التوتر والإجهاد في مرحلة الطفولة يسرع من نمو الدماغ
تؤدي الإجهاد والتوتر في مرحلة الطفولة المبكرة إلى نمو أسرع لبعض مناطق الدماغ خلال فترة المراهقة، وعلى العكس من ذلك، فإن الإجهاد والتوتر الذي يحدث في مرحلة لاحقة من الحياة يؤدي إلى بطء نضج دماغ المراهق .
يتسبب التوتر والإجهاد في المرحلة الطفولة في تسريع نمو مناطق محددة في الدماغ
يؤدي الإجهاد في مرحلة الطفولة المبكرة إلى نمو أسرع لمناطق معينة من الدماغ خلال فترة المراهقة، وعلى النقيض من ذلك، فإن الإجهاد الذي يحدث في مرحلة لاحقة من الحياة يؤدي إلى بطء نضوج دماغ المراهق، وهذا بحسب ما توصلت إليه دراسة طويلة أجراها باحثون من جامعة رادبود، حيث تم رصد مجموعة من الأطفال لمدة 20 عاما تقريبا، وقد تم نشرت النتائج في مجلة ” التقارير العلمية ” في الخامس عشر من يونيو الجاري .
ما قام به الباحثون
في عام 1998 تم إجراء اختبار على مجموعة البحث، والتي كانت تضم حينها 129 طفلا في عمر سنة واحدة ووالديهم، وتم متابعتهم من قبل الباحثين على مدار العشرين عاما الماضية. قام الباحثون بدراسة عدة جوانب تتعلق بهم، مثل جلسات اللعب والتفاعل مع أولياء الأمور والأصدقاء وزملاء الدراسة. تم أيضا إجراء فحص بالرنين المغناطيسي للأطفال. استفادت كارين رويلوفس، أستاذة علم النفس المرضي التجريبي، والطالبة الدكتوراه آنا تايبوروسكا وزملاؤهم من جامعة رادبود من هذه الثروة من البيانات، للتحقيق في تأثير الإجهاد والتوتر على الدماغ في مراحل الحياة المختلفة للمراهقين .
بوضوح أكبر، يدرس الباحثون في هذا السياق تأثير النضج الدماغي، وخلال فترة المراهقة يخضع دماغنا لعملية تقليم طبيعية، حيث يتم تصفية الروابط السابقة بين خلايا المخ، مما يمكن من إنشاء شبكات أكثر فعالية وفائدة .
ضغوط الحياة المبكرة
قام الباحثون بإجراء تحقيق في نوعين من الضغوط – الأحداث السلبية في الحياة وتأثيرات سلبية من البيئة الاجتماعية – في مرحلتين من مراحل الحياة: الطفولة المبكرة (0-5 سنوات) والمراهقة (14-17 سنة). وربطوا هذه المستويات من الإجهاد بنضج قشرة الفص الجبهي واللوزة وقرن آمون، حيث تلعب مناطق الدماغ دورا هاما في التفاعلات الاجتماعية والعاطفية، ومن المعروف أنها حساسة جدا للتوتر والضغوط .
اكتشافات الباحثون
يبدو أن التوتر والضغط الناتج عن التجارب السلبية أثناء الطفولة، مثل المرض أو طلاق الوالدين، يرتبط بالنضج الأسرع لقشرة الفص الجبهي واللوزة في مرحلة المراهقة، ومع ذلك فإن الإجهاد والتوتر الناتج عن بيئة اجتماعية سلبية خلال فترة المراهقة، مثل عدم تقدير الأقران في المدرسة، يرتبط بنضج أبطأ لمنطقة الدماغ في قرن آمون وجزء آخر من القشرة المخية قبل الجبهية، وتقول آنا تايبوروسكا : ” للأسف في هذه الدراسة لا يمكننا القول بكل تأكيد أن التوتر يسبب هذه التأثيرات، ومع ذلك واستنادا إلى الدراسات التي أجريت على الحيوانات، يمكننا الافتراض بأن هذه الآليات هي بالفعل سببية ” .
فقدان المرونة
إن حقيقة أن الإجهاد والتوتر في مرحلة الطفولة المبكرة يسرع عملية النضج خلال مرحلة المراهقة، يتوافق مع نظريات علم الأحياء التطوري كما تقول آنا، حيث تقول : ” من المنظور التطوري فإنه يتم النضوج بشكل أسرع إذا كبرت في بيئة مرهقة، ومع ذلك فإن هذا يمنع الدماغ من التكيف مع البيئة الحالية بطريقة مرنة، وبعبارة أخرى يصبح الدماغ ناضجا في وقت مبكر جدا “، إلا أن الباحثين فوجئوا مع ذلك بأن الإجهاد الاجتماعي في مرحلة لاحقة من الحياة، يبدو أنه يؤدي إلى بطء النضج خلال فترة المراهقة، وما يجعل هذا مثير للاهتمام هو أن تأثير الإجهاد على الدماغ يزيد أيضا من خطر تطوير السمات الشخصية المعادية للمجتمع ” .
تقوم آنا الآن بإجراء الجولة الحادية عشرة من القياسات، مع مجموعة البحث التي وصلت الآن إلى العشرينيات من العمر، وتقول آنا : ” الآن بعد أن علمنا أن الإجهاد يؤثر على نضوج مناطق الدماغ التي تلعب أيضا دورا في التحكم في العواطف، يمكننا التحقيق في كيفية استمرار هذا التطور لاحقا في الحياة ” .
حول هذه الدراسة الطولية
بدأت دراسة Nijmeegse Longitudinale Studie (دراسة Nijmegen الطولية) في عام 1998، وتهدف هذه الدراسة إلى فهم تأثير تطور وأداء الأطفال في مختلف الأعمار بناء على تفاعلهم مع أولياء الأمور والأقران وكيفية تأثير ذلك على وضعهم وشخصيتهم. تتضمن مواضيع البحث الأخرى العلاقة بين الأم والطفل، والعنف، والسلوك الخطر. إن هذه الدراسة طويلة المدى هي واحدة من الدراسات القليلة جدا على المستوى العالمي .