحاضر. ومن أبرز التزاماتنا العظيمة تقديم خدمة الحرمين الشريفين واستقبال الحجاج والمعتمرين والزوار. إنه التزام نفتخر ونعتز به، وقد عاهدنا الله تعالى على بذل كل جهد ممكن لتحقيق ذلك. ويأتي في هذا السياق اهتمام الدولة بتطوير وتوسيع الحرمين الشريفين.
أيها الإخوة والأخوات:
البرامج التنموية والتطوير التي نشهدها تستند إلى قيمنا الدينية والاجتماعية، وتهدف إلى حفظ الحقوق وتحديد الواجبات. نحن مصممون على مواصلة هذه البرامج في جوانب التنمية السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية. ولهذا السبب، وجهنا بإعادة هيكلة أجهزة مجلس الوزراء وإلغاء العديد من المجالس والهيئات واللجان، ونقل اختصاصاتها إلى مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. ومن خلال هاتين المجلستين، بإشراف ومتابعة مجلس الوزراء، ستستمر الجهود في تعزيز مسيرة التنمية، وتحقيق تكامل الأدوار وتحديد المسؤوليات والاختصاصات، ومواكبة التطورات، وتحسين بيئة العمل، وتعزيز أجهزة الدولة.
أيها الإخوة والأخوات:
لقد ساهم ارتفاع أسعار النفط في السنوات الماضية في تدفق إيرادات مالية كبيرة. حرصت الدولة على استخدام هذه الإيرادات لتنفيذ العديد من المشاريع التنموية الضخمة وتطوير البنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز الاحتياطي العام للدولة. بفضل الله، تمكنت بلادنا من تجاوز تداعيات انخفاض أسعار النفط دون التأثير على مسيرة البناء وتنفيذ خطط التنمية ومشروعاتها. ومن الجدير بالذكر أن اقتصادنا استمر في النمو الحقيقي، على الرغم من التقلبات الاقتصادية العالمية وانخفاض أسعار النفط. ويعود الفضل، بعد الله، إلى السياسات الاقتصادية المتوازنة والحكيمة التي تتبعها الدولة في ضبط الأوضاع المالية العامة والحفاظ على الاستقرار والتوازن بين الموارد والإنفاق على المشروعات التنموية الكبيرة في جميع القطاعات.
قد تمكنا ـ بفضل الله ـ من المحافظة على مستويات الدين العام التي لا تزال منخفضة مقارنة بالمعدلات العالمية، وتهتم المملكة بتنفيذ برامج لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل. وتركز رؤيتنا في الإصلاح الاقتصادي على زيادة كفاءة الإنفاق الحكومي والاستفادة من الموارد الاقتصادية وزيادة عوائد الاستثمارات الحكومية. وقد أوجبنا على مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وضع الخطط والسياسات والبرامج اللازمة لذلك. بلادنا، الحمد لله، هي بلد الخير والعطاء.
أيها الإخوة والأخوات:
تأتي خطة التنمية العاشرة التي بدأت هذا العام على أساس اقتصادي تنموي قوي ومتجاوب مع تطلعاتنا وأهم التحديات والتغيرات، وتهدف خطة التنمية إلى زيادة الناتج المحلي وتعزيز التنمية الاقتصادية الشاملة وتطوير القوى البشرية وزيادة معدلات التوظيف وزيادة الاستثمار في البنية التحتية. وسيقوم مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بمتابعة تنفيذ العمل وتحسين الأداء، وفي هذا السياق تم إنشاء المركز الوطني لقياس أداء الجهات الحكومية، وتم توجيه الوزارات والجهات الحكومية بتقديم توجهاتها ورؤيتها إلى المجلس بناء على توصياته.
كما أننا حريصون على تحسين السوق التجارية السعودية، وتكوين بيئة جاذبة للعمل والاستثمار للشركات الوطنية والأجنبية، وتبسيط الإجراءات وتسهيل الاستثمار في السوق السعودية، ولقد وجهنا بفتح نشاط تجارة التجزئة والجملة للشركات الأجنبية سعياَ لتنويع السلع والخدمات التي تقدم للمواطنين وتوفيرها بجودة عالية وأسعار تنافسية مناسبة، وفتح فرص جديدة للعمل والتدريب للشباب السعودي.
أيها الإخوة والأخوات:
ما زال القطاع الصحي يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لنا، حيث تتحمل الدولة مسؤولية توفير الرعاية الصحية الكريمة للمواطنين. وقد استمررنا في تقديم الدعم البشري والمالي لهذا القطاع، مما ساهم في تحسين جودة الخدمة المقدمة. نتطلع إلى مواصلة تطويرها، بما في ذلك توفير المزيد من الكوادر الطبية الوطنية عن طريق توسيع فتح الكليات الطبية والصحية وزيادة عدد المتدربين في التخصصات الطبية.
فيما يتعلق بالتعليم، حرصت الدولة على أن تكون أبرز استثماراتها في تنمية الإنسان السعودي، حيث وفرت جميع الإمكانات والمتطلبات اللازمة لرفع جودة التعليم وزيادة فاعليته، ورفع مستوى منسوبيه وإكسابهم المهارات المطلوبة. وفي هذا السياق، تم التركيز في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي على مواءمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، بحيث يسهم في سد الفجوة في بعض التخصصات، وخاصة في مجال الطب وغيره من التخصصات العلمية.
فيما يتعلق بقطاع الإسكان، يدرك الجميع الاهتمام والرعاية التي توليها الدولة لهذا القطاع والميزانيات الضخمة التي تخصصها له. توفر الدولة جميع أشكال الدعم اللازمة لتوفير سكن مناسب للمستحقين. تشجع الدولة الاستثمار في هذا المجال وتعزز دور القطاع الخاص كشريك مكمل لجهود الحكومة في تحقيق هذا الهدف. تسعى أيضا لتحقيق توازن بين العرض والطلب وتشجيع ملاك الأراضي على تطويرها والاستثمار فيها لسد الطلب المتزايد على السكن. وقد وافقنا على نظام رسوم الأراضي البيضاء بهدف تحقيق هذا الهدف.
يحتل هذا الموضوع مكانة متقدمة في أولويات الحكومة في مجال العمل والموارد البشرية، حيث قامت الحكومة بتحديث الترتيبات الإدارية والمالية وبرامجها لرفع كفاءة الأجهزة الحكومية وموظفيها. ومن بين برامج الحكومة في هذا الإطار، تم إطلاق برنامج لتنمية الموارد البشرية، وتأسيس هيئة توليد الوظائف لدعم التنسيق بين الجهات الحكومية والخاصة المعنية بسوق العمل وتعزيز المشاركة بينها، وتنمية القطاعات المولدة للوظائف واستثمار الميزة التنافسية في مناطق المملكة لهذا الهدف. كما أنشأت الحكومة الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والبرنامج الوطني لدعم إدارة المشروعات في الجهات العامة. وقد اهتمت الدولة بزيادة مشاركة المرأة في التنمية بما يتوافق مع تعاليم الدين الحنيف، وقد أظهرت المرأة السعودية كفاءتها وقدرتها على العمل في مختلف المجالات، بما في ذلك مشاركتها الفاعلة في الانتخابات البلدية الأخيرة.
وبالنسبة لقطاع النقل الذي هو عصب التنمية، ضخت الحكومة مبالغ كبيرة في سبيل توفير بنية الطرق في المملكة، واستمرت مشروعات النقل في التطور والتنوع، فزادت مشروعات الطرق بين مدن المملكة، واعتُمدت مشروعات قطار الحرمين ، ومشروعات الشركة السعودية للخطوط الحديدية، ومشروع الملك عبد العزيز للنقل العام بمدينة الرياض.
أيها الإخوة والأخوات:
نحن مجتمع إسلامي يجمعنا الاعتصام بحبل الله، والتمسك بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كعقيدة وشريعة ومنهج. فالشريعة الإسلامية تستند إلى الحق والعدل والتسامح وترفض أسباب الانقسام. لذلك، يدرك الجميع أهمية الوحدة الوطنية والتخلص من أسباب الانقسام وتفريق الصفوف والمساس بالروح الوطنية. فجميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، وعلينا جميعا المحافظة على هذه الوحدة ومواجهة أي دعوات شريرة وفتنة، بغض النظر عن مصدر تلك الدعوات ووسائل نشرها. وللوسائل الإعلامية مسؤولية كبيرة في هذا الصدد.
أيها الإخوة والأخوات:
قدمتم دعمًا كبيرًا للجهود المبذولة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية، وقد وجَّه مجلس الشؤون السياسية والأمنية بأن يقترح الخطط والبرامج والرؤى اللازمة لمواجهة هذه التحديات والمخاطر.
إن الأمن من أهم النعم التي تفضل الله بها على بلادنا وهو الركيزة في استقرار الشعوب ورخائها ، ولقد كان المواطن السعودي ولا يزال مستشعراً لمسؤوليته في هذا الشأن فهو رجل الأمن الأول وعضدٌ لقيادته وحكومته في دحر الحاقدين والطامعين ولن نسمح لكائن من كان أن يعبث بأمننا واستقرارنا.
أيها الإخوة والأخوات:
الإرهاب هو آفة عالمية اجتاحت العديد من الدول والشعوب، ولا ينتمي إلى دين أو وطن. وقد بذلت أجهزة الدولة الأمنية الشجاعة جهودا كبيرة في مواجهة الإرهابيين بكل حزم وقوة، ونجحوا -بفضل الله- في ملاحقتهم وتفكيك شبكاتهم وخلاياهم، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات أمنية استباقية ساهمت بشكل فعال في صد شرورهم وإحباط مخططاتهم. ونحن عازمون -بمشيئة الله- على دعم وتعزيز قدرات أجهزتنا الأمنية بكل الوسائل والأجهزة الحديثة التي تمكنهم من القيام بمهامهم ومسؤولياتهم على أكمل وجه، وهم مصدر فخرنا واعتزازنا.
لقد تعرضنا في المملكة لمأساة الإرهاب وسعينا وما زلنا نسعى بكل قوة وحزم لمحاربته، وللتصدي لأفكاره المتطرفة التي تستند إلى تعاليم الإسلام وتبرر تلك الأعمال، على الرغم من أن الإسلام بريء منها، وندرك جيدا أن محاربة الإرهاب والقضاء عليه واجب عالمي يهدد الجميع. وبناء على ذلك، تم تشكيل التحالف الإسلامي العسكري بقيادة المملكة لمحاربة الإرهاب، وتأسيس مركز عمليات مشترك في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية ضد الإرهاب، وتطوير البرامج والأدوات اللازمة لدعم هذه الجهود، وتوفير الترتيبات المناسبة للتعاون مع الدول الصديقة والمنظمات الدولية لخدمة الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب وصون السلام والأمن العالميين. والمملكة قد بذلت وستستمر في بذل كل ما في وسعها في هذا الصدد.
أيها الإخوة والأخوات:
إن المملكة العربية السعودية حريصة على الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية وفي مقدمة ذلك تحقيق ما سعت وتسعى إليه المملكة دائماً من أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس, وتؤكد المملكة أن ما فعلته قوات الاحتلال الإسرائيلية مؤخرًا من تصعيد وتصرفات غير مسؤولة من قتل الأطفال والنساء والمدنيين الأبرياء العزل، واقتحام المسجد الأقصى المبارك وانتهاك حرمته والاعتداء على المصلين لهو جريمة كبرى يجب إيقافها , كما يجب وضع حد لبناء المستوطنات الإسرائيلية وإزالة ما أنشئ منها وتناشد المملكة المجتمع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته واتخاذ التدابير الضرورية لحماية الشعب الفلسطيني من الممارسات العدوانية الإسرائيلية، التي تعد استفزازاً لمشاعر العرب والمسلمين كافة.
تأتي عملية عاصفة الحزم في إطار حرص المملكة على أداء واجباتها تجاه الدول الشقيقة ونصرتها. تشارك في هذه العملية عدد من الدول العربية والإسلامية، بناء على طلب من الحكومة الشرعية في اليمن، لإنقاذها من جماعة قامت بالانقلاب على الشرعية وأربكت أمنها واستقرارها. وتسعى هذه الجماعة للهيمنة وزرع الفتنة في المنطقة، وتهدد أمن دول المنطقة، وقد تهدد بشكل خاص المملكة. وتتبع هذه العملية توجهات إقليمية تسعى للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، عن طريق تحويل اليمن إلى مركز للصراع الطائفي والمذهبي. ويتعين على دول التحالف التعامل مع هذا الخطر الذي يهدد أمن اليمن وشعبه وأمن المنطقة العربية، ويعملون على استعادة الشرعية والاستقرار في اليمن، ومنع التهديدات التي تمثلها هذه الجماعة ومن يدعمها إقليميا. ويسعون لتحقيق استقرار المنطقة وسلامة أراضيها. وبعد ذلك، يأتي عملية إعادة الأمل وبرامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية للشعب اليمني، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. وذلك لمساعدته في تجاوز ظروفه وأوضاعه، واستعادة دوره الطبيعي على المستوى الإقليمي والدولي، وتحقيق الأمن والاستقرار في وطنه.
تدعو المملكة منذ بداية الأزمة وحتى الآن إلى حل سياسي وفقًا لمبادرة الخليج والحوار الوطني الشامل، وتأييد قرار مجلس الأمن رقم (2216).
كما أن موقف المملكة من الأزمة السورية واضح منذ بدايتها، وهي تسعى للمحافظة على أن تبقى سوريا وطناً موحداً يجمع كل طوائف الشعب السوري، وتدعو إلى حل سياسي يخرج سوريا من أزمتها ويمكّن من قيام حكومة انتقالية من قوى المعارضة المعتدلة، تضمن وحدة السوريين، وخروج القوات الأجنبية، والتنظيمات الإرهابية التي ما كان لها أن تجد أرضاً خصبة في سوريا لولا سياسات النظام السوري التي أدت إلى إبادة مئات الآلاف من السوريين وتشريد الملايين، وانطلاقاً من الحرص على تحقيق الأمن والاستقرار والعدل في سوريا استضافت المملكة اجتماع المعارضة السورية بكل أطيافها ومكوناتها سعياً لإيجاد حـل سياسـي يضمـن – بإذن الله – وحدة الأراضي السورية وفقاً لمقررات جنيف (1).
أيها الإخوة والأخوات:
في الفترة الماضية، عملنا على تعزيز وتطوير علاقاتنا مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة من خلال زياراتنا المتبادلة مع زعماء وقادة العالم. نحن نستمر في هذا المسار لتعزيز مكانة المملكة ودورها الإقليمي والدولي. في هذا السياق، استضفنا القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، وتم إصدار إعلان الرياض الذي أكد أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن المتعلق بالأزمة اليمنية ورفض أي تدخل خارجي في شؤون دول المنطقة وانتهاك ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حسن الجوار. كما أكد الإعلان أهمية احترام استقلال الدول ووحدتها وسلامتها الإقليمية وحل النزاعات بالطرق السلمية. وقد تضمن الإعلان أيضا الاعتراف بدولة فلسطين، بالإضافة إلى العديد من القضايا السياسية والاقتصادية التي تهم الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية.
كما شاركت المملكة في اجتماع قمة مجموعة العشرين الذي استضافته الجمهورية التركية في تأكيد على المكانة المرموقة والمهمة التي وصلت إليها بلادنا في خارطة الاقتصاد العالمي , ولقد أسهمت المملكة من خلال هذه القمة في خطط تطوير العلاقات الاقتصادية بين الدول وتذليل العقبات والمعوقات وتشجيع ودعم تدفق الاستثمارات، وتبادل الخبرات، ونقل التقنية وتوطينها، والتعاون في المجالات كافة , بما يعود بالنفع والفائدة على الجميع.
وفي إطار التنسيق المستمر مع أشقائنا قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كان انعقاد الدورة ( 36 ) للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض يومي 27 ـ 28 / صفر / 1437هـ التي قدمنا خلالها رؤيتنا لأصحاب الجلالة والسمو لتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك وتم إقرارها من قبل المجلس الأعلى وتضمنها إعلان الرياض، وما صدر عن هذه الدورة من قرارات شملت مختلف المجالات، آملين أن يحقق ذلك آمال وطموحات شعوب دولنا.
وفي مجال الطاقة استمرت المملكة في الاهتمام باستقرار السوق النفطية من خلال انتهاج سياسة متوازنة تراعي مصالح المنتجين والمستهلكين، وتضمن استقرار السوق وحماية مصالح الأجيال الحاضرة والقادمة، وهي حريصة على الاستمرار في عمليات استكشاف البترول والغاز والثروات الطبيعية الأخرى في المملكة، وآفاق اقتصادنا مبشرة ولله الحمد.
أيها الإخوة والأخوات :
إن دولتكم حريصة على الارتقاء بأداء أجهزتها بما يلبي تطلعات وآمال مواطنيها في المجالات كافة ، وهي تدرك أن أمامها العديد من التحديات إلا أنها عاقدة العزم بإذن الله على تجاوزها وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها، ونحن نقدّر ما يقوم به مجلس الشورى من أعمال وما يقدمه من آراء سديدة في الشأنين الداخلي والخارجي، ونتطلع إلى أن يستمر المجلس في ذلك بكل جدية وفاعلية.
وفقنا الله جميعاً لكل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مجلس الشورى السعودي
مجلس الشورى هو إحدى السلطات المحددة في النظام الأساسي للحكم، والذي يتم في المملكة الالتزام بحبل الله والتمسك بمصادر التشريع الإسلامي، ويهتم أعضاؤه بخدمة الصالح العام والحفاظ على وحدة الجماعة وكيان الدولة ومصالح الأمة. يتألف المجلس من ١٥٠ عضوا، حيث يجب أن يكون ٢٠٪ على الأقل منهم من النساء، ويجب أن يكونوا جميعا من أهل العلم والخبرة والاختصاص. تأسس هذا المجلس عندما دخل الملك عبد العزيز، مؤسس المملكة، مكة المكرمة في عام ١٩٢٤، وتم ترأس الجلسة الأولى في عام ١٩٢٧، حيث قال فيها: “علينا اتباع ما ورد في كتاب الله وسنة رسوله محمد، تنفيذا لأمره سبحانه وتعالى حيث قال: واستشيرهم في الأمر”، وأضاف “وحتى لو لم يكن من مصالح المجلس إلا إقامة السنة وإزالة البدعة، لكفاه.” مر المجلس بعدة مراحل حتى وصل إلى ما هو عليه الآن.
اختصاصات المجلس
يتميز مجلس الشورى في المملكة بتقديم الرأي والتوصيات بشأن السياسة العامة للدولة، والتي تُحال إليه من قبل رئيس مجلس الوزراء، ويتناول ذلك خصوصاً الموضوعات التالية:
مناقشة الخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، وإبداء الرأي نحوها، ودراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات و الاتفاقات الدولية والامتيازات واقتراح ما بشأنها. كذلك تفسير الأنظمة، ومناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى، و اقتراح ما يراه حِيالها.