الام والطفلتربية الابناء

التأثير السلبي للبيئة التنافسية عند الأطفال

الطفل والبيئة

يؤثر البيئة المحيطة بالطفل عليه بشكل كبير، إذ يتعلم ويلتقط نماذج من هذه البيئة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وتعد البيئة التنافسية بيئة سلبية تضغط على الطفل وتؤثر على نموه النفسي بشكل مباشر.

في مناقشة حول تأثير المنافسة على الأطفال، تنقسم الآراء لسنوات، حيث يعتقد بعض الأشخاص أنه يتعين تشجيع الأطفال على البقاء مستقلين في مجتمع التنافس الحديث، إذ يرون أنهم فيما بعد سيتنافسون على كل شيء من الوظائف والشركاء والمنازل.

يعتقد آخرون أن المنافسة قد تؤدي إلى الشعور بالإحباط وتضر بتقدير الذات، وتسبب الحسد والحقد، كما يمكن أن تحرم الأطفال من الاستمتاع بالأنشطة والرياضة لأنهم يركزون فقط على المنافسة والفوز، وهذايسلبهم من طفولتهم وشعور البراءة الذي يجعلهم يحزنون على نجاح الآخرين.

كيفية تأثير البيئة التنافسية الشديدة على نفسية وشخصية الطفل سلباً

يقول الكاتب الأمريكي ألفي كون، مؤلف كتاب “No Contest: القضية ضد المنافسة”، نشأ معظم الآباء وهم يعتقدون أنه بدون المنافسة، ستكون الجميع سمينين وكسالى ومتوسطي المستوى، وكنت أعتقد أن المنافسة كانت صحية وممتعة طالما كانت ضمن حدود معينة.

لا يوجد شيء يُسمى بالمنافسة الصحية، ففي ثقافة المنافسة يتعلم الطفل أن الأمر لا يقتصر على كونه جيدًا وإنما يجب عليه أن يهزم الآخرين، وكلما تعرض الطفل للمنافسة، زادت حاجته لها لكي يشعر بالرضا.

ولكن الفوز في المسابقة لا يشكل الشخصية، ولا يمكن للطفل أن يتفاخر به إلا لفترة قصيرة. وحسب المعتاد، لا يمكن للجميع الفوز في المنافسة، فإذا فاز أحد الأطفال، فلن يتمكن الآخر من الفوز. تجعل المسابقة الأطفال يحسدون الفائزين ويتجنبون الخاسرين.

من ناحية أخرى، التعاون أمر إيجابي للغاية، يتعلم الأطفال من خلاله التواصل بكفاءة، وأن يثقوا بالآخرين ويقبلوا أيضا من يختلفون عنهم. ويشعر الأطفال بتحسن عندما يعملون مع الآخرين بدلا من العمل ضدهم. وبالتالي، لا يعتمد ثقتهم على الفوز في مسابقة تهجئة أو مباراة دوري صغير.

يقولُ ديفيد ديسترُ من الاتحادِ الألمانيِّ لألعابِ القوى، إنَّ المسابقاتِ الرياضيةَ تكونُ ضارَّةً للأطفالِ عندما يتوقعُ من المشاركينَ القيام بأكثرِ ممَّا يمكنهم فعله، ويوضحُ أنَّه لاحظَ ذلك وبالتالي قاموا بتغييرِ تركيزِ ألعابِ القوى في جميعِ أنحاءِ البلادِ.

من خلال تصميم تخصصات جديدة في ألعاب القوى للأطفال، يمكن تكييفها بشكل خاص للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عامًا، حيث تتمتع مسابقات الفرق بالأولوية ويمكن للأطفال المشاركة في عدة تخصصات.

يُسمح لجميع الأطفال الذين يرغبون في المشاركة بالقيام بذلك ويمكنهم بكل فخر الحصول على شهادة لمشاركتهم معهم بعد حفل توزيع الجوائز، لطالما كانت مسابقات ألعاب القوى تحظى بشعبية لدى الأطفال، يريد الأطفال قياس أنفسهم ضد الآخرين في القوة والبراعة. منذ بداية العام عززنا هذا الدافع الفطري بهذا التنافس الجديد.

تشير إليزابيث مورلي، مديرة مختبر دراسة الطفل في تورنتو، كندا، إلى أن هناك العديد من المناسبات في الحياة التي يتعرض فيها الأطفال للخيبة ويتعلمون كيفية التعامل معها، ولذلك يحتاج الطفل إلى دعم في المسابقات والتنافس حتى يشعر الجميع بأنه فائز.

التنافس الإيجابي بين الأطفال

تقول جينيفر فيل، مؤسسة ومديرة تنفيذية في TrueCompetition.org، إن المنافسة الصحية تلهم الأطفال لبذل قصارى جهدهم وليس فقط لتحقيق النجاح.

– عندما يتنافس الطلاب، يصبحون أكثر فضولًا ويبحثون عن حلول بمفردهم ويتعلمون العمل مع الآخرين، ويسعون جاهدين للعمل بشكل أكثر مما يُطلب منهم، وتُعتبر هذه المهارات ضرورية للمواقف المستقبلية المحتملة للأطفال.

سواء كنت تتقدم للحصول على مكان للدراسة، أو تسعى للحصول على ترقية، أو تبحث عن علاج للسرطان، فإن قدرتهم التنافسية ستمنحهم ميزة مميزة تبني شخصيتهم، وهذا بشرط أن يكون التنافس صحي، ويقول جون تاور، مدرب كرة السلة للرجال، أستاذ علم النفس، جامعة سانت توماس، يمكن أن تكون المنافسة سلاحا ذا حدين للأطفال: في ظل الظروف المناسبة، حيث يمكن تعزيز القيم الإيجابية.

في ظل الظروف السليمة، يمكن أن يؤدي التنافس إلى بيئة إيجابية صحية، حيث يمكن للأطفال تلقي ملاحظات حول أدائهم وفرص التحسين، شريطة ألا يكون الفوز هو الهدف الوحيد أو الرئيسي، وأن يساعد الأطفال على التعرف على أنفسهم بشكل أفضل في المواقف الصعبة.

في ظل هذه الظروف يمكن أن تكون المنافسة درسًا قيمًا لأطفالنا لا يتعلمونه عادة في المدرسة. ولكن لسوء الحظ  فإن الموقف السائد في العديد من المواقف التنافسية، والذي يجب أن تفوز به بأي ثمن، يؤدي إلى ذلك أن دافع الأطفال يتأثر ويتجنبون أو يتخلون عن الأنشطة التي كانوا سيستمتعون بها.

من المهم أن يعمل المدربون والمعلمون وأولياء الأمور معًا لتعليم هذه الدروس المهمة حول المنافسة للأطفال، نتيجة لذلك يمكن لأطفالنا – سواء ربحوا أو خسروا – أن يتعلموا أن يكبروا وأن يكونوا مستعدين بشكل أفضل للحياة، والتي (مثل المنافسة) لها مستويات عالية ونكسات وفرص ثابتة للعب بشكل جيد مع الآخرين ومع المعارضين.

تعتبر المنافسة صحية للأطفال، إذ يحتاج الناس إلى قياس أنفسهم مقابل الآخرين. في بيئة تقدم الدعم للأطفال، يمكنهم تعلم قبول الهزيمة دون فقدان احترام الذات، ولكن يصبح الأمر غير صحي عندما يضطر الشخص للمنافسة أو يعتقد أنه يجب عليه الفوز لكسب حب أو مكانة داخل الأسرة.

يقول السير ديجبي جونز، وزير الدولة البريطاني السابق للتجارة والاستثمار، إن القلق على الصعيد الوطني بشأن السلامة يجب أن يكون الأولوية، والمواقف التي تتبناها لرفض المخاطر قد تؤدي إلى خلق جيل من الأطفال غير المستعدين بشكل جيد لعالم يواجه فيه المخاطر بشكل يومي.

يساعد تعليم الأطفال على المنافسة في الاقتصاد العالمي من خلال تعليمهم مهارات التفكير النقدي واتخاذ القرارات وحل المشكلات. بدون هذه المهارات، قد لا يكون بإمكان البلدان المنافسة في الاقتصاد العالمي. ويقدم مؤيدو أمريكا الشمالية حججًا بأن المنافسة تحسن التعلم واللياقة البدنية لدى المراهقين وتقلل من مخاطر ارتكابهم للجرائم.

ويقول ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني سابقاً، نحن بحاجة إلى تغيير العقلية القائلة بأنه “يجب على الجميع الحصول على جوائز” وجعل الأطفال يستمتعون بالرياضات التنافسية منذ سن مبكرة، وكذلك تعليم الأباء فكر الانضمام إلى النوادي الرياضية لمساعدة الأطفال على تحقيق أحلامهم، هذا هو السبب في أن مناهج المدارس الابتدائية في المملكة المتحدة تنص الآن على وجوب تقديم الرياضات التنافسية.

كيف ننمي التنافس الإيجابي بين الأطفال

يمكن للآباء تشجيع التنافس الإيجابي بين الأطفال عن طريق اتباع خطوات هامة

  • لا تقارن أطفالك بغيرهم

المقارنة بين الأطفال تزيد من مشاعر التنافس وقد تسبب أذى نفسياً للأطفال، فالتنافس بين الإخوة يؤدي إلى تدمير الود وإثارة الحسد والكراهية، وقد لا يستطيع الطفل أن يفرح بنجاح أخيه إذا لم ينجح هو أيضاً، لذا الحل هو تعويد الأطفال على التعاون والعمل الجماعي.

  • ناقش طفلك مع الهدف من المنافسة

إذا كنت تدرك تأثير البيئة التنافسية السلبي، فيجب أن تناقش طفلك بشأن أي شيء يحيط به أجواء تنافسية، وتجعله يدرك أن كل خطوة يخطوها هي تعلم، وأنه يمكنه أن يتعلم ويستمتع بالأخطاء التي يرتكبها ليصبح أفضل.

  • قدم الدعم والعطف لطفلك

لا تفرض على طفلك تقديم الدعم والحب فقط عند نجاحه، فهذا يجعله يفهم أن قيمته تتحدد بناءً على نجاحه فقط، وبالتأكيد هذه المشاعر مؤذية للطفل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى