استراتيجية التعلم البنائي
تتبنى الاستراتيجيات الحديثة جميعها فكرة توصيل المعلومات المختلفة إلى الطلاب بطريقة تربط بين ما يتعلمه الطالب وبين الحياة العامة، سواء كانت ظواهر طبيعية أو عمليات حسابية أو غيرها، ومن هنا ظهرت العديد من الاستراتيجيات التعليمية التي تعتمد على التدريس البنائي الذي يساعد على بناء شخصية الطالب الفكرية والمعرفية في نفس الوقت .
مفهوم استراتيجية التعلم البنائي
يعرف العلماء استراتيجية التدريس والتعلم البنائي على أنها أسلوب تدريس حديث يقوم على مبدأ التعلم التعاوني بين الطالب والمعلم وبين الطالب وزملائه، ومن خلال هذه الاستراتيجية يتم مساعدة الطالب على بناء معرفته العقلية والفكرية والإدراكية بأهم المفاهيم والمبادئ والقوانين المتعلقة بالدرس الذي يتم شرحه، ورأى خبراء مادة الرياضيات أن استراتيجية التعلم البنائي هي الأفضل حتى الآن في تدريس مادة الرياضيات التي تعتمد بشكل كبير على الاستنتاج وفهم الطالب لمبادئ النظريات والعمليات الحسابية والقدرة على استخدام القوانين في حل المسائل المختلفة .
مبادئ استراتيجية التعلم البنائي
تعتمد نظرية التعلم البنائي على بعض المبادئ الفكرية الهامة، من بينها: وتنتج عنها استراتيجية التعلم البنائي
يجب بناء المعرفة في عقل الطالب من خلال توجيهه إلى التعلم الذاتي ومحاولة فهم واستكشاف الموضوع بمفرده أولًا، حتى يتمكن من اكتساب القدرة على البحث والتفكير والتحليل بتمرير الوقت .
يجب على المتعلم أن يتقبل المعلومات بشكل إيجابي، على عكس التلقين السلبي الذي لا يساعد على تطوير مهاراته.وبدلاً من ذلك، يجب عليه أن يتلقى المعلومات بشكل متفاعل في ضوء القيام بالأنشطة المختلفة سواء داخل أو خارج الفصل، والمشاركة التفاعلية في عملية التعلم والتعليم بشكل يساعد على تطوير مهاراته .
تعتمد النظرية البنائية في التدريس على ضرورة أن يقوم الطالب بتحضير الدرس أولاً، وأن يوجه المعلم بعض الأسئلة له للتأكد من مدى فهمه واستيعابه للمعلومات بمفرده، ولقياس درجة المجهود الذي قد بذله من خلال البحث عن معاني المصطلحات والتعريفات المختلفة .
-ومن أهم المبادئ التي تهدف استراتيجية التعلم البنائي إلى تحقيقها هي أن يبني الطالب نفسه ذاتيًا من خلال ما يقوم بتعلمه بشكل ذاتي دون الاعتماد على اخرين في تقديم المعلومة ن وهذا من شأنه أن يجعله قادرًا بعد ذلك على تفنيد أي معلومة وتمريرها على عقله أولًا لكي يقتنع بها ولا ينساق انسياق أعمى وراء أي اراء أو أفكار تُملى عليه .
تشير الاستراتيجية أيضا إلى أن المعرفة لا تكون في معزل عن المتعلم، بل تنبع من أفكاره وابتكاراته وتتمثل في عقله وتعبر عن نظرته إلى العالم، مما يساعد على تفسير الكثير من الظواهر والأحداث بذكاء ومنطقية .
تدعو الاستراتيجية البنائية إلى وضع المشكلات المختلفة أمام الطالب وتركهحتى يقوم بتحليلها وفهمها، ومن ثم وضع الحلول المقترحة لها، وهذه من أهم الأفكار التي تدعو إليها الاستراتيجية البنائية .
تعتمد هذه الفكرة أيضًا على أن التبادل المعرفي بين الطالب وأقرانه داخل الصف يُساعد على نمو وتطوير مقوماتهم المعرفية .
مراحل استراتيجية التعلم البنائي
يمكن تطبيق استراتيجية التعليم والتعلم البنائية على مجموعة من المراحل كالتالي:
يقوم المعلم بوضع سؤال أو مسألة متعلقة بالدرس الذي سيتم شرحه، ويمنح الطلاب فرصة للتفكير والوصول إلى حلول لهذا السؤال، حتى يتمكنوا من طرح أفكارهم بحرية تامة .
يتم توجيه التلاميذ إلى تنفيذ نشاط استكشافي يساعد المعلم أو المربي على مراقبة سلوك وطريقة تفكير كل طالب ومحاولة تصحيح أي تصرف يظهر عليهم، ومراقبة تفاعلهم مع المجتمع من حولهم .
-في نهاية النشاط ؛ تقوم كل مجموعة من الطلاب بعرض أهم النتائج التي قد توصلت إليها في صورة نقاط مختصرة وواضحة في نفس الوقت ، ومن ثم مناقشة تلك النتائج والأفكار مع باقي التلاميذ ، ويتم ذلك مع كل مجموعة ، إلى ان يتم التوصل في نهاية الأمر إلى نتائج مُحددة ومعلومات اساسية يستفيد بها كل الطلبة والطالبات .
يتم بعد ذلك تنفيذ نشاط جديد لكل مجموعة من الطلاب يتعلق بالنتائج التي تم الوصول إليها من خلال النشاط الأول، وذلك لإثراء المعلومات التي اكتسبوها مسبقاً، والعمل على استخدامها وتطبيقها في مواقف مهمة ومتقدمة
تمركز الاستراتيجية البنائية حول التلميذ
كما تُعتبر الاستراتيجية البنائية أحد أشهر النظريات التعليمية المنصبة والمتمركزة تمامًا على التلميذ وتعتمد على إشراف المعلم على خطوات تنفيذ الاستراتيجية فقط دون المشاركة بإعطاء المعلومات للطالب ، ومن هنا أشار الباحثين والخبراء إلى أن خطوات الاستراتيجية البنائية تعتمد على الخطوات التالية :
خطوة التنشيط
الهدف منها هو تنشيط العقل، وتتمثل في توجيه سؤال جذاب من المعلم إلى الطلاب لجذب انتباههم وتحفيز فضولهم العقلي، ودفعهم لاستخدام عقلهم والتفكير في الإجابة على السؤال المطروح أو حل المشكلة المعروضة أمامهم .
خطوة الاستكشاف
وهي الخطوة التي تأتي بعد التنشيط، حيث يقوم الطلاب والطالبات بأنشطة تسعدهم وتساعدهم على إيجاد حل صحيح ومنطقي للسؤال المطروح للنقاش. تعد هذه الخطوة من أهم استراتيجيات التعلم، حيث تظهر قدرة كل طالب على البحث والاستكشاف بمفرده للحصول على معلومات مختلفة وقدرته على التواصل مع المجتمع للوصول إلى الحل .
خطوة المشاركة
بعد البحث والوصول إلى النقاط والحلول المقترحة، يقوم الطلاب بعرض أفكارهم وحلولهم، ومن ثم يبدؤون في مناقشتها بشكل مفتوح والوصول إلى الحلول الأكثر صحة والأكثر منطقية، ويتم اعتماد هذه الحلول كأفكار وحلول تم التوصل إليها من قبل جميع أعضاء الصف. وتعد هذه الخطوة من الخطوات المهمة التي تساعد الطلاب على مناقشة أفكارهم بشكل جيد ومتفاهم وتعزيز روح التعاون بينهم، وهذا يساهم في تحسين التنمية الاجتماعية والتعاونية بين الطلاب .
خطوة الترسيخ
أما خطوة الترسيخ، فتعني أن يستخدم الطلاب النتائج التي توصلوا إليها في القيام بأنشطة جديدة مستندة إلى تلك الأفكار. وهذا يساعد في ترسيخ تلك النتائج والأفكار في عقول الطلاب، وتصبح جزءا من شخصياتهم وأساليب تفكيرهم مع مرور الوقت. إنها وسيلة فعالة بكثير من طرق الحفظ والتلقين التقليدية التي لا تقدم أي فائدة يذكر للطلاب .
ويُذكر أن العديد من البلدان الأجنبية والعربية أصبحت تعتمد بشكل كبير اليوم على تطبيق استراتيجيات التعلم البنائي في مراحل التعليم المختلفة وخصوصًا المراحل الابتدائية التي تتكون شخصية الطالب من خلالها ؛ لما قد نتج عنها من فوائد هائلة تصب في مصلحة الطالب ومجتعمه بشكل أساسي ؛ حيث أنها تُساعد على إفراز جيل ذو عقل وتفكير وقدرة على تحليل كافة الأحداث والمواقف من حوله بشكل واعي وذكي فضلًا عن أنها تُساعد الطالب على أن يكون ناجحًا في حياته العملية أيضًا فيما بعد .