اكتشافات علم الفلك اليوناني القديم
قدمت الحضارة الإغريقية القديمة مجموعة واسعة من الإنجازات والاختراعات والاكتشافات. وعلى الرغم من تطور بعض هذه الاكتشافات والاختراعات لاحقا، إلا أن الإغريق القدماء قدموا اكتشافات هامة في العديد من المجالات المتنوعة، سواء في علم الفلك والجغرافيا أو حتى في الرياضيات، وأصبحوا علماء وروادا في تلك المجالات .
الحضارة الإغريقية القديمة
كان الإغريق يهتمون بالأشياء العلمية وكل ما يخص العالم المادي إلى القرن السادس قبل الميلاد ، وقد تم وصف الإغريق على إنهم آباء العلوم والطب وكثير من المجالات ، حيث أن علماء الإغريق وانجازاتهم في المجالات كانوا سببا في إقبال العديد من المثقفين الآخرين على الاهتمام بمثل هذه الأشياء في التاريخ .
هناك الكثير من القصص التاريخية التي كتبها المؤرخ الكبير هيرودوت، ومن خلال هذه القصص نتعرف على رؤية وظروف الإغريق للعالم في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد. حيث استطاعوا معرفة الكثير عن تلك الحضارات. يظهر لنا من ذلك أن تطور الإغريق في العلوم المختلفة كان سريعا جدا في فترة زمنية قليلة للغاية، وكانوا يعتمدون فقط على ما يرونه .
يقول المؤرخ هيرودوت إن البحر الأحمر يحيط بقارة أفريقيا من جميع الجهات، وتعرف على ذلك عن طريق حديث البحارة الفينيقيين الذين أرسلوا من قبل الملك المصري نيكو الثاني حوالي عام 600 قبل الميلاد لاستكشاف قارة أفريقيا، وكانت رحلتهم تبدأ بالبحث عن البحر الأحمر .
تعتبر هذه الرحلة أقدم رحلات الاستكشاف حول قارة أفريقيا، وقد استأنفت هذه الرحلة مسيرتها لعدة سنوات. قام البحارة برحلتهم باتجاه الجنوب ثم باتجاهات أخرى، ومن خلال ذلك، تمكن هؤلاء البحارة من اكتشاف أن الشمس تشرق من الجهة اليمنى، أعلى من الشمال، مما أحدث حيرة لديهم وجعلهم يتساءلون عن السبب، حيث أنهم لا يعرفون أن الأرض كروية الشكل .
اكتشافات الإغريقيين القدماء في الفلك
دوران الكواكب حول الشمس
حدث تطور كبير وسريع بين العامين 310 إلى 230 قبل الميلاد، حيث قال العالم الإغريقي “أريستارخوس الساموسي” أن الشمس هي المركز الناري لهذا الكون، وعمل على ترتيب الكواكب المعروفة في ذلك الوقت وفقا للبعد المتناسب مع الشمس .
وتعتبر فكرة ترتيب الكواكب من أقدم النظريات التي تشير إلى مركزية الشمس في التاريخ ، وعلى الرغم من أن هذا الاكتشاف كان هام جدا ، إلا أن الأوراق الأصلية البحثية التي تخص هذا الاكتشاف قد تلاشت في القضايا التاريخية ، لهذا السبب لم نتمكن من أن نعرف طريقة اكتشاف العالم “أريستارخوس الساموسي” لهذه المسألة التي تخص الشمس ومركزيتها .
أكد أن الشمس أكبر من الأرض والقمر ولذلك وضع في مركز المجموعة الشمسية، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن البشر من اكتشاف مثل هذا الأمر حتى القرن السادس عشر عندما قام العالم نيكولاس كوبرنيكوس بتوضيح أهمية اكتشافات العالم أريستارخوس في بحوثه .
حجم القمر
يعد كتاب “أحجام الشمس والقمر وبعدهما عن الأرض” واحدًا من أهم الكتب لعالم “أريستارخوس” الذي حقق نجاحًا كبيرًا في التاريخ، حيث تم في هذا الكتاب اكتشاف أول محاولات لقياس الأحجام بطريقة نسبية لكل من كوكبي الشمس والقمر .
لاحظ الإغريق أن الشمس والقمر يبدوان لهما حجمًا متساويًا في السماء ، وعلى الرغم من أن الشمس تكون بعيدة جدًا عن القمر ، إلا أنهم اكتشفوا ذلك من خلال ملاحظتهم لكسوف الشمس أثناء مرور القمر بين الأرض والشمس .
ويشير المؤرخ أريستارخوس إلى أن العلاقة بين الأرض والشمس والقمر تشكل مثلثاً قائم الزاوية، ويمكن ملاحظتها عندما يكون القمر حاضراً في الربع الأول أو الثالث .
وقد قام العالم “فيثاغورس” باكتشاف ما مدى العلاقة بين جوانب هذا المثلث القائم الزاوية وعلاقتها مع بعضها قبل قرنين ، حيث أن المؤرخ “أريستارخوس” قام باستخدام معادلة هذا المثلث ليتمكن من حساب البعد والحجم ، وبعد أن قام بعمل العلاقة بينهم عرف أن المسافة التي تكون بين الأرض والشمس تساوي ما يقرب من 18 إلى 20 مرة من المسافة بين الأرض والقمر ، كما أن العالم فيثاغورس قال أن حجم القمر يساوي ثلث حجم الأرض ، على حسب المعادلات الحسابية الدقيقة عند حدوث كسوف القمر .
يعرف بأن المسافة بين الأرض والشمس تساوي 390 وهي المسافة بين الأرض والقمر، وعلى الرغم من عدم توفر العالم “أريستارخوس” للأدوات المتطورة أو التلسكوبات الكبيرة لحساب الكواكب والنجوم، إلا أنه تمكن من تقريب حجم القمر وايجاد ان قطره يساوي ما يقرب من 0.27 من قطر الأرض .
ومع ذلك، في الوقت الحاضر، نحن قادرون على معرفة المسافة بيننا وبين القمر بفضل التقنيات الحديثة مثل التلسكوبات والرادارات واستخدام الليزر لقياس انعكاسه على سطح القمر من قبل رواد الفضاء في رحلة أبولو .
حساب محيط الكرة الأرضية
يعد العالم “إراتوستينس” واحدا من أشهر الأمناء المعروفين في مكتبة الإسكندرية، وقد اكتشف هذا العالم محيط الأرض، الذي يعد واحدا من أعظم اكتشافاته، وعلى الرغم من أن العالم فيثاغورس كان أول من عرف بأن الأرض كروية، إلا أنه لم يتمكن من معرفة حجمها أو حتى قطرها .
حيث ان “إراتوستينس” عمل على استخدام تقنية تتسم بالبساطة الشديدة من أجل حساب محيط الأرض ، وهذه التقنية هي، أنه قام بعمل الحسابات للتغييرات التي تحدث في الظل الذي يواجهه عمود يقوم بتثبيته في اتجاه عمودي ، ويكون هذا العمل في منتصف نهار الصيف وأيضا يكون على خطوط عرض متنوعة .
فإن الشمس تكون واقعة على مسافة تكون بعيدة من الأرض ، لذلك الشئ فإن الأشعة التي تصدر منها تكون واصلة إلى الشمس بصورة متوازية ، حيث أن هذه الأشعة تقوم بالتأثير على أساس المدى لانحناءات سطح الأرض ، ولقد عرف “إراتوستينس” أن محيط الأرض يساوي 40 ألف كيلومتر ، وأن هذه القيمة تكون قريبة جدا للقيمة الحقيقية المعروفة لمحيط الأرض .
أول حاسبة فلكية
تم اكتشاف آلة أنتيكيثيرا أثناء وجود سفينة إغريقية محطمة قرب جزيرة أنتيكيثيرا في عام 1900 ميلادي، وهي تُعتبر أول حاسبة ميكانيكية عُرفت لنا .
ولكن قد كان الزمن كفيلا على أن يغير شكل هذا الجهاز الرائع، ولقد قال الخبراء إن هذا الجهاز كان عبارة عن شكل صندوقي يشتمل على الكثير من التروس والمسنات البرونزية ، وتعمل من خلال تحريكها باليد لتتمكن من معرفة ما هي أطول القمر؟ ، وما هي أوقات الكسوف ، وما هي أماكن الكواكب الخمسة التي اكتشفت في ذلك الوقت وهي عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل .
لم نتمكن من معرفة صانع هذا الجهاز أو موعد اكتشافه، لكن بعض الباحثين يعتقدون أن أرخميدس صنع هذا الجهاز بين القرنين الأول والثالث قبل الميلاد، ومنذ ذلك الحين لم يتم صنع جهاز بمثل هذه المواصفات أو حتى مشابه له .