اسرار سورة الفجر الروحانية
التعريف ب سورة الفجر
سورة الفجر هي إحدى سور المصحف الشريف وتتكون من مئة وأربع عشرة سورة. نزلت سورة الفجر في مكة المكرمة قبل الهجرة النبوية الشريفة على المصطفى محمد -صلى الله عليه وسلم-. ومع ذلك، هناك بعض الآراء التي تقول أنها نزلت في المدينة المنورة، وقد نقلها ابن عطية عن أبي عمرو الدني وغيره من علماء الدين. والله أعلم بالصواب. السورة المدنية هي التي نزلت على نبينا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية الشريفة. في هذه السورة الكريمة، لم يذكر اسم الله جل جلاله. بدأت السورة بالآية الكريمة {والفجر وليال عشر} والأسلوب المستخدم في هذه الآية هو أسلوب القس.
تأتي سورة الفجر بعد سورة الليل المكية وقبل سورة الضحى المكية أيضا. يحتوي عدد آيات سورة الفجر على ثلاثين آية كريمة حسب أهل الشام، حيث يعتبرون (بجهنم) نهاية الآية التي يقول الله تعالى فيها: {وجاء يومئذ بجهنم ۚ يومئذ يتذكر الإنسان وأنىٰ له الذكرىٰ}، وأما عند أهل الكوفة أيضا فإنها تحتوي على ثلاثين آية كريمة، ولكنهم يعتبرون (في عبادي) نهاية الآية التي يقول الله تعالى فيها: {فادخلي في عبادي}.
ويقع ترتيبها في المصحف الشريف التاسع والثمانون حيث أنها تقع في الجزء الأخير من القرآن الكريم أي الجزء الثلاثين والربع الخامس من الحزب الستين. تعد سورة الفجر الروحانية من المفصل، فما نقصده بالمفصل هنا سور القرآن القصيرة التي كثر الفصل بينها بالبسملة، أما عن سبب تسميته بهذا الإسم؛ فيعود إلى كثرة فواصله، واختلف هنا في تحديد من أي سورة يبدأ من سورة أم الحجرات إلى آخر المصحف الشريف، ولكن ما يرجح والأغلبية تعود إلى أنه يبدأ بسورة ق، كذلك يختلف المفصل بطواله وأوساطه، أيضا قصاره.
سبب تسمية سورة الفجر
في البداية لسورة الفجر اسم آخر بحسب بعض من علماء الدين كمحمد بن اسماعيل البخاري، محمد بن عبد الهادي السندي وأبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي سورة والفجر، أي بإضافة حرف الواو إلى كلمة الفجر، ولكن لم يختلف تسمية السورة بالفجر أي نقصد بدون حرف الواو في المصاحف والتفسير وكتب السنة وهو ما يرجحه أكثر علماء الدين. أما عن سبب تسمية هذه السورة الروحانية الفضيلة بالفجر فيعود إلى مطلعها الذي جاءت منه كما العديد من سور القرآن الكريم حيث أقسم الله تعالى في هذه السور بقول { وَالْفَجْرِ* ولَيَالٍ عَشْرٍ}.
يقال إن الليالي العشر التي أشار إليها الله تعالى في هذه السورة هي العشرة الأولى من شهر ذي الحجة. ويعود سبب نزول نهاية هذه السورة الفضيلة إلى ما ذكره عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: `من يشتري بئر رومة ليشرب بها الماء ويروي بها الناس، غفر الله له`. فقام عثمان بن عفان (رضي الله عنه) بشرائها، وعندما سأله النبي صلى الله عليه وسلم: `هل تجعلها مشروبا للناس؟` أجاب عثمان بالقبول، فأنزل الله عليه الآية الكريمة التي تقول: `يا أيتها النفس المطمئنة`.
مضامين سورة الفجر
نظرًا لأن سورة الفجر هي سورة مكية، فمن المتوقع أن تتشابه مع باقي السور المكية في القرآن الكريم، والتي تتعامل مع أصول العقيدة الإسلامية. وتتناول آيات سورة الفجر ثلاثة موضوعات رئيسية
-الموضوع الأول: بعدما قسم الله المخلوقات إلى نجوم وليل وفجر والليالي العشر أي العشر الأوائل من ذي الحجة، وبعدما قسم بالشفع أي يوم النحر (أول أيام عيد الأضحى المبارك في اليوم العاشر من ذي الحجة) والوتر (يوم عرفة).
ذكرت الآيات الكريمة قصص بعض من الذي كذبوا أنبياء الله عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم كما فعل قوم فرعون، ثمود وقوم عاد وما أحل بهم من عذاب جزاء لاستهزائهم وتكذبيهم وطغيانهم، فمثلا كما ذكر في قوله تعالى{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبٌّكَ بِعَادٍ الآيات}. وكل هذا بدأ من بداية سورة الفجر أي من قوله تعالى {وَالْفَجْرِ*…..} وصولا إلى الآية الرابعة عشر في قوله تعالى {إِنَّ رَبٌّكَ لَبِالْمِرْصادِ}.
الموضوع الثاني: من الآية الكريمة الخامسة عشر في قوله تعالى{فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} وحتى الآية العشرون في قوله عز وجل{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} بينت غريزة الإنسان وطبيعته في حب المال الشديد وما يبتليه الله لنا أي عباده وجميع البشر بالغنى والفقر، الخير والشر، وكيف سيكون العبد أمام ذلك الابتلاء والامتحان، حيث أن الغنى ابتلاء أيضا كالفقر؛ ليختبر الله تعالى مدى حمدنا إياه قولا وفعلا في كلا الجهتين.
الموضوع الثالث والأخير: اما في آخر آيات هذه السورة الفضيلة أي من الآية الواحد والعشرين في قوله تعالى{كَلَّاإِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} إلى قوله عز وجل في الآية{وَادْخُلِي جَنَّتِي} فتحدثت عن عباد الله ومن في الأرض جميعا يوم الحساب عندما يقسمون إلى سعداء جزاء لنفسهم الكريمة الخيرة في الدنيا ولأعمالهم الحسنة، وإلى أشقياء جزاء لما فعلوه في الدنيا من أذى وطغيان.
اسرار سورة الفجر
جميعنا نعلم أن صلاة الفجر لها أجر عظيم وفضل من الله تعالى، ويدل على أهميتها قسم الله جل جلاله بها في الآية الأولى كماذُكِر سابقًا. ونحن متأكدون جميعًا أنه إذا ترك الشخص النوم والكسل من أجل هذه الصلاة العظيمة، فسيشعر بالراحة النفسية البالغة والاطمئنان.
ففي هذه السورة وردت العديد من التحذيرات الشديدة لمن يتهاون في أداء الصلاة، وليس هذا فقط، بل ذكر أبو هريرة في رؤيته للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم – قوله: `أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا`. صحيح مسلم. لذا، لا يمكن لأي شخص أن ينعم بالتوفيق والراحة الدائمة، ليست المؤقتة في الدنيا والآخرة، طالما أنه لا يؤدي صلاة الفجر.
كذلك أوصانا الحبيب المصطفى على أهمية الاستيقاظ باكرا لأنه في البكور بركة وهنا نقصد ساعة الفجر، فيتمكن العبد عند استيقاظه باكرا بالشعور والخشوع في صلاة الفجر، كما يكون إنجازه لأعماله وواجباته سهلا لإمكانية إتمامها جميعها او غالبيتها بأقل جهد وتعب توفيقا من الله تعالى ووجود بركة في هذه الساعة.
كذلك من يتعمق في هذه السورة العظيمة يرى كم فيها من فوائد وعظة لكل مسلمة ومسلم وما يعظ الإنسانية جمعاء، فمن أهمها الأقوام السابقة التي ضرب الله لنا فيها أمثلا لنرى ما يعانيه المتكبر العاصي)لأوامر الله تعالى، فنتعظ من مصير هذه الأقوام ونصبح أقرب لله تعالى خالق الكون، وهذا كافيا لجعلنا مطمأنين نعم في سلام في الدنيا والآخرة.
فضل سورة الفجر
هناك بعض سور القرآن الكريم ور لها فضائل خاصة في السنة النبوية الشريفة كما يوجد بعض السور التي لم يذكر لها فضائل وردت عن الرسول-صلى الله عليه وسلم-. وتنسدل سورة الفجر تحت قائمة السور التي لم يرد عنها في صحيح السنة النبوية الشريفة بشكل خاص. فتلاوة القرآن الكريم ولو حتى بحرف منه نأخذ عليه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها كما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. فنتعلم من كل سورة مواعظ وحكم تجعلنا نراجع أنفسنا وأعمالنا مما يعود بالخير والمنفعة علينا في الدنيا والآخرة كما سورة الفجر.