الحقد و الحاقدين في الدين الإسلامي
يتمثل الإسلام في أنه دين الرحمة والتسامح، وهو دين قويم يهدف إلى تحسين وتنقية النفس البشرية، وبالتالي يعمل على وضع القواعد التي يتم عليها تنظيم العلاقات بين الناس .
الشخص الحاقد
الشخص الحاقد هو الشخص الذي تنظوي نفسه على عدد كبير من الصفات القميئة ، و من بينها الضغن و البغضاء و العداوة للناس و التربص للغير ، فضلا عن أنه يعتاد سوء الظن في الغير و يبالغ في انتقامه و حقده للآخرين ، و غالبا ما تنطوي نفسه على أمور باطنة غير التي يظهرها ، فالشخص الحاقد يكره الخير للناس و يتمنى زوال النعمة من الغير ليكون هو أفضل من غيره في كل شئ ، ذلك الأمر الذي يجعل الشخص يعاني من مرض القلوب كما وصف القرآن الكريم .
حقد المسلم على أخيه
الحقد هو مفتاح للعديد من الآثام ، حيث أنه يؤدي إلى المبالغة في الخصام و الفجر ، فالشخص الحاقد يجد نفسه يهتك ستر أخيه و يتتبع عورات الغير ، و غرضه من ذلك تتبع الزلات و الافتراء على الآخرين و تشويه صورتهم ، لدرجة أن الأمر قد يصل إلى التفكير في قتل الغير ، و الدليل على ذلك قوله تعالى حينما تحدث عن حال يوسف و إخوته حيث قال اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) ( سورة يوسف ) ، هذا إلى جانب أن النفس الحاقدة تعمل على ايقاع الآخرين في العديد من العثرات ، فضلا عن التحريض من أجل ارضاء النفس ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى ( قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ( سورة يوسف ) .
حكم الحاقد
تحدث العديد من المفسرين و الباحثين في علوم الدين عن حكم الحاقد ، فقيل أنه يختلف حسب سبب الحقد ، فإن كان حسد و حقد دون حق فبالطبع هذا سوف يكون مذموم حقا ، و ذلك لأنه يثير العداوة و الاضرار بالناس ، و قد ورد عند الكثير من المفسرين أن الحاقدين في زمام المنافقين ، هؤلاء الذين تحدث القرآن الكريم عنهم كثيرا ، فقيل أنهم في الدرك الأسفل من النار ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) ( سورة النساء ) .
الحقد على الظالم
وفقا للمفسرين، يعتقد أن عقاب الحقد الذي تم ذكره يتم توجيهه للشخص الذي يكن الحقد بدون سبب، ولكن الحقد على الظالم هنا يختلف عن ذلك. في هذه الحالة، يكون الشخص الحاقد مظلوما لا يمكنه الدفاع عن حقوقه ومحاربة الظلم الذي تعرض له. وفي هذه الحالة، لا ينظر إلى الحقد على أنه أمر مذموم شرعا، بل يتم ذكره في القرآن الكريم عندما يتمكن الشخص المظلوم من استعادة حقوقه. ويقال أنه لا ينتقم، بل يعفو ويصفح، ويستند ذلك إلى قوله تعالى: `ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل` (سورة الشورى، الآية 41) .
الحقد مع الأعداء
على غرار عادة الدين الإسلامي، لم يقتصر تنظيم العلاقات بين المسلمين على حدود الدين فحسب، بل تم تنظيم العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين أيضًا. وقيل إن من الطبيعي أن يكون خصوم المسلمين والإسلام حاقدين عليهم، في حين أن حقد المسلم على أعدائه في هذه الحالة ليس من الطبيعي .
– ذكر الكثيرين من المفسرين أن صفاء القلب هو السبيل للوصول إلى رضا الله ، و أن الحقد و البغض ليس إلا طريق قصير آخره النار ، و أن المؤمنين وصفوا في القرآن بأنهم نزع الغل من قلوبهم ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ (47) ( سورة الحجر ) ، و هذا هو شكل المسلمين في الجنة ، و من المفترض أن يكون شكلهم في الدنيا أيضا .