تعليم

استراتيجية نموذج كولب

الاعتماد على نظرية واستراتيجية تعليمية موثوقة ومُجربة وتطبيقها بشكل صحيح أيضًا بواسطة المعلمين والمتعلمين ؛ سوف يُساعد بدون شك على تحقيق الهدف المنشود والأساسي من وراء العملية التعليمية وهي اكساب المتعلمين العلم الواعي والمعرفة وتقييمهم بواسطة المعلمين واكتشاف مواطن القوة والضعف لديهم بطريقة حقيقية وقريبة من الواقع ، ومن ثَم ؛ مُساعدتهم على التفوق بطريقة صحيحة .

نظرية كولب التعليمية

تعد استراتيجية كولب واحدة من أهم وأشهر الاستراتيجيات التعليمية التي تم ابتكارها وتأليفها بواسطة الخبير الأمريكي في استراتيجيات التعليم، ديفد كولب، حيث قد قام بتقديم هذه الاستراتيجية في كتاب يحمل عنوان “التجربة هي مصدر التعلم والتطور”، وتركزت هذه الفكرة أو النظرية التعليمية التجريبية على ثلاثة أبعاد أساسية، وهي: بناء الخطط التعليمية استنادا إلى التجربة، التركيز على أهمية ممارسة أنشطة التعليم، وتوضيح أن الذكاء والمهارات الفكرية تنتج بشكل أكبر نتيجة التفاعل بين المتعلم والبيئة المحيطة به، أي أنها صفة مكتسبة بدلا من أن تكون صفة وراثية .

أهداف استراتيجية كولب

تأتي استراتيجية كولب بعدد من الأهداف الهامة ، وهي :

تهدف هذه الاستراتيجية إلى تبني فكرة التجربة العملية للمتعلمين من خلال وضعهم في تجربة حقيقية لموضوعاتهم التعليمية قدر الإمكان، حتى يكونوا قادرين على الاندماج ذهنيًا وفكريًا وعمليًا مع تلك التجارب التعليمية .

من المهم أن يتم مراقبة تلك التجربة الجديدة وملاحظتها بشكل دقيق، حيث يتم تحديد مواطن النجاح والفشل في الاستراتيجية المذكورة .

عند الحصول على ملاحظات ونتائجالتجربة، يتم تحديد مجموعة من المفاهيم لتحليل وفهم ما تم رصده من ملاحظات والوصول إلى أهم النظريات المتعلقة بها .

يتمثل الهدف الأساسي في استخدام نموذج كولب في إتمام التجربة العملية التي يمكن من خلالها الاعتماد على النظريات التي تم التوصل إليها في الخطوات السابقة لحل المشكلات واتخاذ القرارات الصحيحة

أبعاد نموذج كولب

يتضمن نموذج كولب بُعدين أساسيين يشرحان الطريقة التي ينبغي اتباعها لتناول أي فكرة أو تجربة جديدة بشكل صحيح، وتتضمن هذه الأبعاد الآتي:

بعد نموذج كولب العمودي

هذا البعد يوضح كيفية التفكير والإدراك والشعور في التجربة المادية، حيث يستند إلى ما يحتاجه المتعلم من إحساس وشعور تجاه كل موضوع أو قضية يتعامل معها بشكل أفضل من الطرق النظرية الجافة التي لا تحقق نتائج إيجابية. وبالتالي، يرى كولب أنه من الأفضل التعامل مع كل فكرة أو قضية على حدة كتجربة مستقلة، وعلى أساس ذلك، يتضمن البعد العمودي هنا التجربة والتعلم .

بعد نموذج كولب الأفقي

في نموذج كولب، البعد الأفقي متعلق بالمعالجة والتأمل والتفعيل. يميل الأشخاص غير المحبين للتواجد الاجتماعي إلى الانطواء والابتعاد عن التزاحم. يشير إلى أن التعليم هنا يستند إلى تأمل المشكلة ومعالجتها والوصول إلى حلول محددة. بعد ذلك، يتم تفعيل وتطبيق تلك الحلول بشكل عملي. يذكر أن الأشخاص الذين يستقرون في هذا البعد هم الراغبون دائما في إقامة مشاريع عمل خاصة، ولديهم القدرة على نجاحها .

فوائد التدريس باستخدام نموذج كولب

هناك العديد من التأثيرات الإيجابية الهامة جدًا عند استخدام نموذج كولب في التدريس، وتشملما يلي:

يمكن من خلال نموذج كولب تحديد ميول وطبيعة كل متعلم والمجال الأنسب له من خلال النمط الذي يتبعه ضمن هذا النموذج .

-يُمكن من خلال هذا النموذج تطوير عدد كبير جدًا من المهارات الفكرية والتحليلية بل والمهارات الحسية والشعور أيضًا لدى المتعلمين ، وهذا من شأنه أن يخلق نوعًا من التوازن الفكري والنفسي لدى المتعلم ، وبالتالي ؛ لا يؤدي التعليم هنا إلى طمس الجانب الحسي في شخصية الفرد لأنها يوليها قدر ليس بالقليل من الاهتمام أيضًا .

أظهرت الدراسات والأبحاث دور تطبيق نموذج كولب Kolb’s model في زيادة درجة الذكاء الانفعالي والرغبة في الإنجاز والإبداع لدى المتعلمين بشكل يتفوق على العديد من النماذج التعليمية الأخرى .

-يتميز نموذج ديفد كولب بالمرونة ؛ أي أنه مُناسب للاستخدام في جميع الدراسية والعلمية ن وليس هذا فحسب ؛ بل إنه يُمكن من خلال هذا النموذج أيضًا تقديم دورات تدريبية كاملة للمتعلمين من جميع الأعمار من أجل اكتساب مهارات مُحددة ، فضلًا عن أنه يُساعد على تقويم السلوك والقدرة على التحصيل بشكل احترافي لدى المتعلمين .

-أشار العديد من المعلمين والمُدربين إلى أن استخدام نموذج كولب التجريبي قد ساعدهم بالفعل على اكتشاف جوانب شخصية ميول المتعلمين لديهم بشكل سريع ودقيق ويسير في نفس الوقت ، وهذا بالطبع من شأنه أن يُساعد على توظيف مهارات وميول الطلاب بشكل صحيح يضمن قدرتهم على التميز والإبداع مستقبلًا .

معوقات نموذج كولب

على الرغم أن استراتيجية نموذج كولب التعليمية تجد صدى كبير من الترحيب والتأييد لدى عدد هائل من خبراء الاستراتيجيات التعليمية المؤمنين بمبدأ التجربة من أجل التعلم ؛ إلا أنه في نفس الوقت قد نالت عدد من الانتقادات نتيجة ما يعترض طريقها من معوقات صعبة السيطرة في الوقت الحالي ، مثل :

-من المهم جدًا أن يتم اكتشاف ميول الطالب في وقت مبكر ، ولكن من الخطأ الذي قد يقع به بعض المعلمين وأولياء الأمور هو حصر مواهب أطفالهم في جزء واحد أو مجال واحد فقط ح في حين أن ميول ومهارات التلميذ قد تتبدل مع الوقت ومع نموه العقلي ، ولكن وضعه في إطار مُحدد يحرمه من القدرة على الاختيار ما يناسب رغباته الشخصية لاحقًا .

-كما يرى البعض أن نموذج كولب يشوبه بعض الصعوبة والتعقيد في التفسير والتحليل للأنماط الفكرية للمتعلمين والمتدربين ، وهذا يؤكد على أنه يحتاج إلى خبراء من أجل تطبيقه بشكل سليم وبدلًا من ذلك ؛ يحتاج إلى وقت طويل جدًا ؛ حتى يتمكن المعلمين والمدربين من فهمه واستخدامه وتطبيقه بشكل سليم ودقيق على المتعلمين لديهم .

-على الرغم أن نسبة دقة هذا النموذج تتجاوز الـ 9 % إلّا أن نسبة الخطأ في تقييم ميول الطلاب قائمة ن وخصوصًا في حالة كان الطالب من الأشخاص الذين لا يمتلكون القدرة على التعبير عن أنفسهم بشكل سليك ولا يمكنهم أيضًا الاعتراض على ما يختاره لهم المعلم من أفكار ، وهذا بالطبع ينعكس بصورة سلبية تمامًا على جزء من الطلاب ، أي أن الفرص هنا في تحديد الميول المناسب لكل طالب لن تكون متكافئة .

وعلى الرغم من تلك المعوقات، فإن عددًا ليس بالقليل من خبراء وضع الاستراتيجيات التعليمية الحديثة لا يزالوا يرون أن نموذج كولب التعليمي هو النموذج التعليمي التجريبي الأفضل والأكثر دقة الذي شهده القرن التاسع عشر، ولم يتمكن أي نموذج تعليمي تجريبي آخر حتى الآن من مضاهاته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى