اسهامات الخليل بن أحمد الفراهيدي في علم الأصوات
علم الأصوات هو أحد أهم العلوم في اللغة العربية، ويعتمد بشكل كبير على نطق الأحرف. اهتم العرب بهذا العلم بغرض إتقان قراءة القرآن الكريم وتجويده وأدائه بشكل جيد. الصوت يلعب دورا مهما في جعل قراءة القرآن دقيقة وخالية من الأخطاء. ساهم علم الأصوات في مساعدة غير الناطقين بالعربية على تعلمها وتعلم نطق الأحرف من خلال معرفة مخارج الأصوات بشكل صحيح. هناك العديد من العلماء الذين ساهموا في تطوير هذا العلم وجعله يصلنا ونستفيد من جديده، ومن بين هؤلاء العلماء البارزين الخليل بن أحمد الفراهيدي.
الخليل بن أحمد الفراهيدي وعلم الأصوات
للإمام الخليل بن أحمد الفراهيدي العديد من المساهمات التي ساهمت في تطور علم الأصوات وأعطته مكانة كبيرة في اللغة العربية، واستفاد منه العجم قبل العرب، ومن أهم هذه المساهمات:
التجديد في علم الأصوات
- هناك الكثير من العلماء يظن أن الخليل بن أحمد الفراهيدي قام باقتباس كل ما قدمه في علم الأصوات من الأصواتِ عندَ نحاةِ السنسكريتيةِ من الهنودِ ، وهذا الرأي جاء نتيجة إلى أن علوم اللغة العربية تتطور بدرجة كبيرة دفعتهم إلى أن يقولوا أن علوم اللغة العربية جاءت بناء على غيرها.
- و أكدَ الفرد أولمان هذا التأثرَ بقوله:قام الخليل بن أحمد الفراهيدي بتصنيف معجمه الشامل العين وفقًا للقواعد الهندية ونظام صوتي يستند إلى حرف العين
- رفض الكثير من الدارسين العرب وغير العرب هذا الرأي تمامًا، واعتبروا أن مصدر الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي اعتمد عليه ليس له أساس من الصحة .
- على الرغم من أن الخليل بن أحمد الفراهيدي كان يتمتع بمعرفة واسعة باللغات الأجنبية، إلا أن هذا لا يعد دليلًا يمكن الاعتماد عليه .
- – أشاروا إلى أن الخليل ونهضته في علم الأصوات وعلم اللغة العربية تماشياً مع النهضة في الكثير من العلوم العربية والشرعية، مثل علم الحديث والتوحيد وغيرها من العلوم الأخرى .
- فيما يتعلق بلقاء الخليل مع حنين بن إسحاق، يمكن القول إن الخليل توفي عام (179 هـ) قبل ولادة حنين بن إسحاق الذي توفي عام (264 هـ) .
جمع مفردات اللغة
عندما عمد الخليل بن أحمد الفراهيدي على تأليف معجمه العين لخدمة علم الأصوات فأن هدفه منه كان جمع مفردات اللغة على سبيل الحصر والاستيعاب لا الترتيب والتصنيف بحسب الموضوعات وكانت الوسيلة وراء هذا الترتيب الأبجدي المتوارث عن الساميات ولا الترتيب الألفبائي التعليمي وهذا لأنهما لا يجعلنا هناك قيمة صوتية للكلمات وهذا عكس المبدأ الذي أعتمد عليه الخليل وقد أثبت أن الطريقة التي اعتمدها هي الطريقة الصحيحة حيث أنه أنتج لنا عدد مهول من الكلمات سواء ما كان منها أو ما هو كائن وما سيكون.
الاهتمام بالأصوات المنطوقة
كان الخليل يعتمد بشكل رئيسي على المشافهة في جمع المفردات، أي أنه يأخذ الكلمات من أفواه الناطقين بها، وهؤلاء الناطقين باللهجات العربية المختلفة يشملون العامة والشعراء، ويستمع إلى الكلمات بدلا من قراءتها في الكتب. وبعد الكثير من الوقت والبحث والجهد، تمكن من تجميع الحروف (أ ب ت ث). لم يستطع أن يعتمد على الألف لأنه حرف معتل، ولم يستطع أن يبدأ بالباء لأنه الحرف الثاني في الأبجدية. لذلك، لم يتبع الترتيب الأبجدي المقدم من نصر عاصم، ولم يستخدم الترتيب الأبجدي الموروث من اللغات السامية، وذلك لأنه لا يعطي قيمة صوتية تركيبية تساعد في فهم التركيبات الصوتية للغة العربية الأصيلة. ومن هنا جاءت فكرة ترتيب الحروف وفقا للترتيب الصوتي، واكتشف أن معظم الحروف تصدر من الحلق، لذلك بدأ بالحروف الحلقية. وهو أول من بدأ بترتيب الحروف العربية وفقا للترتيب الصوتي، وهذه فكرة رائعة وفريدة من نوعها لم يسبق لأحد أن قام بها .
جمع عدد الأحرف
حدد الخليل عدد الحروف التي شكلت أساسًا لأبنية الكلام العربي بـ 19 حرفًا، وذلك وفقًا لثلاث مرات ذكرها
- في المرة الأولى، ذكر الحروف التسعة والعشرين دون الإشارة إلى الأعداد
- في المرة الثانية ذكر العدد وأورد حروف العلة فقط، حيث تحتوي اللغةالعربية على 29 حرفًا، منها 25 حرفًا صحيحًا لها أحياء ومدارج، و4 أحرف جوف وهي الواو والياء والألف اللينة والهمزة
- في المرة الثالثة التي ذكر فيها الحروف، تم ذكر العدد مرتين وأشار إلى أنها مرتبة على الولاء الصحيح والمعتل، وتم ذكر الحروف التسعة والعشرين التي هي نفسها عند سيبويه، ولكنه خالف ترتيب الخليل، ثم أضاف حروفًا أخرى وصل بها إلى الأربعة والأربعين، وسماها بالفروع .
- كما أنه رتب الحروف التسعة والعشرون وفق هذه الأبيات :
عن حسن هجر خريدة غناجة
قلبي كواه جوى شديد ضرار
صحبي سيبتدئون زجـــري
طلباً دهش تطلب ظالم ذي ثار
رغما لذي نصحي فؤادي بالهوى
متـلهب وذوي الملام يداري
إسهامات أخرى للخليل في علم الأصوات
- بدأ الخليل بن أحمد بتحليل الحروف لأنها الأساس الذي تتكون منه الكلمات، ويمكن للكلمات أن تتكون من أكثر من مخرج. ولكن الخليل أشار إلى أن بناء الحروف يتم بناؤها بناءً على الترتيب الصوتي، الذي يساعد في ترتيب الكلمات وفقًا لترتيب الأصوات، وليس الأبجدية، وهذا يساعد على نطق الكلمات بشكل صحيح .
- يتمثل علم الصرف في تحويل نصف الكلمات العربية إلى كلمات ثلاثية ورباعية وخماسية وسداسية .
- ينقسم الكلام إلى حروف وأسماء وأفعال، مثل: في وأحمدوذهب، وهذا يتعلق بعلم النحو .
- كما اهتم بالزيادات المتعلقة بالكلمات، مثل زيادة همزة الوصل في بداية الكلام .
- لا يمكن أن تكون الكلمة أقل من ثلاثة أحرف، وقد نبّه الخليل إلى هذا الأمر. وفيما يتعلق بالكلمات التي تحتوي على أقل من ثلاثة أحرف مثل “يد” أو “فم”، يتم حذف الحرف الثالث لتجنب اصطدام الحروف المتتالية.
- أوضح الخليل أن أصول اللغة العربية تعتمد على ثلاثة أحرف منذ فترة طويلة، ولذلك لا يوجد أصل لأي اسم أو فعل مركب من حرفين، وإذا أردت تحويل حرفين إلى اسم، فيجب إضافة حرف الهمزة لجعلها ثلاثية كما في “هلٌّ” و “قدٌّ.
- أوضح الخليل أن الكلمات التي تتألف من أحرف رباعية أو خماسية لا يمكن أن تحتوي على حرف شفوي أو زلاقي، وهذا يعد من أكبر الأدلة على أنها كلمات عربية وغير عجمية. والدليل على صحة هذه الكلمات وتواجدها في الواقع المنطقي وعدم اصطناعها مثل كلمة الكشعطج. وهناك بعض الكلمات التي خرجت عن قاعدة الخليل ولكنها قليلة جدا مثل العسجد والقسطوس والقداحس والدعشوقة والهدعة والزهزقة. وتعد هذه الكلمات استثناء عن اللغة العربية أيضا، وتنطق بها، وما سوغ بناء هذه الكلمات على الرغم من عدم وجود حروف الذلاقة فيها هو دخول حرفي (ق.ع) المتصفين بالطلاقة وضخامة الجرس والصناعة .