الأحاديث الواردة في صيام عاشوراء
ما ورد في فضل صيام عاشوراء
يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم، وهو من الأيام التي يستحب صيامها عند جمهور العلماء، وذكر الصحابة أنه من السنن المؤكدة، وذلك بسبب الأحاديث التي توضح فضل يوم عاشوراء، حيث قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إن صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية، ولقد روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله
ويُعدّ صوم هذا اليوم من فضل الله علينا لأنّه يعطينا الفرصة الكبيرة للتكفير عن ذنوبنا لعام كام في صيام واحد فقط وهو يوم عاشوراء، لذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم عاشوراء؛ وفضله ومكانته وفقد ورد عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ. ” رواه البخاري 1867، ومعنى يتحرى أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.
يرجع سبب صوم النبي صلى الله عليه وسلم وحثه للناس على صوم يوم عاشوراء إلى ما رواه البخاري (1865) عن ابن عباس رضي الله عنهما، حيث عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم عن هذا الصوم فأخبروه أنه يوم صالح ويوم نجى الله به بني إسرائيل من عدوهم، وأن موسى صامه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “فأنا أحق بموسى منكم” وصامه وأمر بصيامه
قوله : – يوم عظيم أنقذ الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه، وهو يوم صالح وفق رواية مسلم، وزاد مسلم في روايته أن موسى صام في ذلك اليوم شاكرا الله تعالى، وأمر بصيامه. وأيضا ذكر في رواية للبخاري أنه قال لأصحابه: “أنتم أحق بموسى منهم فصوموا”. وقد ذكر أيضا قصة يوم عاشوراء
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يوم العاشر من شهر محرم يوما كانت قريش تصومه في الجاهلية، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصومه أيضا، وعندما وصل إلى المدينة النبوية، صامه وأمر الناس بصيامه، ثم عندما فرض صيام شهر رمضان، قال: “من شاء صامه ومن شاء تركه” وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم، وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: “إن هذا يوم العاشر من محرم، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم فمن شاء صامه ومن شاء فليفطر” وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم.
يتطلب تكفير الذنوب الصغيرة بصيام يوم عاشوراء، أما الذنوب الكبيرة فتحتاج إلى توبة خاصة
قال النووي رحمه الله : يعني: يكفر الصيام في يوم عرفة جميع الذنوب الصغيرة، ويغفر له ذنوبه كلها باستثناء الكبائر. وقال رحمه الله: صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين، وصيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة، وإذا تزامن صيام يوم عرفة مع تأمينه من الملائكة، يغفر له ما تقدم من ذنبه. إذا كان هناك ذنوب صغيرة يحتاج إلى تكفير، تكفر بالصيام في يوم عرفة أو يوم عاشوراء. وإذا لم يوجد ذنوب صغيرة أو كبيرة، يكتب للصائم حسنات ويرفع به درجاته. ويكفر الطهارة والصلاة وصيام رمضان ويوم عرفة ويوم عاشوراء للذنوب الصغيرة فقط، وفقا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
مراتب صيام عاشوراء
ورد في المسند للإمام أحمد والسنن للبيهقي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: `صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود فصوموا قبله يومًا وبعده يومًا`، وفي رواية للإمام أحمد وابن خزيمة: `صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده`.
وبناء على هذا القول وغيره، فإن مراتب صيام يوم عاشوراء تكون ثلاثة، حيث قال ابن القيم: (فمراتب صومه ثلاثة: الأكمل: أن يصام قبله يوما وبعده يوما، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر، وعليه أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصيام. أما إفراد التاسع، فمن نقص في فهم الآثار، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشرع) زاد المعاد لابن القيم، وكما ذكر ابن حجر هذه المراتب في كتابه “فتح البار.
عن الحكم بن الأعرج قال: أتيت إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو جالس ومتوسد رداءه بجوار زمزم، وقلت له: أخبرني عن صيام عاشوراء، فأجاب: `إذا رأيت هلال المحرم فأعدد، وصُم يوم التاسع،` فقلت له: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه؟ فأجاب: `نعم`
هذا الحديث يشير إلى أن عاشوراء هو التاسع من شهر المحرم
ومع ذلك، أجاب ابن القيم رحمه الله في “الزاد” (2/75) عن هذا بقوله: “إذا نظر الشخص إلى مجموع روايات ابن عباس، سيتضح له حلول الشكوك ووفرة علم ابن عباس. فإنه لم يحدد يوم عاشوراء كيوم التاسع، بل قال للسائل: اصمت يوم التاسع، مكتفيا بمعرفة السائل بأن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر الذي يحتسبه الناس جميعا كيوم عاشوراء. وأوجه السائل لصيام التاسع معه، وأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه كذلك
فإما أن يكون فِعل ذلك هو الأولى، وإما أن يكون حمل فعله على الأمر به، وغرق عليه في المستقبل، ويدل على ذلك أنه هو الذي روى: “صوموا يوماً قبله ويوماً بعده” ، وهو الذي روى: أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بصيام يوم عاشوراء يوم العاشر. وكل هذه الآثار عنه يصدّق بعضها بعضاً، ويؤيد بعضها بعضاً”.
قلت: تقدم أن حديث ” صوموا يوماً قبله ويوماً بعده” لا يصح مرفوعاً، وقال في “تهذيب السنن” (3/324) – عن قوله هكذا كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصومه -: “وصدق رضي اللَّه عنه ، هكذا كان يصومه لو بقي.
استحباب صوم يوم آخر معه مخالفة لأهل الكتاب
وقد شرع لنا الله عزّ وجلّ أن نخالف أهل الكتاب من خلال صيام يوم قبله، فقد ورد في مسند أحمد، أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال: (لئن سَلِمْتُ إلى قابلٍ لأصومَنَّ التاسعَ، يعني عاشوراءَ)، فلم يأت العام التّالي إلاّ قد توفّي النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد جاء الأمر بصيام يوم قبل يوم عاشوراء ويوم بعده.
صيام يوم عاشوراء ليس مشابها لأهل الكتاب، لأننا كمسلمين نتبع السبب الذي اتبعوه وهو صحيح شرعا، بينما هم استوفوا السبب وهم كفار، وبالتالي لا ينفعهم في شيء. قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `كان أهل خبير يصومون يوم عاشوراء، يتخذونه عيدا ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم، فصوموه أنتم`، وهكذا نحن نصومه.
وقد أفاد العلماء أن صيام عاشوراء وحده مكروه، وبعضهم قال إنه جائز، واختار شيخ الإسلام أن صيام عاشوراء وحده ليس مكروها، ومن الواضح أنه ينبغي أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده، ولا يجب أن يصومه وحده. ولكن إذا لم يتمكن الشخص من صيام عاشوراء إلا بمفرده، ففي هذه الحالة يمكن أن نقول إن الكراهية تتلاشى بسبب الحاجة. وأما بدون حاجة، فلا ينبغي صيامه وحده. وهذا رواية ابن عباس لبعض أحاديث صيام يوم عاشوراء، يصوم يوما قبله ويوما بعده إلى جانب صيام يوم عاشوراء.
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بصوم يوم عاشوراء وحثنا عليه وتعاهدنا فيه، ولكن عندما فرض صيام رمضان لم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ولم ينهنا عنه، ولم نتعاهد فيه. هذا ما أخرجه مسلم وأحمد وابن خزيمة.
دعاء يوم عاشوراء
لم يأت عن الرسول صلى الله عليه وسلم دعاء مخصص ليوم عاشوراء، بل يستحب أن يكثر المسلم في الدعاء بما يريد في هذا اليوم، ومن أفضل الأدعية في يوم عاشوراء ما يلي:
- سبحان الله ملء الميزان ومنتهى العلم ومبلغ الرضا وزنة العرش، لا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه، سبحان الله عدد الشفع والوتر وعدد كلماته التامات كلها، أسألك السلامة كلها برحمتك يا أرحم الراحمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهو حسبي ونعم الوكيل نعم المولا ونعم النصير، وصلى الله تعالى على نبينا خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين
- يتم تمجيد الله وحمده، والاستغفار منه والتوبة إليه، والتأكيد على أنه هو الإله الواحد لا شريك له، وتمجيده على أنه الحي الذي لا إله إلا هو، والتمني لعدم حرماننا من رحمته، يا رب العالمين.
- يا الله، امنحنا الخير في الدنيا والآخرة، واحفظنا من عذاب النار. يا الله، إني ظلمت نفسي بظلم كبير، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فارحمني واغفر لي من عندك.
- يا ربنا، لا تزيغ قلوبنا بعد الهدي الذي منحتنا إياه، ومن فضلك واحسنة لنا رحمة، إنك أنت الواهب. لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين. اللهم، يا من يفك الكرب، ويا من يخرج من الضيق يوم عاشوراء، ويا من يجمع شمل يعقوب يوم عاشوراء، ويا من يغفر ذنب داود يوم عاشوراء، ويا من يزيل مشقة أيوب يوم عاشوراء، ويا من يسمع دعاء موسى يوم عاشوراء، ويا من يسمع دعاء موسى وهارون يوم عاشوراء، ويا من خلق روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حبيبك ومصطفاك يوم عاشوراء، لا إله إلا أنت سبحانك، ارض حاجتي في الدنيا والآخرة، وأطل عمري في طاعتك ومحبتك ورضاك، وأحيني بحياة طيبة وتوفني على الإسلام، وصل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.