أصبح مرض السكري في بلداننا مرض العصر، حيث انتشر بشكل كبير، ومشكلة السكري تأتي من تأثيره على باقي أعضاء وأجهزة الجسم. فهو يؤثر بشكل كبير على الأوعية الدموية الدقيقة في مختلف أنحاء الجسم. لذلك، يعتب العين من أوائل أجزاء الجسم التي يمكن أن تتأثر بالسكري، حيث تحتوي الأوعية المغذية للعين على أدق الأوعية في جسم الإنسان. لذا، يؤثر السكري على هذه الأوعية ويتسبب في إلحاق الضرر بها، مما يؤدي إلى تسرب السوائل أو النزيف في قاع العين، وهذا يؤثر على عمل الشبكية. يصاب تقريبا 80% من مرضى السكري الذين يعانون من المرض لأكثر من 10 سنوات بارتشاح الشبكية .
من أعراض التسرب هو أن يعاني المريض من ضبابية في الرؤية ويتعذر عليه تمييز الملامح أو رؤية شاشة الهاتف أو الساعة أو التفاصيل بشكل عام. وقد يتفاقم الوضع حتى يصل إلى العمى. أثبتت الدراسات والأبحاث أن التسرب الشبكي السكري هو السبب الرئيسي للعمى في الفئة العمرية من 30 إلى 65 سنة. وعندما نتحدث عن التسرب الشبكي السكري، يجب أن نتعرف على بعض أجزاء العين المرتبطة مباشرة بهذا المرض .
1- المقولة :- – توجد في الخلفية من العين، وهي بيضاوية الشكل وقطرها يصل إلى 5 ملليمتر، تحتوي على صبغة صفراء ومن هنا جاءت التسمية لها باللطخة الصفراء .
2- مركز الإبصار : – هو عبارة عن الجزء الأوسط في المقولة , و يتكون من الأقماع الضوئية التي تعمل على تكوين صور فائقة الدقة و يبلغ قطر مركز الإبصار تقريبًا 1.5 مللم و هو أكثر أجزاء الشبكية سمكًا و أكثرها حساسية .
3- الشبكية : – هي شريحة او طبقة عصبية تقع في الجزء الخلفي من العين تستقبل الضوء او الصور و ترسلها الى مركز الإبصار في المخ
ينقسم الإرتشاح الشبكي السكري الى قسمين .
الأول : – نقص إمداد الشبكية بالدم و ذلك بسبب تصلب الشرايين نتيجة الإصابة بالسكري لفترات طويلة و نتيجة لهذا النقص يقوم الجسم فيه بتكوين أوعية دموية دقيقة فوق سطح الشبكية و العصب البصري و القزحية , و لكن هذه الوعية ذات جدار ضعيف مما يتسبب في حدوث نزيف بشكل متكرر و إستقرار السوائل في قاع العين , علاج هذه النوع من الإرتشاح يتم عادة عن طريق الكي الضوئي بأشعة الليزر و قد يضطر الطبيب للتدخل جراحيا لتخليص العين من الدم المتجمع نتيجة النزف المتكرر .
الثاني : – إرتشاح المقولة وفيه تترسب السوائل و المواد الدهنية في المقولة ما يؤدي الى تورمها , و يؤدي الى تأثر الإبصار لدى المريض و بخاصة في القراءة .
كيف يمكن التعرف على إصابة المريض بإرتشاح الشبكية السكري؟
الإرتشاح عادة ليس له أعراض مصاحبة بالألم في بدايته، لذا لن يعرف الا اذا كان المريض يقوم بإجراء فحص دوري للعين للتعرف على أي مستجدات بها، وبشكل عام يجب على مريض السكري القيام بفحوص دورية وبخاصة للعين لأنها أكثر وأول أعضاء الجسم تأثرا بآثار داء السكري .
العلاج .
اول شئ اذا كان مريض السكري يود المحافظة على صحته يجب أن يتجنب الوصول الى هذه المراحل المرضية , و ذلك بالحافظة على مستوى السكر بجسمه و دمه , ضبط ضغط الدم و الإبتعاد عن تناول الدهون هذه الثلاث عندما تجتمع فإنها ترفع بشكل كبير نسبة الإصابة بالإرتشاح لذا فإننا يجب أن نطبق مبدأ الوقاية خير من العلاج .
اما و إن حدثت الإصابة فلنبحث عن العلاج و الذي يختلف من مريض الى آخر , حيث تختلف كمية الإرتشاح و مكانه و نوعيته و قد كان حتى وقت ليس بالبعيد العلاج الوحيد المتاح هو الكي الضوئي بالليزر , و لكن هذا العلاج يقوم بمهمة وحيدة و هي الحد من زيادة المشكلة مع المحافظة على مستوي الإبصار الذي وصل اليه المريض دون إحداث اي تحسن به الا فيما ندر .
ومع ذلك، لم يتوقف العلم والعلماء، ولم يكتفوا، بل من خلال البحث والتجربة توصل العلماء إلى علاجات جديدة لعلاج المشكلة، حيث تم تطوير عملية جراحية تقوم فيها الطبيب بإزالة المادة الجيلاتينية الشفافة التي تملأ تجويف العين (الجسم الزجاجي) وإزالة الغطاء الخلفي للجسم، وحقن الجسم بمادة (ترايمسينولون) وهي عبارة عن نوع من الكورتيزون يتكون من حبيبات صغيرة، وتعمل هذه المادة على التخلص من الالتهاب خلال فترة قصيرة، كما تساعد هذه العملية على تحقيق تحسن كبير في البصر .
لكن هذه العملية لها بعض العيوب وهي :
تستمر تأثير الحقنة لبضعة شهور، لذلك من الضروري تكرار العملية مرة أخرى .
2- في حالات نادرة، قد تؤدي عملية الحقن إلى ارتفاع ضغط العين، ويجب معالجتها على الفور، لحماية العصب البصري وتجنب الإصابة بالجلوكوما .
لتحديد كمية ونوعية الإرتشاح وموقعه، يحتاج الطبيب إلى أن يطلب من المريض القيام ببعض الأمور
1- يتم استخدام أشعة مقطعية على طبقات الشبكية لتحديد كمية وموقع السوائل .
يتضمن الفحص بالصبغة لتحديد مكان الاختراق ومدى قدرة الدم على الوصول إلى مركز الإبصار (التروية الدموية) .
بعد إجراء هذا العملية، يقوم الطبيب بتحديد الطريقة والكمية المطلوبة للعلاج سواء كان ذلك عن طريق الليزر أو الحقن أو كليهما معًا، وبعد شهرين يقوم الطبيب بفحص العين لمعرفة نتائج العلاج وما إذا كان هناك حاجة لإعادة العلاج مرة أخرى أم لا .