منوعات

الحرب الجزائرية المغربية ” حرب الرمال “

تقسيم الدول لن يأتي بين ليلة وضحاها ولكن جاء بعد حروب كثيرة دفع ثمنها الكثير من أبناء الوطن ، فليس هناك أشرس من حرب الرمال التي جرت بين المغرب والجزائر عام 1963م والتي تعتبر من أهم الحروب التي جرت في شمال إفريقيا آنذاك فالكل يحاول أن يدافع عن موقفه دون النظر إلى الأخر ، ولكن لهذه الحرب أسباب ونتائج لابد من التنويه عنها .

حرب الرمال :  يعتبر صراعا حدوديا بين المغرب والجزائر، وقع بعد عام من استقلال الجزائر. بدأت المشاكل الحدودية بين المغرب والجزائر، وتطورت إلى مناوشات ثم حرب استمرت لعدة أيام في المغرب. انتهت هذه الحرب بتدخل من الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية التي تمكنت من إيقاف إطلاق النار في عام 1964. ومع ذلك، تركت هذه الحرب توترا في العلاقات بين المغرب والجزائر، والذي يلاحظ تأثيره حتى الآن .

أسباب إندلاع حرب الرمال : في غياب رسم حدود واضح بين المغرب والجزائر، وعدم وجود اتفاقيات بهذا الصدد، تم الاعتراف بوجود المنطقة الحدودية بين البلدين كمنطقة جافة بدون منابع مائية وغير مأهولة، وبالتالي كان تحديد حدودها غير واضح. ومع ذلك، قررت الإدارة الفرنسية تحديد المنطقة الحدودية بين البلدين عام 1912 بأنها منطقة غير مأهولة وغير مهمة، لكن بعد اكتشاف مناجم الحديد والمنجنيز في هذه المنطقة، قامت فرنسا بتدقيق رسم الحدود وإدخال مناطق تندوف وكولومب بشكل رسمي ضمن المقاطعات الفرنسية للجزائر، ومن هنا بدأت المشكلات بين المغرب والجزائر، حيث طالب المغرب باستعادة السيادة على تلك المناطق، ولكن فرنسا لم تلتفت لمطالب المغرب .

لكن قدمت فرنسا نظاما إداريا جديدا يقترح إعادة هذه المناطق إلى المغرب، بشرط تأسيس شركة فرنسية مغربية في المنطقة المتنازع عليها. لكن محمد الخامس رفض هذا العرض وأقر بأن هذه المشكلة ستحل بين المغرب والجزائر بعد استقلال الجزائر عن فرنسا. وانتهى الأمر بتوقيع اتفاقية بين المغرب والجزائر لحل المشكلة الحدودية بينهما بعد استقلال الجزائر عن فرنسا. واقترحت فرنسا أيضا وقف دعم المغرب للثورة الجزائرية، حيث كان المغرب يزود الثوار في الجزائر بالإمدادات والأسلحة، ونجحت الجزائر في التخلص من الفرنسيين. ولكن بعد هذا الاستقلال، رفضت جبهة التحرير في الجزائر مطالب المغرب، على الرغم من الاتفاق المبرم بينهما قبل الاستقلال .

بداية حرب الرمال : زار ملك المغرب الجزائر وأدى ذلك إلى نشوب حرب إعلامية بين الدولتين، حيث اتهمت الجزائر المغرب بالتوسع في المنطقة، بينما اعتبر المغرب هذه الاتهامات مفتعلة وأنها جاءت من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي كان يدعم الأنظمة الإنقلابية ضد الأنظمة الملكية العربية، ولكن حزب الاستقلال المغربي رفض موقف النظام الجزائري، واندلعت حرب حقيقية بين المغرب والجزائر بسبب نشر خارطة للمغرب الكبير في عام 1963م تضم ثلث الجزائر، وشنت عناصر من القوات الجزائرية هجوما على منطقة حاسي بيضا وقتل عشرة جنود مغاربة، وبعد أن أرسل المغرب أكثر من وفد رسمي إلى الجزائر لوقف الهجمات، فشل التفاوض بين البلدين ووصلوا إلى حافة الحرب .

للأسف، لا ينوي أي من البلدين التراجع عن مواقفهما، بل زاد الضغط واندلعت مظاهرات بعض السكان، وتم تهدئة الأوضاع إلى حد ما في منطقة بشار، وفي الوقت نفسه، قام كل بلد بتعزيز القوات العسكرية الموجودة على حدودهما، ووصلت المواجهات بين المغرب والجزائر إلى طرد العمال المغاربة من الجزائر وكذلك طرد الجزائريين من المغرب، خاصة في مدينة وجدة، وانتهت الحرب في عام 1963م بفضل دور منظمة الأمم الإفريقية في وقف إطلاق النار بين البلدين بدلا من النزاعات المستمرة بينهما .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى