استعمار الدولة الفينيقية لحوض البحر المتوسط
تعتبر الحضارة الفينيقية واحدة من أهم وأكبر الحضارات الشرقية المعروفة، واشتهرت هذه الحضارة بالعديد من الثقافات، وكانت معروفة أيضاً بمكانتها التجارية الهامة .
الحضارة الفينيقية
ازدهرت العديد من المدن الفينيقية كأساسا للعمليات التجارية التي اشتهرت بها هذه الحضارة الفنيقية، و من بين هذه المدن صيدا و صور و جبيل ، فكان من الضروري عليهم البحث عن سلع و أسواق جديدة ، من أجل توسيع الحضارة الفينيقية خارج تلك المنطقة التي شهدت بدايتها ، بالمعنى الأدق خارج سواحل الشام ، و من هنا جاءت أهمية بناء مستعمرات جديدة ، فوقع اختيارهم على منطقة حوض البحر المتوسط ، و كان ذلك ابان القرن العاشر قبل الميلاد ، و كان من أشهر المستعمرات وقتها مستعمرة كوادي لبدة و قادش و منطقة باليرمو ، هذه المستعمرات كان لها أهمية كبيرة في ذاك الوقت ، حتى أنها كانت لا تقل أهمية عن مدينة قرطاج الشهيرة ، و التي تمكنت في نهاية المطاف من إقامة امبراطورية مستقلة .
تكوين المستعمرات
من أهم ما تميز به الفينيقيون في ذلك الوقت هو أنهم كانوا من أكثر التجارة المهارة، مما أتاح لهم الوصول إلى العديد من الأماكن وإنشاء المستعمرات في أي مكان ينزلون فيه .
في ذلك الوقت، كان الفينيقيون بارعين جدا في الملاحة وركوب البحر، مما مكنهم من الوصول إلى الجزر اليونانية، وجنوب إيطاليا وجنوب أوروبا، والساحل الأطلسي لأفريقيا، فضلا عن الوصول إلى منطقة شبه الجزيرة العربية وبلاد الهند، وذلك بفضل توصيل القوافل التجارية التي تحمل البضائع .
عندما كانوا يعملون في التجارة، كان عليهم البحث عن سلع ثمينة وتأسيس مراكز تجارية قريبة من البحر لتسهيل وصول السفن إليها وتميزها بالموقع الآمن والقرب من المياه العذبة. ونتيجة لذلك، بدأوا في إنشاء أسواق جديدة وبناء محطات رصد ومباني خاصة بهم، وقاموا بتأسيس المستعمرات والمدن تبعا لحاجتهم للثبات والاستقرار .
على الرغم من التوسع الكبير لحضارة الفينيقيين في ذلك الوقت، إلا أن موطنهم الأصلي بدأ في التقلص بسبب وجود بعض القوى المجاورة، بالإضافة إلى التغيرات المناخية التي أثرت سلبًا على المحاصيل الزراعية هناك .
تاريخ الاستعمار الفينيقي
يعتقد العديد من المؤرخين أن الاستعمار الفينيقي بدأ في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ولكن البعض يرون أن هذا التاريخ أقدم من بداية الاستعمار الفعلي ويتزامن تقريبًا مع فترة الاستعمار اليوناني .
– هناك العديد من الصادر التاريخية أيضا حاولت البحث عن السفن التجارية التي تخص المستعمرات الفينيقية ، و قد أثبتت أنها لم تكن تدفع ضرائب عند دخولها للمناطق التابعة لليونان ، و هذا لا يعني سوى شئ واحد و هو أن أراضيهم كانت موحدة ، و قد أثبتت هذه المصادر أيضا وجود آثار لمراكز تجارية بدائية ترجع إلى القرن الثامن قبل الميلاد ، و هو ما يعني أن الفينيقيين بالفعل قد وصلوا لهذه المناطق في هذا التوقيت ، و ربما التضارب في هذه المصادر يرجع إلى أنهم كانوا يقيموا المراكز التجارية قبل استعمار هذه المناطق ، و أن الغرض لم يكن الاستعمار بقدر توسيع التجارة ، أما عن الفترة التي دامت فيها هذه المستعمرات ، فقد استمرت حوالي خمس قرون ، تاجروا فيها في العديد من الأشياء ، منها المنسوجات و أوراق البردي و المعادن الثمينة و غيرها .