الحبنسائيات

اسلوب الشخصية النرجسية في الحب

عادة ما نقع في علاقة حب مع أشخاص لديهم بعض الأنانية، وكل منا يمتلك نسبة من هذا الشعور بالأنا الذي يمكن التعامل معه، لكن هناك أشخاص يتمتعون بشعور عال بالذات والعظمة، ومليئون طوال الوقت بوهم النجاح اللامعقول الذي لا يصدقونه. وهؤلاء هم أصحاب الشخصية النرجسية، وتلك الشخصية المتكبرة ذات الشعور بالتفرد لديها أيضا ميل كبير نحو الدخول في علاقة حب دائمة ومشتعلة. ولكن ما هو أسلوب الشخصية النرجسية في الحب

اسلوب الشخصية النرجسية في الحب

الشخصية النرجسية ليست مجرد مرض نفسي، بل هي طبع يظهر في سن مبكرة وقد ينشأ بسبب أسلوب تربوي خاطئ، وهي إحدى الاضطرابات النفسية العشرة المدرجة في الدليل التشخيصي الأمريكي. وتؤكد الدراسات أن الأشخاص ذوو الشخصية النرجسية يكون لديهم وعي عاطفي منخفض، ولا يتأثرون بتصرفاتهم الخاطئة تجاه الآخرين، ولا يشعرون بالذنب، بل يظهرون غضبا أو يدخلون في حالة من اليأس والإحباط وعدم الرضا. وهم أيضا غير متعاطفين مع الآخرين، ويعتبر التعاطف أساسا في العلاقات العاطفية، إذ يساعد على تقديم العطاء والمودة وتلبية الحاجات الأساسية في العلاقة العاطفية. ومع ذلك، يتعامل الأشخاص ذوو الشخصية النرجسية بطريقة باردة وغير متعاطفة مع مشاعر شريكهم، ومن المستحيل عليهم قبول فكرة الاعتراف بالخطأ أو التنازل من أجل شخص آخر، ولذلك، فإن الشخصية النرجسية بعيدة كل البعد عن العلاقات العاطفية الصحية والمستقرة

الهدف الوحيد للشخصية النرجسية في العلاقات العاطفية هو الشعور بالأهمية وتعظيم الذات الذي يمنحه لها الشريك .

على الرغم من رغبة الشخصية النرجسية في الحصول على علاقة حب، فإنها تفتقوم بذلك بطريقةٍ مختلفةٍ عن الأشخاص الطبيعيين، وتفتقر إلى وجود عاملينٍ أساسيين لازمين لاستمرارية أي علاقة وثباتها، وهما “علاقات الكل الكائن” و “الثبات الكائن .

علاقات الكل الكائن : الرؤية الواقعية والطبيعية للشريك هي أن تعترف بوجود صفات جيدة وسيئة فيه بدون مبالغة أو توقع أن يكون مثاليا، بل ترى ما يرضيك وما لا يرضيك فيه، فإذا كنت تتمتع بعلاقة حقيقية مع الشخص، ستكون قادرا على قبول الصفات السيئة وأيضا تقدير الصفات الجيدة لديه

الثبات الكائن : المهم هو أن تحافظ على مشاعرك المحبة وتمنع نفسك من إيذاء الشخص الذي تحبه حتى عندما تشعر بالغضب منه أو بخيبة أمل، لأن وجوده في حياتك يعتبر أمرا مهما

مراحل تعامل الشخصية النرجسية

تعرف الشخصية النرجسية نفسها في وقت مبكر، والبعض منهم لا يأخذون علاقاتهم العاطفية بجدية، ولكن الغالبية يبحثون عن علاقة حب دائمة، ولكنهم يعانون من قلة الاستمرارية، ويصنفون الناس إما كـ مثاليين أو عيوب .

الكلمة `المثالي` تعني أنك شخص يرضيهم في الوقت الحالي .

والمعيب يعني أن تصرفاتك لا ترضيهم ولا يحبونها .

لذا من العسير عليهم إيجاد علاقة تستمر بالفعل بل تظل حياتهم دائرة مغلقة من تكرار نفس الخط السير ، وهو التوقع في البداية أن الشريك شخص مثالي ثم لا يجدونه كذلك ، فإذا سألت أحدهم لماذا انتهت علاقاتك السابقة وقال لك لأنه لم يكن كما توقعته منذ البداية فاعلم أنك أمام شخصية نرجسية ، وفي المراحل الآتية ستعرف أكثر عن تلك الشخصية التي تكشف عن نفسها .

المرحلة الأولى ” يونيكورن “

هذه المرحلة الأولى من العلاقة العاطفية تجعل الشخص النرجسي يشعر وكأنه يعيش تجربة نادرة جدًا في الحياة، ويعتبر وجودك شيئًا خياليًا مثل مخلوقات اليونيكورن. وسيحب كل الصفات التي تمتلكها وسيمجِّدك، ويخبرك أنك تمتلك صفاتًا مميزة لا يمتلكها أحد غيرك، وهذا بالضبط ما يريدون .

وبما أن الشخصية النرجسية لا تعرف الوسط هي متطرفة لأبعد الحدود في مشاعرها ، فهو قد رسم لك تمثالًا يعبده صورة للمثالية في حد ذاتها سيهتم بك والإطراء عليك ويغدق عليك بالهدايا وجميل الكلام وكل ما يعرف أنه سيجعلك تتأكد من حبه وإخلاصه لك ، فمادمت خارج إطار يده سيظل يطاردك ويحاول إقناعك حتى توافق على منحه فرصة .

ولكن.. هل هذا الاهتمام مطمئن ؟ بالطبع لا ، فكل ما هو مبالغ به يعطي معنى عكسي ، إذ أنه من الطبيعي أن يقوم أي شخص يريد أن يدخل في علاقة حب معك أن يكون راغبًا في التعرف عليك تدريجيًا ، ولكن ماذا عن أشخاص بدأوا الحديث معك فورًا حول المستقبل والأطفال الذي يريد أن ينجبهم منك ، والأماكن التي ستقضون بها فصل الصيف بل ومن الممكن أن يتحدث عن المدارس الذي سيعلم أبنائكم فيها ، ليست هذه إشارات تدعو للتفاؤل بل يجب أن تدرك أن هذا الارتفاع السريع يعقبه سقوطًا أسرع .

إذا كانت تلك الحرارة العالية التي لا تنتمي إلى الواقعية تشير إلى أن هذا الشخص لا يراك بشكل طبيعي، بل يراك ككائن مثالي، فقد جعلك مرآة لخياله الذي يقنع نفسه بأنه يستحق شريكا مثاليا وهو أنت. هذا السلوك غير منطقي ومتناقض مع الطبيعة البشرية، حيث أنك لا تناسب تلك القائمة المسبقة من رغباتهم التي أعدها. ثم يكتشفون بعد فترة أنك تتلاشى تدريجيا من تلك القائمة، وبالتالي يفاجئون بأنك لست مثاليا كما توقعوا. إذا كان لديك الحظ، فسيرحلون فجأة عن حياتك. وإذا كنت غير محظوظ، فستواصل البقاء معهم في المرحلة التالية .

المرحلة الثانية ” مشروع البناء “

في هذه المرحلة بالذات، يكون لديهم وقت أطول للتفحص الدقيق واكتشاف العيوب الصغيرة لديك، التي تؤثر على صورتك المثالية التي يرغبون فيها. سيتم التركيز فقط على سماتك السلبية، ولن يروا فيك الروعة التي توقعوها. سيبدأون في عرض تغييرات عليك بشكل لطيف جدا، يطلبون منك تغيير ملابسك أو تسريحة شعرك بشكل محدد، أو تحسين أدائك في عملك، ويقولون لك أن هذا من أجلك. هل يعني رضاهم لا شيئا بالنسبة لك؟ وماذا سيحدث إذا رفضت عروضهم وبقيت كما أنت .

إذا كان الشخص الذي أمامك عاديًا، فمن المحتمل أن يشعر بخيبة أمل لكنه سيقبل فكرة وجهة نظرك المختلفة وحقك فيها، وقد يعودون لعرض فكرتهم عليك في وقت لاحق، وإذا لم تقبل، فلن يؤثر ذلك على مشاعرهم. أما الشخصية النرجسية، فما هو رد فعلها على الرفض؟ .

ببساطة هو لا يعرف أي معنى لفكرة حريتك أو أن لك شخصية منفردة عنه أو حتى وجهة نظر بالأمور ، هو غير معترف بأن هناك أشخاصًا ترفض اقتراحاتهم هم فقط يشعرون أنك قمت بإهانتهم ، مما يثير غضبهم وحنقهم عليك ويفكرون في عقابك ، فتبدأ كل تصرفاتك تفسر بأنك أسأت لهم وتتحول الحياة لحلبة مصارعة ومعارك لأصغر هفوة تبدر عنك ويبررون ذلك بأنك تفعل أشياء لا يحبونها ، ثم تجد نفسك أمام انتقاد مستمر ولا وجود للمديح ، ولأنك نسيت أنك رفضت لشريكك عرضًا يومًا ما فستبدأ تسأل نفسك ماذا حدث له؟ ماذا فعلت حتى يتغير بهذا الشكل ؟ .

المرحلة الثالثة خفض قيمتك

باختصار تام، ستدرك في هذه المرحلة أنه في يوم ما سيتوقف سيل الإطراء وستتعرض لوابل من الانتقادات .

هل تعتبر هذه الانتقادات غير مسيئة؟ لا، هي انتقادات لاذعة ربما مهينة، حيث يمكن للشخص أن ينتقد ملابسك بطريقة مهينة، مثل السؤال عما إذا كان جواربك قطنية أو السخرية من رائحة عطرك ووصفها بأنها مسروقة من عصر الفراعنة، وقد يتطور الأمر في بعض الأحيان إلى شتائم .

قد يتحول الأمر إلى أن ينتقدك في أمورك ويؤذيك بالكلام أمام الآخرين، ويزداد تصرفه السيء تجاهك بشكل مستمر، حتى يصل إلى الصراخ عليك أو الاعتداء عليك جسديًا، وإذا لم تتخذ إجراءات لوقف هذا التصرف، فسيستمر هذا الأسلوبفي التعامل معك طوال فترة علاقتك معه .

وأخيرًا، إذا وجدت نفسك بعد قراءة هذا المقال أمام شريك نرجسي، فيجب عليك السؤال عن حدود تحملك. ومن الأفضل أن تحمل قلبك في يدك وتنأى بعيدًا عن هذا الشريك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى