اكتشاف آثري جديد في منطقة تبوك على يد مبتعث بجامعة يورك البريطانية
سوف تستمر المملكة العربية السعودية مليئة بالتاريخ المليء بالإنجازات على مر السنين. فقد شهدت مرور كل الحضارات واستقرت فيها. وتركت تلك الحضارات العديد من المعالم الأثرية التي أصبحت اليوم مصدر جذب للسياح من جميع أنحاء العالم لمشاهدتها، إذ تعد هذه المعالم شواهد للحضارات على مر التاريخ. استضافت المملكة تاريخ الممالك العربية قبل الإسلام وخلال العصر الإسلامي في جميع فتراته. وقد أنعم الله عليها بتنوع بيئاتها الطبيعية المختلفة التي تمنحها مكانة وجاذبية سياحية أكبر. ولا يزال الطريق مفتوحا أمام المستكشفين وعلماء الآثار في المملكة، حيث لا يزال هناك تاريخ غني بالمعالم الأثرية في جميع أنحاء المملكة يتم البحث عنه حتى الآن. فقد تم اكتشاف منشأة أثرية قديمة في شمال غرب منطقة تبوك، وقد أهتم قسم الباحثين في قسم الآثار بجامعة يورك بدراستها. فما هي قصة هذه المنشأة التاريخية؟ ومن هو المكتشف؟
ما هي طبيعة المنشأة الأثرية التي تم اكتشافها في منطقة تبوك؟
تمكن باحثون في قسم الآثار بجامعة يورك البريطانية من اكتشاف منشأة معمارية قديمة في شمال غرب منطقة تبوك، ويعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث، أي قبل ثمانية آلاف سنة من الميلاد، وتم إجراء التحاليل المخبرية عليها باستخدام تقنية (C14 Beta Analy Inc) في ولاية فلوريدا الأمريكية، وتبين أنها من أهم المواقع الأثرية القديمة التي تحتضنها المملكة على مر الزمان.
وهذه المنشأة عبارة عن تل أثري كبير يبلغ ارتفاعه خمسة أمتار، والذي يتكون من مساكن قد شيدت قبل ثمانية ألاف سنة قبل الميلاد بأشكال وغرف متلاصقة بواسطة الحجر، وقد تم بناءه أيضا بدون مونة وهي تقنية تؤكد على نقل حضارية كبيرة من البناء بالشكل الدائري إلى شكل المستطيل أو المربع .
وتبين أن سمك الجدران ما بين 30 إلى 40 سم في صفين من الحجر، وهناك جدران قد بنيت بشكل صف واحد وكان سمكها ما بين 30 إلى 40سم، كما تضمنت بعض غرف هذه المنشأة كميات كبيرة من الأدوات الحجرية القديمة ذات الترقيع المموج والأنصال والأشكال الهلالية، كما عثر على بقايا مجارش ومدقات ومواد عضوية كعظام الطيور، وتقدّر أبعاد مساحة المنشأة المعمارية بـ (900م × 100م) وهي من المواقع الأثرية النادرة في العالم.
أسرار وراء تلك المنشأة المعمارية
توضح الحفريات في هذا الموقع أن المساكن تعرضت لتعديلات وإضافات في الوحدات السكنية، وهذا يشير من الناحية العلمية إلى وجود مرحلتين معماريتين مختلفتين في هذا المبنى. وهذا يعني أن المبنى يحمل العديد من الأسرار، خاصة مع الأبحاث التي تشير إلى أن الإنسان البدائي استوطن الجزيرة العربية بشكل واسع، حيث تشير الأدلة إلى وجود منشآت تعود إلى العصر الحجري القديم في الجزيرة العربية قبل حوالي 200 ألف سنة، بالإضافة إلى العصر الحجري الحديث قبل 10 آلاف سنة.
من هو اكتشف هذه المنشأة المعمارية
قد تم اكتشاف هذه المنشأة المعمارية النادرة على يد المبتعث من جامعة الملك سعود لدراسة الدكتوراه في قسم الآثار بجامعة يورك خالد بن فايز الأسمري والذي يحضر رسالته العلمية الخاصة بتلك المنشأة المعمارية التاريخية والتي تبعد عن مدينة تبوك 80 كيلومتراً في الاتجاه الشمالي الغربي، وتحمل الرقم الأثري (200 – 104)
وقد أشارت نتائج تلك الدراسات على نتائج مبشرة بالخير ومساعدة لجامعة يورك البريطانية لمزيد من النجاح الخاص بالاكتشافات الأثرية ، فلقد عرفت جامعة يورك بأنها من الجامعات المعروفة على المستوى العالمي اهتماما بمجال الآثار حيث يعد قسم الآثار بها من أفضل الأقسام على مستوى المملكة المتحدة لأنه يمد الطلاب بكل ما يحتاجون إليه من أساليب للدراسة بالإضافة إلى استخدام التقنيات الحديثة من مختبرات وأجهزة تحليل مواد أثرية متقدمة تساعد في التعمق في مجال المنشأة المعمارية.
ومن الجدير بالذكر أن جامعة يورك البريطانية تحظى بوجود نحو 70 مبتعثا ومبتعثة من المملكة حيث يصل عدد أسرهم إلآ أكثر من 150 سعوديا يعيشون في مدينة يورك، ويدرسون تخصصات مختلفة هي (علوم الحاسب الآلي، العلوم الطبية، اللغويات والتعليم، الآثار، المحاسبة، الهندسة الإلكترونية وتقنية النانو).