السمات التي تميز الزخرفة بالعصر العباسي
يتميز فن الزخرفة في العصر العباسي بعدة خصائص، ويعد الزخرفة الإسلامية البارزة من بين هذه العناصر الزخرفية في العصر العباسي
- كانت العناصر النباتية من بين المصادر الرئيسية للإلهام للفنانين المسلمين.
- تتميز الزخرفة في العصر العباسي بالاهتمام بالابتكار في العناصر الزخرفية وتنوع عمق الحفر في الحشوات الخشبية، وهي واحدة من الخصائص التي تميز هذه الحقبة.
- اتجاه الفنانون المسلمون لتجريد العناصر واختصار العديد من التفاصيل، بحيث لا يتضح منها إلا الخطوط المنحنية أو الملتفة، وقد بدأت شخصية الزخرفة المجردة تظهر منذ بداية القرن التاسع الميلادي بالعصر العباسي، وخصوصًا في مدينة (سامراء) إلى أن وصلت إلى ازدهارها في القرن الثالث عشر الميلادي بالعصر المملوكي.
يذكر أن التجريد يشير إلى التخلص من النقل الحرفي ورفض المحاكاة للعناصر الطبيعية، وتحويل العناصر النباتية إلى أشكال تجريدية غير مطابقة للواقع، عن طريق استخدام أوراق نباتية دائرية الشكل وأشكال مختلفة من المراوح النخيل. وتميز الطراز العباسي بابتكار أشكال جديدة تحتوي على تفاصيل زخرفية رائعة.
الفنون الإسلامية في العصر العباسي
فترة الدولة العباسية في التاريخ الإسلامي بدأت من عام 750 واستمرت حتى عام 1258، وهي فترة مهمة تحتاج إلى الاهتمام بسبب ازدهار الفنون الإسلامية الزخرفية خلالها، حيث كانت مدن بغداد وسامراء المحاور الثقافية الرئيسية في العالم الإسلامي، وكانت الأعمال الفنية والعمارة مميزة في هذا العصر الذهبي من حيث الأسلوب والتأثيرات، وبالتالي تتميز الفنون الإسلامية في العصر العباسي بالصفات التالية
- الميول الأسلوبية
إن الفن العباسي الإسلامي تميز بوجود تصاميم الأرابيسك، وقد كانت تلك التصميمات هندسية ومتكررة، وتُميزها الدوامات والأشكال والخطوط، وقد بدأ الأسلوب في المنحوتات الجدارية أولًا في المساجد، القصور والمنازل، ومع تطور تصميم الأرابيسك انتشر ليصل للمزيد من المصادر للأعمال الفنية، مثل مواد الخشب، الفخار والمعدن، ولم يعد مقتصرًا على المنحوتات الجدارية، ولكن تم إنشاؤه بالطلاء والحبر والمنحوتات الخشبية.
- استخدام اللون
أصبح اللون عاملا هاما في الزخارف الإسلامية على الفخار العباسي الذي صنع في مدينة سامراء، حيث تزين الفخار باللون الأبيض ثم يدهن بالبريق، مما يجعل لون الفخار يشبه المعادن الثمينة مثل الذهب والفضة، ولأنها براقة جدا، بدت الأواني كأنها باهظة الثمن، لذلك أصبحت شائعة ومطلوبة وأساسا في الزخرفة الإسلامية
يجدر بالذكر أن الفن العباسي الإسلامي كان له تأثير على الحكام الأمويين في إسبانيا، ولذلك أبدوا اهتماما بتصاميم الأرابيسك واعتمدوها في هندستهم. قدم المبعوثون البيزنطيون العائدون من بغداد إلى القسطنطينية تقارير عن المساجد الرائعة، واقتبس البيزنطيون الأشكال الفنية العباسية في بناء القصور. كما أثرت الفنون الزخرفية الصغيرة أيضا، ومن المرجح أن السبب وراء ذلك يعود إلى إمكانية نقلها. تم تداول الأواني الزجاجية المصقولة والسيراميك، وبالتالي تأثرت الأساليب الفنية في مصر وإيران وإسبانيا. يعتقد أن السيراميك الذي نقل إلى إسبانيا كان له تأثير على صناعة السيراميك في العالم الغرب.
فن الأرابيسك في العصر العباسي
– “فن التصميم الذي يعرف باسم الأرابيسك كان الخاصية الفنية المميزة في جميع الفنون الإسلامية، ويشير مصطلح الأرابيسك إلى نمط نباتي يتميز بالتكرار الهندسي الذي ينتج عنه امتداد لا نهائي، وفيما يلي بعض المعلومات عن فن الأرابيسك في العصر العباسي
الجمال وراء الأرابيسك
كان المسلمون ولا يزالون يؤمنون بوحدة الله الكاملة والمطلقة، ولذلك قام الفنانون الإسلاميون بتطوير فن جديد لا يحتوي على أي تصوير رمزي لله، وعلى الرغم من ذلك، يؤمنون بأنه يمكن تمثيل شعور مجد الله في الفنون، ولذلك ولد الأرابيسك من خلال الأشكال الهندسية الدقيقة التي تبدو غير محدودة، حيث يلمح الفن الإسلامي إلى الكمال والطبيعة اللانهائية.
تطوير فن الأرابيسك
يعتقد أن الأرابيسك ابتكر في بغداد في القرن العاشر، عندما كانت الثقافة الإسلامية في أوجها. ومع انتشار الإسلام حول العالم، ظهر الأرابيسك في الفن والهندسة المعمارية الإسلامية في جنوب آسيا عبر الشرق الأوسط وإسبانيا. اشتهر الأرابيسك مرة أخرى في القرن التاسع عشر عندما أصبح الغرب مهتما بالعالم العربي، وحتى اليوم يستخدم الأرابيسك في الفن المعاصر لتحقيق الجمالية التقليدية.
الأرابيسك في الفنون التشكيلية
تم رصد فن الأرابيسك في غالبية فنون العمارة الإسلامية من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر، ثم حل الفن النباتي الصيني وأسلوب العثمانيين الساز محل الأرابيسك في القرن السادس عشر، وكذلك تم رؤية تصاميم الأرابيسك في المخطوطات والمنسوجات والأشياء الزخرفية، وعمل الفنانون على دمج جمالية الأرابيسك في فنون الخط، وهذا ما جعل الحروف ترتبط وتندمج مع الأنماط النباتية أيضا.
نماذج شهيرة من الأرابيسك
يتميز الجامع الكبير في دمشق، الذي تم بناؤه في القرن الثامن، بفن الأرابيسك كواحدة من الأعمال المعمارية الشهيرة.
الخزف الإسلامي في العصر العباسي
تلك السلالة العباسية التي تولت الحكم في عام 750 ميلادية هي التي جمعت بين المجتمعات العربية وغير العربية من خلال تطوير الثروة والتجارة. وبالإضافة إلى ذلك، أدت هذه الثروة والتجارة الجديدة إلى زيادة الإنتاج الفني، وخاصة في صناعة الخزف. ونتيجة لذلك، ظهر أسلوب خزفي مميز يمكن تعريفه تقنيا بأنه “إسلامي”. وقيل إن القطع الخزفية الأولى “الإسلامية” تحمل مستويات عالية من التأثير الصيني، واستخدمت فيها ألوان الكوبالت الأبيض والأزرق الكريمي، بالإضافة إلى الشكل المركزي المعروف بـ “ختم سليمان”، وهو شائع جدا في النمط الإسلامي الجديد.
كما أنه تم محاكاة الشكل والخزف الأبيض الكريمي للخزف الصيني، وكذلك تم صنع “وعاء السيراميك” العباسي عن طريق الخزافين العباسيين الأوائل من خلال استخدام “الصقيل القلوي تحت النار” خاصة من أجل التقاط تلك الخصائص الخزفية، وعلى الرغم من هذا، فإن ذلك العمل يكون إسلاميًا بصورة أكثر وضوحًا عن طريق استخدامه للخط الكوفي العربي.
يجدر بالذكر أن الخط الزخرفي في هذا السياق ليس مقروءا بالكامل، ورغم ذلك يمكن قراءته على أنه يحتوي على كلمة `محمد`، وقد يشير ذلك إلى نبي الإسلام أو ربما اسم الفنان الذي صنع القطعة الخزفية. ويمكن أيضا قراءة عبارة `استمتع بوجبتك` في النص، من خلال إدراج الخط الكوفي العربي. يجب ملاحظة أن هذه التأثيرات المتواجدة في هذا الخزف الصيني على الأرجح تم استيرادها إلى الإمبراطورية العباسية عن طريق التجارة، وتم دمجها في فن وهوية العالم الإسلامي.