البحث في السيرة النبوية عن موقف للرسول مع المعاهدين
موقف الرسول مع المعاهدين، يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم `وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين`، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم `أدبني ربي فأحسن تأديبي`، فكان النبي خلقه هو القرآن الكريم حيث الرحمة التي شملت المسلمين وغير المسلمين، وظهرت مواقفه الرائعة من خلال تعامله مع المعاهدين وحثه المسلمين على حسن التعامل معهم، وقال صلى الله عليه وسلم في ذلك `إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة`، وذلك حينما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد وطلب منه أصحابه الدعاء على المشركين.
مواقف متعددة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع المعاهدين
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: كان هناك غلام يهودي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه مرض. فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليزوره ويعوده، وجلس على رأسه وقال له: أسلم. فنظر الغلام إلى والده الذي كان بجانبه، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اطيع أبا القاسم (أحد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم)، فأسلم الغلام. وعندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الحمد لله الذي أنقذه من النار.
يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: `يا رسول الله، أحرقنا مزارعنا في ثقيف، فادع الله عليهم.` فقال النبي صلى الله عليه وسلم: `اللهم اهد ثقيفا.` وعن خالد بن الوليد رضي الله عنه يقول: `غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، وواجهنا اليهود. اشتكوا من أن الناس قد تسرعوا إلى مزارعهم.` فقال النبي صلى الله عليه وسلم: `ألا تحلون إموال المعاهدين إلا بحقها، وحرام عليكم الاستيلاء على الأبل الأنثوية وأفراسها وجمالها، وكل حيوان ذو ناب من السباع وكل طائر ذو مخلب.
روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل معاهدا لم يشم رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: “يا رسول الله، إن دوسا عصت وأبت، فادع الله عليها”. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم دوسا واتهم.
عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً)، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان).
نصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي -رضي الله عنه-
عن سهل ابن سعد رضي الله عنه قال: في يوم خيبر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: `سأعطي الراية غدا لرجل يفتح بيديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله`. وفي تلك الليلة، كان الناس ينازعون بعضهم البعض لمن سيحصل على الراية. فسئل عن علي، وقيل إنه يعاني من مشكلة في عينيه. فقام بتجاهله وبصق في عينيه ودعا له، فتعافى فورا كأنه لم يكن يعاني. ثم أعطاه الراية وقال: `قاتل حتى يصبحوا مثلنا`. وأمره بالتوجه إلى قومهم، ودعوتهم للاعتناق الإسلام وإبلاغهم بما يتوجب عليهم. ووالله! أن يهدي الله بواسطتك رجلا، فهذا أفضل بالنسبة لك من أن تمتلك الدنيا بأكملها.
موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثمامة بن أثال
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد، وحضر رجل يدعى ثمامة بن أثال من بني حنيفة، وربطوه بسارية من سواري المسجد. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال: “ما عندك يا ثمامة؟” فقال: “عندي خير يا محمد، إذا قتلتني فإنما تقتل دما، وإذا أحسنت فإنما تحسن لشاكر، وإذا رغبت في المال فسل ما شئت”. وتركه حتى اليوم التالي، ثم سأله مرة أخرى: “ما عندك يا ثمامة؟” فقال: “ما قلت لك إن أحسنت تحسن لشاكر؟” وتركه حتى اليوم الثالث، ثم سأله مرة أخرى: “ما عندك يا ثمامة؟” فقال: “عندي ما قلت لك”. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاق سراحه، وذهب إلى نجل قريب من المسجد واغتسل ثم دخل المسجد وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: “والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلى من وجهك، فأصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان دين أبغض إلى من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلى من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي، وإذا قامت خيلك بأخذي وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟” فبشره النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بأداء العمرة. وعندما وصل إلى مكة، قال له أحدهم: “أشهد أنك صبوت”، فقال: “لا، ولكني أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووالله لا يأتيكم من يمنحكم حبة حنطة حتى يأذن بها النبي صلى الله عليه وسلم.
هناك الكثير من المواقف التي تظهر أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم مع المعاهدين، والتي تؤكد حسن خُلقه وأنه لا يتكلم إلا بما يوحى إليه. ومن يدرس سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى لو كان غير مسلم، سيدرك هذه الحقيقة ويثق فيه.