استراتيجية الحوار السقراطي
إجراء المحادثة والحوار القائم على تحديد مجموعة من الأسئلة وتوجيهها إلى شخص اخر أو تبادل الاسئلة بين طرفي الحوار يُعد من أشهر الطرق الحوارية التي يتم الاعتماد عليها في الكثير من الدور العلمية ، وهناك عدد هائل من انلظريات التي تقوم عليها المناظرات والمحادثات والحوارات المختلفة ومنها استراتيجية الحوار السقراطي أو الأفلاطوني .
الحوار السقراطي
هو شكل من أشكال الحجة أو المجموعة من الحجج التي تتبع مبدأ الأسئلة والأجوبة، والتي استخدمها سقراط في حواراته مع أفلاطون، ومن هنا جاء اسم الحوار السقراطي أو الحوار الأفلاطوني .
يعد الحوار السقراطي واحدا من أقدم استراتيجيات التعليم المستخدمة منذ العصور الوسطى. تعتمد هذه الاستراتيجية بشكل كامل على المعلم الذي يلعب دور الموجه والمرشد، ويتفاعل مع المتعلمين ويساعدهم على الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها، ولكن المعلم يتظاهر بالجهل بشأن الموضوع المطروح حتى يتمكن من الاستماع إلى آراء وإجابات الطلاب عن طريق الأسئلة التي يطرحها .
أهداف الاستجواب السقراطي
تتمثل بعض الأهداف الهامة التي يتم تحقيقها من خلال تطبيق الحوار والاستجواب السقراطي في تقييم المتعلمين بشكل سليم، ويشمل ذلك:
يتم الكشف عن تفكير المتعلم وما يجول في خاطره من أفكار ومعلومات واستنتاجات من خلال إجاباته على الأسئلة التي يطرحها المعلم، ويتم بعد ذلك تحديد نقاط الفهم وعدم الفهم لدى الطالب ومساعدته على فهمها وتطوير مهاراته الإدراكية .
تهدف الحوارات السقراطية بشكل رئيسي إلى تدريب المتعلمين على طرح الأسئلة السقراطية التي تغطي جميع جوانب أي موضوع لاستكشافه بشكل كامل وشامل، وليس هذا مقتصرًا على الحياة العلمية فقط، بل ينمي هذه المهارة في الطلاب في الحياة العامة .
فوائد الاستجواب السقراطي
تحمل الحوارات السقراطية عددًا كبيرًا من النقاط الإيجابية التي تفيد المتعلمين، ومن أهم هذه النقاط:
عن طريق الحوار السقراطي، يمكن للطلاب توضيح وجهات نظرهم وطريقة تفكيرهم، مثل: لماذا تقول ذلك؟ وهل يمكنك شرحه بشكل أوضح؟
يساعد الطلاب على التفكير العميق وطرح الافتراضات وتقديم الأسباب والأدلة على هذه الافتراضات .
يجب على الطالب تقديم دليل حقيقي يؤكد صحة فرضياته في النقاش السقراطي، حيث يعتبر الدليل هو أساس النقاش والتفكير والتحليل والوصول إلى أدلة دامغة حول كل موضوع أو قضية قبل طرح وجهات نظره عبر الحوار والنقاش مع الآخرين .
-يُوطن الطالب على احترام اراء الاخرين وتقبل الاخر والرؤى ووجهات النظر البديلة طالما كانت تهدف إلى الصالح العام ، ويُساعده على أن يبني حجة للمعارضة أيضًا أثناء حواره من الاخرين وعدم الجدال من أجل الجدال والفوز بالنقاش فقط وإنما إجراء الحوار والمناقشة من أجل الوصول إلى أفضل رأي ووجهة نظر .
-الاستجواب المباشر للطالب يُساعده على أن يكون ذو قوة ملاحظة وسرعة بديهة أكبر ؛ لأنه يعتمد على العصف الذهني وعلى كل ما يتمكن من تذكره حتى يقوم بالإجابة على الأسئلة المطروحة لديه ، وبالتالي ، فإن الاستمرار في تطبيق هذه الاستراتيجية يجعل الطالب ذو قدر على من الذكاء وقوة الذاكرة .
الحوار السقراطي في العلاج النفسي
هل تعلم أن الحوار السقراطي يُعتبر من أهم الوسائل التعليمية المستخدمة في العلاج النفسي أيضًا ؛ حيث أنه يُساعد على إعادة بناء الهيكلة المعرفية لدى المرضى كأحد خطوات ومراحل العلاج الإدراكي ، ومن أهم الأسئلة التي يتم الاعتماد عليها عبر الاستجواب الاستقرائي في العلاج الإدراكي ، ما يلي :
– ما هو الدليل الذي تقدمه للفكرة التي تطرحها؟ وما هي الحجة التي تدعم صحتها والاعتقاد بها
يتم طرح سؤال حول تفسير الموقف ووجهة النظر الأخرى وسببها لتصور بدائل مناسبة للأفكار المُحددة وهكذا .
من الضروري التعرف على أفكار وتوقعات المريض حول عوارض الحياة التي يواجهها، مثل ما هي أسوأ الاحتمالات وما هي أفضل التوقعات، وما هي النتائج التي يمكن تحملها والنتائج التي لا يمكن تحملها، وهكذا .
-التعرف على الرؤية الفكرية البعيدة للمريض ، ومن المثلة على ذلك ؛ أن يطلب المقعالج النفسي من المريض أن يتخيل أحد أصدقائه أو أي شخص اخر واقعًا في نفس مشكلته ، ويطلب منه معرفة ما هي ردود فعل هذا الشخص تجاه هذه المشكلة ، ويعرف ما الذي سوف يقوله المريض لهذا الشخص لمواساته أو لحل المشكلة أو مساعدته وهكذا .
ويُذكر أن الاعتماد على فكرة الاستجواب الاستقرائي في العلاج النفسي للمرضى وتطبيقها بشكل صحيح وخصوصًا في حالة المرضى الذين يتعرضون إلى صدمات نفسية قوية يُساعدهم على أن يتخلصوا من حالة العزلة وعدم الرغبة في الظهور أو التواجد في المجتمع بأي صورة ؛ لأنه يتصدى إلى التفكير اللامنطقي للمريض ويجعله يواجه الموقف بصورة غير مباشرة ؛ ولذلك ، لا يزال الكثير من الأطباء والمعالجين النفسيين معتمدين على الحوار السقراطي .
سلبيات الحوار السقراطي
يعتبر الحوار السقراطي عاملاً سلبياً تماماً على تقدم العملية التعليمية ويحول دون تطوير عقل الطالب وإدراكه، وهذا ما يرويه بعض النقاد الذين يعترضون على استراتيجية الاستجواب السقراطي. يعود هذا إلى النقاط التالية:
يتم الاعتماد بشكل كامل على المعلم في الحصول على المعلومات وشرحها وتوصيلها للطالب، وطرح الأسئلة ومساعدة الطلاب على الإجابة عليها. ويؤدي ذلك إلى عدم مشاركة الطالب بشكل كامل في العملية التعليمية، ويصبح الطالب مجرد مستقبل للمعلومات وربما حافظًا على أجوبة الأسئلة دون فهمها بشكل كامل .
يعاني العديد من المعلمين من عدم اتقانهم النظرية والاستراتيجية الصحيحة للحوار السقراطي، وبالتالي، لا يحقق الطلاب أي فائدة يذكر من الجانب الحواري والنقدي القائم على الحجة والدليل .
-الفروق الفردية بين المتعلمين تجعل بعضهم يحظى بتنمية القدرات العقلية والإدراكية ، في حين أن الطلاب المُصابين بالرهاب الاجتماعي والخجل وعدم القدرة على المشاركة في الحوار لا يحصلوا على أي فائدة من هذه الاستراتيجية وبناءً على ذلك لا تحقق استراتيجية الاستجواب السقراطي الفائدة المنشودة منها لجميع المتعلمين .
-يتبني الكثير من الأشخاص وجهة نظر سقراط في أن الاستجواب هو أنجح استراتيجية تعليمية التي يجب الدفاع عنها دائمًا أمام أي وسائل حوارية أو تعليمية أخرى ، في حين أنه يوجد عدد هائل من الاستراتيجيات التعليمية الأخرى الحديثة والمعتمدة على الوسائل التقنية التي قد أثبتت أنها ذو فائدة أكبر للطلاب وتجعله ذو قدر عالي من المشاركة في سير العملية التعليمية .
على الرغم من الانتقادات الموجهة إلى استخدام استراتيجية الحوار السقراطي بمفردها في التعليم، إلا أن العديد من المؤسسات التعليمية مازالت تعتمد هذه الاستراتيجية كوسيلة أساسية في تقييم الطلاب لديها، بدون اللجوء إلى وسائلتقييم أخرى أكثر تطورًا ودقة .