الأوعية اللمفاوية في الدماغ وسيلة جديدة لعلاج التصلب المتعدد
يبدو أن الأوعية اللمفاوية في الدماغ تحمل رسائل مجهولة من الدماغ إلى جهاز المناعة، والتي تؤدي في النهاية إلى ظهور أعراض المرض. يمكن أن يوفر حجب هذه الرسائل طريقة جديدة لعلاج حالة مدمرة محتملة يعاني منها أكثر من مليوني شخص .
علاج جديد لمرض التصلب العصبي المتعدد
توصلت أبحاث جديدة من كلية الطب بجامعة فيرجينيا إلى أن الأوعية اللمفاوية التي تقوم بتنقية الدماغ من المواد الضارة تلعب دورا حاسما في تطور التصلب المتعدد، ويبدو أن الأوعية تحمل رسائل غير معروفة من الدماغ إلى الجهاز المناعي، الذي يؤدي في النهاية إلى ظهور أعراض المرض، وقد يوفر حجب هذه الرسائل طريقة جديدة للأطباء لعلاج حالة مدمرة محتملة تؤثر على أكثر من مليوني شخص، وتم اكتشاف هذا الأمر في مختبر باحثين في جامعة “يو في أي” الذين درسوا الأوعية اللمفاوية المحيطة بالمخ، وفي متابعة مثيرة، وجد الباحثون أن الأوعية تلعب دورا مهما ليس فقط في حالة التصلب المتعدد، ولكن على الأرجح في العديد من الأمراض العصبية الوراثية الأخرى، وفي التهابات الدماغ الخطيرة .
وقال الباحث أنطوان لوفو، من قسم علم الأعصاب في جامعة أوكلاهوما الأمريكية: `تشير بياناتنا إلى وجود إشارة تصل من الدماغ إلى الغدد اللمفاوية، تعلم الخلايا المناعية بالعودة إلى المخ، مما يسبب التصلب المتعدد، وهذا دليل مهم على أن استكشاف دور هذه الأوعية في اضطرابات عصبية مختلفة، بما في ذلك التصلب المتعدد، يستحق كل هذا العناء .
وقف التصلب المتعدد
تمكن الباحثون في جامعة كاليفورنيا، بقيادة الدكتور جوناثان كيبنس، من إبطاء تطور التصلب المتعدد في الفئران عن طريق استهداف الأوعية اللمفاوية المحيطة بالمخ. واستخدموا استراتيجيات متعددة لمنع الأوعية اللمفاوية أو تدميرها باستخدام ليزر دقيق، وأدى ذلك إلى نتيجة مماثلة، وهي انخفاض في عدد الخلايا المناعية المدمرة القادرة على التسبب في الشلل. وصرحت الباحثة جاسمين هيرز: `الفكرة هي منع المزيد من الضرر على نطاق واسع للجهاز العصبي. إذا كان التهاب الدماغ عبر الأوعية اللمفاوية هو السبب الأساسي لمرض التصلب المتعدد، فإن العلاجات التي تستهدف هذه الأوعية قد تكون هامة سريريا .
لا يزال الرسالة التي تؤدي إلى التصلب المتعدد غير مفهومة، ويمكن للباحثين أن يعرفوا أن الرسالة تم إرسالها وما هي تعليمات الجهاز المناعي للقيام بها، ولكنهم لا يعرفون بعد الآلية التي يستخدمها الدماغ لإرسالها. يقول لوفو: `أعتقد أن الخطوة التالية في هذا البحث هي تحديد طبيعة هذه الإشارة، وما إذا كانت إشارة خلوية أم جزيئية، ثم محاولة استهداف تلك الإشارة بشكل محدد`. أشار الباحثون إلى أن إزالة الأوعية لم تمنع التصلب المتعدد بشكل كامل، مما يشير إلى وجود احتمالية وجود عوامل أخرى .
الخلايا اللمفاوية في الدماغ
يقدم البحث الجديد نظرة مهمة على الأشعة فوق البنفسجية UVA ودور الأوعية اللمفاوية المرتبطة بالدماغ والجهاز المناعي. تعمل هذه الأوعية بشكل تام كما يتوقعه العلماء، تشابها تاما مع باقي الأوعية اللمفاوية في الجسم. قالت هيرز: “تعتبر الأوعية اللمفاوية السحائية صغيرة جدا بالمقارنة مع الأوعية الأخرى في الجسم. كنا نتساءل مع الآخرين عما إذا كان ذلك سيقيد حجم الأشياء التي يمكن أن تمر عبرها. خلال الالتهاب، لم تتغير هذه الخلايا بشكل كبير من حيث الحجم أو التعقيد، ولكن المثير حقا كان اكتشافنا أنها تسمح بمرور الخلايا المناعية الكاملة عبرها، وقد وجدنا الإشارات الجزيئية المسؤولة عن ذلك .
ومع ذلك، تسلط الأبحاث الحديثة في المختبر الضوء أيضا على التعقيد الذي يواجهه الأطباء عند محاولة التلاعب بالأوعية لصالح الصحة البشرية. على سبيل المثال، كان امتصاص الأوعية له فائدة في نموذج التصلب المتعدد، ولكن المختبر أظهر أيضا أن وظيفة الأوعية الصحية أمر حيوي للتخلص من مرض الزهايمر ومنع التدهور المعرفي الذي يصاحب تقدم العمر. وهذا يعني أنه من غير المرجح أن يكون إيقاف التصلب المتعدد بسيطا مثل منع التدفق داخل الأوعية. كما يشير إلى أنه قد لا يكون هناك نهج علاجي واحد يناسب كل اضطراب عصبي. ومع ذلك، فإن الاكتشاف الجديد يوفر للأطباء وسيلة جديدة ومثيرة لعلاج الأمراض العصبية .
قال كيبنس، رئيس قسم العلوم العصبية في جامعة UVA ومدير مركز BIG : “نتائج هذه الدراسة توضح دور الأوعية اللمفاوية التي تنقص الدماغ في مرض التصلب العصبي المتعدد، بالإضافة إلى بحثنا الحالي حول دورها في مرض الزهايمر، وتدل على أن الدماغ وجهاز المناعة يتفاعلان بشكل وثيق، وعندما تفشل هذه التفاعلات يظهر المرض، ولذلك فإن فكرة أننا قادرون على التغلب على الاضطرابات العصبية الكبرى عن طريق التلاعب العلاجي للهياكل المحيطة، مثل الأوعية اللمفاوية، هي أمر مهم نأمل أن يحسن حياة المرضى في يوم ما .