استراتيجية السقالات التعليمية
يعتبر استخدام الأساليب والاستراتيجيات الحديثة في التعليم في جميع مراحله الأساسية والثانوية والجامعية من الأمور المؤكدة من قبل جميع الخبراء في مجال التربية والتعليم والبحث العلمي. وقد تنافس خبراء علوم التربية في ابتكار أهم الوسائل والأنشطة والنظريات التي تساعد على تحسين جودة التعليم وتحسين نوعية الحياة التعليمية. وبالتالي، يكون التعليم ذا فائدة ملموسة للفرد والمجتمع بأكمله. واحدة من النظريات التعليمية الناجحة هي استراتيجية السقالات التعليمية التي ثبتت فاعليتها
استراتيجية السقالات التعليمية
تم اقتباس كلمة “السقالات” من الأدوات المستخدمة في البناء. تحتاج أدوات البناء العلوية إلى دعائم وسقالات للانتقال إلى أدوار عليا. بنفس الطريقة، يتطلب الانتقال من مستوى تعليمي إلى آخر وجود سقالات تعليمية تقود الفرد إلى مستوى تعليمي وفكري أعلى. بالتالي، تعتمد فكرة هذه الاستراتيجية على تنمية مواهب ومهارات الطلاب بشكل تدريجي، لكي يكونوا مؤهلين للانتقال إلى مستويات تعليمية أعلى .
أهمية استراتيجية السقالات التعليمية
استراتيجية السقالات ذات أهمية كبيرة في التعليم وتتضمن العديد من العوامل المهمة، ومن بينها ما يلي:
تساعد هذه الدروس على تحقيق فهمٍ شاملٍ وعميقٍ لجميع المواد العلمية والدروس التي يتم تدريسها للطلاب، ومن ثم تنمية قدراتهم على الفهم والاستيعاب، مما يمكنهم من الانتقال إلى مستويات تعليمية أعلى .
تساعد هذه الاستراتيجية أيضًا في تحويل الطلاب من مرحلة تلقي المعلومات من المدرس إلى مرحلة القيام بتحليل المادة العلمية بأنفسهم واقتراح الحلول لمختلف المشكلات والمسائل والموضوعات المختلفة التي يتم عرضها عليهم، بنوع من الاستقلالية .
يمكن أن تساعد هذه الأنشطة في توفير بيئة وإطار من التعاون والعمل الجماعي بين الطلاب وبين الطلاب والمعلمين، مما يؤدي إلى التخلص من العلاقات التقليدية بين الطلاب داخل الصف وبين الطلاب والمعلمين .
يمكن أن يساعد اكتساب المهارات بشكل تدريجي على مراعاة الفروق الفردية في قدرة كل طالب على التحصيل واكتساب المهارات المختلفة، حتى يكون جميع الطلاب مؤهلين للمرحلة التعليمية الأعلى علميًا وفكريًا ونفسيًا .
أنواع السقالات التعليمية
قسم بعض العلماء والباحثين السقالات التعليمية إلى عدة أنواع، منها الأهم:
السقالات التعليمية المعرفية
تعرف بالإنجليزية بمصطلح `المنصات المعرفية`، وتتألف من ثلاثة مستويات رئيسية، تبدأ بتوضيح المعلومات المقدمة في المادة الدراسية، ثم تنتقل إلى تطبيق تلك المعرفة وربطها بمختلف جوانب الحياة العامة، وأخيرا المستوى الذي يتم فيه تكوين وابتكار الطلاب نتيجة رفع مستوى مهاراتهم المعرفية أثناء الاكتساب والتطبيق .
السقالات التعليمية المحفزة
تعرف السقالات التعليمية المحفزة بالإنجليزية باسم Motivational Scaffolds، وتشمل الأجزاء الأساسية للمادة العلمية والأجزاء الثانوية والتعليمات الداعمة
يتم تقديم المادة العلمية بطريقة مشوقة بين الطلاب، وتعزيز شغفهم وتشويقهم للبحث والدراسة والتعرف على المزيد من المعلومات حول المادة العلمية التي يدرسونها .
السقالات التعليمية المختلطة
توجد أيضا سقالات تعليمية مختلطة تسمى أيضا بـ السقالات المختلطة، وهي مجموعة من الدعامات التعليمية المتنوعة التي تجمع بين تدريس التقنيات الحديثة والسلوكيات الاجتماعية والقدرة على التعلم الذاتي والمهارات الفردية، وتشمل أيضا بعض الدعامات التعليمية الخاصة بالمعلم والتي تؤهله لتطبيق تلك الاستراتيجية بشكل يساعد في جني أقصى فوائدها
مميزات السقالات التعليمية
تتميز استراتيجية السقالات التعليمية بعدد كبير من الميزات الفريدة، مثل:
-لا تنتقل بالمتعلمين من مرحلة الاعتماد على المعلم إلى مرحلة التعلم الذاتي بشكل سريع ؛ حتى لا تحدث فجوة في قدرة الطالب على التحصيل العلمي ؛ وإنما في البداية يتم الاعتماد على المعلم في تقديم المعلومة ، وبشكل تدريجي يتم تدريب الطالب على الاعتماد على ذاته في فهم وتحليل المادة العلمية وفي النهاية ؛ تكون اعتمادية الطالب واقعة على ذاته بنسبة تزيد عن الـ 90 % في تحصيل العلم والمعرفة .
-يساعد التدرج في المستويات التعليمية من خلال استخدام السقالات التعليمية على تشكيل شخصية الطالب بطريقة صحيحة والاهتمام بالفروق الفردية وسرعة البديهة لدى المتعلمين، ويشمل جميع الطلاب
تصلح نظرية استخدام الدعامات والسقالات التعليمية في جميع مراحل التعليم لأنها مرنة وغير مقتصرة على نموذج واحد، بل هي فكرة قابلة للاستخدام في أي مادة وفي أي مرحلة، بغض النظر عن طبيعة الدعامات التعليمية التي يقدمها المعلم للمتعلم. وبالتالي، فإن هذه الاستراتيجية مناسبة للاستخدام في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية، وتعزز تطوير مهارات البحث العلمي لدى الخريجين .
تستخدم بعض المراكز التعليمية والتدريبية هذه الاستراتيجية لتنمية مهارات الطلاب والمتدربين على مدار فترة زمنية محددة بشكل تدريجي وفعال، وذلك لتحقيق الفائدة المرجوة من العملية التعليمية أو الدورات التدريبية .
تعتبر استراتيجية الدعم التعليمي ذات فائدة لا تقتصر على المعرفة النظرية فقط، حيث يمكن تطبيقها على الجوانب العملية والتطبيقية في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك الحياة العلمية والعملية والاجتماعية .
معوقات وعيوب السقالات التعليمية
يرون بعض التربويون أن السقالات التعليمية وسيلة تعليم رائعة جدًا، ولكنها تخلو من المعوقات والعيوب التي يجب أخذها في الاعتبار، مثل:
تحتاج نظرية السقالات التعليمية إلى فترة زمنية طويلة، حتى يتمكن المعلم من اكتساب الخبرة الكافية وتطبيقها بشكل صحيح على الطلاب، وهذا يتطلب بالطبع وقتًا وجهدًا طويلين قد لا يكون متاحًا في العديد من الأنظمة التعليمية .
بسبب اهتمام استراتيجية الدعم التعليمي بجميع الطلاب دون تمييز، يمكن أن يتعرض حقوق الطلاب المتفوقين والأذكياء الذين يتمتعون بالقدرة على التعلم السريع والذكاء للضرر، حيث يمكن أن يتم إضاعة وقتهم في المستويات الدراسية الأدنى بدلا من التحرك إلى مستويات دراسية أعلى، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية لانتقاد استخدام نظرية الدعم التعليمي
-وعلى الرغم أن الاستراتيجية تتبنى فكرة عدم الانتقال اللحظي من الاعتماد على المعلم بالكامل إلى اعتماد الطالب على نفسه بالكامل ؛ فإن هذ الأمر قد يؤدي إلى تكاسل بعض الطلاب عن الاعتماد على أنفسهم ويظلوا يعتمدون على المعلم طوال الوقت ، بل ويفقدون الرغبة أيضًا في البحث والاستكشاف بأنفسهم ، ولذلك ؛ لا بُد من مراعاة تلك النقطة عند تطبيق الاستراتيجية ووضع حد نهائي وفترة زمنية مُحددة لاعتماد الطالب على المعلم ؛ حتى لا يجد الطالب سبيل إلا الاعتماد على نفسه بشكل تدريجي إلى أن يصل إلى المستوى الإدراكي والتعليمي والاستقلالي المطلوب .
لا تعتبر فكرة السقالات التعليمية جديدة، وقد تم اكتشافها قبل عدة عقود من قبل بعض العلماء، وما زالت تشهد درجات عالية من التطوير والتطبيق على نطاق واسع في العديد من المؤسسات التعليمية المرموقة على مستوى العالم .