التطبيقات التربوية لنظرية باندورا
نظرية التعلم الاجتماعي لالبرت باندورا
فكرة نظريات التعلم الاجتماعي تعني أن البشر يتعلمون من خلال المراقبة والتقليد للسلوك الذي يقوم به الآخرون، ووفقا لباندورا، فإن هذه الظاهرة تعتمد على التعلم من خلال الملاحظة، وبمعنى آخر، فإنه ليس شرطا على الشخص أن يمتلك خبرة مباشرة في شيء معين حتى يتعلم
ومن الجدير بالذكر أنه لكي يتم التعلم الذي يقوم على الملاحظة ليس من الضروري أن يكون هناك ملاحظات حية أي مشاهدة شخصًا حقيقيًا يقوم بتطبيق وفعل ذلك السلوك أو إظهاره، ولكن من الممكن أن يحدث التعلم أيضًا عن طريق مراقبة الشخصيات سواء أكانت حقيقية أم خيالية كالتي توجد في الأفلام، البرامج التلفزيونية وألعاب الفيديو وما مثل ذلك، ويمكن أن يتم التعلم الذي يقوم على الملاحظة كذلك من خلال إملاء التعليمات اللفظية أو الاستماع لشخص يقوم بوصف أو شرح كيف يتم عمل شيء ما.
التطبيقات التربوية لنظرية التعلم لباندورا
تعتقد باندورا أن جميع السلوكيات تتم تعلمها عن طريق التقليد الاجتماعي وليس عن طريق الوراثة، وفي بداية الستينيات من القرن الماضي، قام البرت بإجراء سلسلة من الدراسات التي ما زالت مشهورة حتى الآن وتعرف باسم تجارب دمية بوبو، والتي تسهم في تطوير نظريته التي نشرها في عام 1977، وكجزء من تلك التجارب، تعرض بعض الأطفال بشكل فردي لنموذج شخص بالغ يتصرف بعدوانية جسدية ولفظية تجاه دمية بوب.
عندما تركوا الأطفال يلعبون مع الدمية بوبو بشكل مستقل، قام الكثير منهم بتقليد وتنفيذ السلوك الذي لاحظوه من الشخص البالغ. تم تكرار هذه التجربة في وقت لاحق، ولكن في هذه المرة، تم مكافأة الشخص البالغ أو توبيخه على سلوكه السيء. أظهرت نتائج التجارب أنه يمكن للأطفال أن يتأثروا ويتعلموا من خلال مراقبة سلوك الآخرين. كما أشارت النتائج إلى أن السلوك الذي يتم مكافأته أو تعزيزه يميل إلى التكرار، في حين أن السلوك الذي يتم توبيخه لديه احتمالية أقل للتكرار.
عناصر نظرية التعلم الاجتماعي لبنادورا
حددت باندورا أربعة عناصر أو عوامل ضرورية لنجاح التعلم الذي يعتمد على الملاحظة، وهي عناصر نظرية التعلم الاجتماعي
- الانتباه: يجب أن يعمل الدرس على مشاركة الطالب بشكل كامل لجذب انتباهه.
- الاستبقاء: يجب على الطالب أن يكون قادرا على تذكر ما رآه أو سمعه.
- التكاثر: يجب إعطاء الطالب وقتا كافيا لممارسة السلوك الملاحظ.
- الدافع: ينبغي للتلميذ أن يمتلك القدرة على رؤية فوائد السلوك الجديد من أجل الاستيعاب طويل المدى.
ما هي العناصر الأربعة لنظرية التعلم الاجتماعي باندورا
حدد العالم باندورا أربعة عناصر لنظريته في التعلم، وفيما يلي شرح لهم
- الانتباه
لكي يتم ملاحظة السلوك وتكراره لاحقًا، ينبغي على المراقب الأول أن يلاحظ السلوك ويركز انتباهه عليه. وفي حال لم يلفت السلوك اهتمام المراقب أو أصبح مشتتًا، فمن المحتمل ألا يتم السلوك الاحتفاظ به لاحقًا.
- الاستبقاء
لا بد أن يكون المراقب لديه القدرة على أن يتذكر السلوك الذي لاحظه وكذلك تخزينه في الذاكرة حتى يتم الوصول إليه في وقت لاحق، حتى في حال تم تقليد السلوك بعد فترة قليلة من الملاحظة، فما يزال ذلك بحاجة إلى مهارات ذاكرة قوية، ومن الممكن أن تتأثر قدرة الطلاب على الاحتفاظ بعدد من العوامل.
- التكاثر
إن تكرار السلوك الذي تم ملاحظته سوف يعتمد على قدرة المراقب على إعادة تنفيذ السلوك وعلى ما إذا كان قد احتفظ بالسلوك بعد الملاحظة أم لا، وبالتأكيد فإن الاستبقاء ليس هو العنصر الوحيد هنا، ومن الممكن أن تؤدي القدرة الجسدية للشخص كذلك على الحد من قدرته على إعادة تنفيذ السلوك.
- الدافع
لضمان تكرار السلوك، يجب تحفيز المراقب لإعادة أداء مهمته، ويمكن أن يكون الدافع داخليا أو خارجيا، وتعتبر العقاب والتشجيع عوامل أساسية في التحفيز، حيث يزيد احتمالية تقليد المراقبين للسلوك الملاحظ عندما يؤدي إلى نتائج إيجابية.
يمكن أن يحدث الدافع عند ملاحظة مكافأة الآخرين على السلوك ذاته، ويمكن أن يكون الاكتفاء الذاتي للمراقب أو إيمانه بقدرته على إعادة إنتاج السلوك له تأثيرًا قويًا على الدافع.
كيف يمكن تطبيق نظرية التعلم الاجتماعي لبنادورا في الفصل
تطبق التطبيقات التربوية لنظرية التعلم الاجتماعي في المدارس وفي أماكن أخرى. وبالطبع، يرغب كل معلم في أن يكون طلابه أكثر نجاحا ويحصلوا على تعليم أفضل. ومن المهم أن يذكر أن الطريقة التي يتم بها التدريس والاستراتيجيات المعتمدة وبيئة الفصل الدراسي المتاحة لها تؤثر على عملية التدريس والتعلم. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن من خلالها الاستفادة من نظرية التعلم الاجتماعي لباندورا في الصف الدراسي
- السلوك
تعد الإدارة الجيدة للصف الدراسي مفتاح النجاح في التدريس والتعلم، حيث يمكن أن يحدث الفوضى بدونها مما يعوق المعلم والطلاب. ويمكن استخدام نظرية التعلم الاجتماعي لتعلييم السلوكيات المرغوبة في الصف عن طريق استخدام التعزيز الإيجابي والمكافأة.
على سبيل المثال، في الغالب سيكرر الطلاب الذين تم مدحهم لرفع أيديهم للتحدث هذا السلوك مرة أخرى، وستقوم زملاؤهم بالتقليد ورفع أيديهم بعد أن يلاحظوا أن السلوك أدى إلى نتيجة إيجابية، بينما سيكون الطالب الذي سيتم توبيخه بسبب أي سلوك غير مرغوب فيه أقل احتمالا لتكرار تلك السلوك، مثل أقرانه الذين يرغبون أيضا في تجنب النتيجة السلبية للتكرار.
- التعليم
قبل عرض أي مادة تعليمية للطلاب، من المهم أن يحصلوا على الاهتمام الكامل. إذ يعد الحفاظ على السلوك أو المعلومات التي يتم عرضها على شكل نموذج مفتاحا للتعلم الفعال والناجح. وبطبيعة الحال، يتعلم الطلاب بطرق مختلفة، ومن ضمن هذه الطرق هو استخدام مزج مختلف الأنشطة في الدرس لمساعدة الطلاب على الاحتفاظ بالمعلومات والسلوكيات. ومن الجدير بالذكر أن النهج متعدد الحواس في التعلم يساعد على زيادة الاستيعاب.
على سبيل المثال، يُمكن استخدام الوسائل المرئية في تدريس المادة لتعزيز المعلومات بصورة شفافة.
- تحفيز الطلاب
كما أوضح العالم النفسي ألبرت باندورا أهمية الملاحظة في تحقيق التعلم الناجح، يجب أن يشجع الطلاب على تكرار السلوك، وأشارت الدراسات إلى أن المعلمين العاطفيين والمتحمسين أثناء التدريس يمكنهم تحفيز طلابهم على التعلم من خلال محاكاة معلمهم، ووفقا لنظرية ألبرت باندورا وتطبيقاتها التعليمية، يمكن للمعلمين تحفيز الطلاب بوسائل خارجية مثل المكافآت والتعزيز الإيجابي، كما يمكن أن يساهموا في تعزيز الدافعية الذاتية وكفاءة الطلاب من خلال استخدام الإقناع اللفظي وتقديم التعزيز الإيجابي والتعليقات البناءة.