الحديث القدسي ” كذبني ابن آدم وشتمني ابن آدم ”
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: كذَّبني ابن آدم، ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا، وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوًا أحد» [حديث صحيح]
شرح الحديث:
وصف الله تبارك وتعالى الكفار والمشركين بالكذب والشتم لأنهم جاءوا بادعاءات وتهم باطلة ضده، وهو الخالق تبارك وتعالى، فاستنكر الله تبارك وتعالى هذه التهم والأكاذيب التي تنسب إليه
التهمة الأولى: أدعى الذين كفروا أنهم لن يبعثوا، قل: بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم، وذلك على الله أمر يسير. وضرب لنا مثلا ونسي خلقه، قال: من يحيي العظام وهي رميم؟ وهم يصفونه بالعجز وعدم القدرة على إعادة الخلق من جديد، واستنكروا البعث وإعادة الخلق. كيف يمكنهم استنكار ذلك وهو الذي بدأ الخلق من العدم؟ فكيف يكون من المستحيل عليه إعادته مرة أخرى؟ قال الله تعالى أيضا: وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض، وهو العزيز الحكيم. وهذا ما يعتبره الله تكذيبا في حقه، الذي تبارك وتعالى واسمه متنزه عن العيوب.
التهمة الثانية: {وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه ۖ بل له ما في السماوات والأرض ۖ كل له قانتون} [البقرة: 116]، {وقالوا اتخذ الرحمٰن ولدا ۗ لقد جئتم شيئا إدا ۚ تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ۚ أن دعوا للرحمٰن ولدا وما ينبغي للرحمٰن أن يتخذ ولدا} [سورة مريم: 88-92]، {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ۖ ذٰلك قولهم بأفواههم ۖ يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ۚ قاتلهم الله أنىٰ يؤفكون} [التوبة: 30]
وهذه هي الكذبة الثانية التي اتصف بها هؤلاء الكفار والمشركون والتي اعتبرها الله شتم له لما فيها تشبيه صريح لعزته وجلاله بالإنسان فقد وصف الكفار والمشركين رب العزة بأن له صاحبة أي زوجة وهي مريم ابنة عمران ووصفوه بأنه أنجب منها عيسى بن مريم ونسوا أن الله هو الذي قال في حق نفسه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سورة الإخلاص: 1-4]، فهو ليس كبقية البشر يتزوج وينجب هو الله تبارك وتعالى خالق الإنسانية وخالق البشرية بكيفية وذات يعلمها هو وحده وليس كمثله شيء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)} [سورة مريم: 35] وبجملة آيات في الكتاب العزيز ومن أصول التوحيد نفي الصاحبة والولد لله ومن خالف ذلك فقد كفر والعياذ بالله.