التشابه بين وعد بلفور و وعيد ترامب
في بداية الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر من العام الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وأثار القرار الأمريكي موجة من الانتقادات وردود الأفعال العربية والدولية الغاضبة.
ما يثير الدهشة هو أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاء في ذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور المشهور، الذي قام وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور بإصداره خلال فترة الاستعمار البريطاني، والذي وعد فيه اليهود بتأسيس وطن قومي لهم في فلسطين؛ وهذا ما جعل العديد من المحللين السياسيين يرى أن هناك تشابها بين وعد بلفور وإعلان ترامب.
ظروف العالم العربي السيئة مشتركة في الحالتين
1 – ومن بين التشابهات المهمة جدا بين وعد بلفور وقرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل وبين وثيقة بلفور، على الرغم من مرور مائة عام بين الوعد والنقل والاعتراف.
2- يوجد مشترك بين الحالتين وهو ظروف العالم العربي السيئة وعدم قدرته على الرفض والتحدي، فرغم أن وعد بلفور الخاص بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، كان ضمن مجموعة كبيرة صدرت لعدة أقليات وعرقيات في منطقة الشرق الأوسط مثل الأكراد في العراق، والأرمن في تركيا، والدروز والعلويين في سوريا ولبنان وغيرهم الكثير من الأقليات والإثنيات العرقية.
لم يتم تنفيذ الوعد المقطوع لليهود في فلسطين إلا بشكل وثيقة الانتداب البريطاني.
وأثناء إصداره للقرار، كان ترامب يعرف تمامًا اللحظة التاريخية المهمة التي يتجاوزها العالم العربي، والتحولات الخطيرة التي شهدها، وخاصة بعد ما سُميت بثورات الربيع العربي.
كلا الوعدين يعطّل كل حماية توفرها العدالة الدولية
قبل بضع سنوات، بدأت مجموعة من الباحثين في مجال الشأن والدراسات السياسية باستخدام مصطلح الاستعمار الاستيطاني بدلا من مصطلح الاستعمار للإشارة إلى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. اكتشف هؤلاء الباحثون أن المصطلح الجديد يعبر بدقة عن طبيعة المشروع الصهيوني وطبيعته الاستيطانية التي تقوم على سلب الهوية من الأصليين ومنحها للمستوطنين. يتشابه وعد بلفور وقرار ترامب في أنهما يتعارضان مع العدالة الدولية وحقوق السكان الأصليين.
الدعم من قوة خارجية عظمي
من التشابهات في الحالتين أن هناك قوة كبري تقف وراء كل من الوعد البريطاني، والقرار الإنجليزى، فقد كانت بريطانيا في وقت وعد بلفور هي الإمبراطورية ، وأمريكا اليوم هي القطب العالمي الأوحد، وذلك دون الوضع في الاعتبار حقائق التاريخ والثقافة والواقع الديموغرافي ، أنه السطو الذي يقوم به لص صغير ويقوم بحمايته رئيس العصابة.
تعطيل العدالة الدوليّة
يتمثل التشابه الثاني بين وعد بلفور وقرار الإدارة الأمريكية في عدم وجود الأخلاق الدولية والعدالة الدولية، التي تُعرف اليوم بالشرعية الدولية، والذي يشترك بين الوعد الإنجليزي والقرار الأمريكي هو عدم اعترافهما بالشرعية الدولية أو العدالة الدولية، وذلك لصالح الحركة الصهيونية .
تتم انتهاك القانون الدولي والعدالة الدولية بشكل يومي على يد قوى الاحتلال الاستيطاني، دون أن يتدخل القوى العالمية لوقف ذلك.
ما الذي تحتاجه القضية الفلسطينية
لتحقيق توازن القوى لصالح الفلسطينيين في القضية الفلسطينية، يحتاجون إلى الدعم الخارجي من شعوب العالم الحرة وكل من يؤمن بالحق والعدالة، حتى لو كان ذلك بتضحية الحياة .