استراتيجية ادارة المعرفة
العلم والمعرفة هما سلاح العصر بدون منازع، ولذلك، يجب على جميع الدول والهيئات والمؤسسات التعليمية والمؤسسات العامة العمل على نشر المعرفة العلمية والاجتماعية والسلوكية والإدارية وجميع أنواع المعرفة بشكل صحيح ومنظم، لنقل القدر الكافي من المعرفة العلمية إلى جميع الأجيال وفي جميع المؤسسات، ومن هنا جاءت الحاجة إلى نظريات وطرق يمكن من خلالها إدارة فروع المعرفة، وتعرف هذه الطرق باسم استراتيجيات إدارة المعرفة
إستراتيجية إدارة المعرفة، أو بالإنجليزية Knowledge management strategy، تعني وضع خطة عمل للمؤسسة أو الهيئة لتحديد كيفية إدارة المعلومات والبيانات وعناصر ووسائل المعرفة داخل الشركة. هذا بالتأكيد يساهم في تحسين كفاءة وإنتاجية الشركة. يجب أن نذكر أن فكرة ونظام إدارة المعرفة قد ساهما بشكل كبير ومجرب في تحقيق أهداف وتنمية الشركة، خاصة عند تنفيذهما على مستوى الأقسام الفردية .
مكونات استراتيجية إدارة المعرفة
تشمل نظرية إدارة المعرفة دائمًا بعض الأجزاء الرئيسية التي يُمكن تطبيقها في أيمكان، وتتضمن التالي:
تحديد الأهداف التجارية
يتعين توضيح المنتجات أو الخدمات التي يرغب المشروع في تقديمها، وتحديد الفئة المستهدفة من العملاء والمستهلكين، وتحديد القنوات والوسائل المثلى لتوزيع المنتجات، وتوضيح الرسالة أو بيان الرؤية، وإدارة الهيكلية للمؤسسة .
تحديد الأعمال المطلوبة
يجب تحديد الأعمال والأنشطة الأهم التي تحتاجها الشركة، سواء كان ذلك للفريق الإداري أو الفريق التنفيذي أو فريق التسويق والعلاقات العامة، وتحديد مدى الحاجة إلى الأفكار الابتكارية والإبداع داخل الشركة، بالإضافة إلى تقييم مدى الحاجة إلى ضخ مزيد من المعلومات الجديدة إلى أفراد العمل بالشركة في ضوء تطبيق إدارة المعرفة
تحديد عناصر رأس المال
لا يُمكن لأي مشروع أن يستقيم ويستمر وينجح ؛ إلا إذا تم تحديد مصر رأس المال ومصد التمويل المؤقت أو الدائم وحجم الأرباح المتوقعة وهكذا ، حيث يجب أن يتم تحديد قيمة رأس المال الأساسي وقيمة رأس المال الخاص بالبنية التحتية للمشروع ، وغيرهم من أنواع صور الدعم المال ورأس المال الأخرى .
استغلال الموارد المتاحة
يجب على صاحب مؤسسة العمل أن يعرف بشكل جيد جميع الموارد المتاحة له في مكان أو منطقة إقامة المشروع والموارد التي يمكنه الحصول عليها بسهولة والتي تحتاج إلى مزيد من الجهود والوقت للحصول عليها، وباستناد إلى توافر هذا النوع من البيانات والمعلومات المعرفية حول موارد الشركة، ستتم إدارة تلك الموارد واستغلالها بالشكل الأمثل لتحقيق المصلحة العامة لمؤسسة العمل .
أهم أنواع المعرفة
قام العلماء في مجال إدارة المعلومات والأعمال بتقسيم إدارة المعرفة وأنواع المعلومات المعرفية التي تعتمد عليها أي مؤسسة عمل، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، إلى قسمين رئيسيين وهما:
معرفة ضمنية
المعرفة الضمنية وهي المعروفة بالإنجليزية بـِ Tacit Knowledge تُشير إلى مجموعة من المعلومات وأشكال المعرفة غير الظاهرية أي التي تتطلب توفر قدر من المهارات والخبرة من أجل الوصول إليها ، وقد عبر البعض عن المعرفة الضمنية في أنها تنبع من تراكم الخبرات المعرفية حول مجال ما وخصوصًا لأصحاب التخصص به .
كما تأتي أيضًا من الدرة على التفكير وطرح وجهات النظر المختلفة وتعتمد كذلك على مدى الكفاءة والمهارة وفهم طبيعة وأسرار العمل إلى جانب الفهم التام لكل ما تملكه المؤسسة من معلومات وبيانات ، غير أن تلك المعرفة تتضمن أيضًا قدر من الثقافة التنظيمية داخل المؤسسة والتي ينتج عنها رفع كفاءة ومعرفة جميع العاملين بشكل تلقائي .
وقد أشار بعض الخبراء أيضًا إلى أن اكتساب المعرفة الضنية يعتمد في المقام الأول على مهارات كل شخص والتفاعل الإيجابي الذي يتم بين أفراد أقسام العمل وبعضهم البعض ، وقد تكون هذه المعرفة إدراكية او فنية ، ونظرًا إلى أن اكتساب المعرفة الضمنية قائم في الأساس الأول على مدى المهارة والذكاء والخبرة ؛ فإن اكتساب هذا النوع من المعرفة يكون بطيء نوعًا ما .
معرفة ظاهرية
بينما المعرفة الظاهرية أو Explicit Knowledge تحمل معنى مختلف تماما عن نوع سابق، إذ تشير إلى جميع المعلومات والبيانات المتاحة بشكل مادي أو معنوي لجميع أفراد وأقسام العمل، ويمكن لأي شخص الاطلاع عليها بسهولة دون الحاجة إلى مهارات أو ذكاء خاص لاكتشافها، وتكون هذه المعلومات عادة محفوظة في أرشيف المؤسسة، ويمكن أن تكون في شكل تقارير أو ملفات أو كتيبات أو صور أو رسوم بيانية أو وسائل توصيل المعلومات الأخرى
خصائص نظرية إدارة المعرفة
ومن ناحية أخرى، تأتي نظرية إدارة المعرفة ببعض الخصائص مثل:
تعتمد هذه الاستراتيجية على تحقيق الفكر الإبداعي في مؤسسة العمل من خلال اكتساب الخبرة والاكتشاف والابتكار للوصول إلى أفكار جديدة يمكن من خلالها تعزيز قوة ونجاح الشركة .
-ومن خلال إدارة المعرفة أيضًا ؛ يتم تحويل المعرفة الضمنية إلى معرفة ظاهرية ؛ حتى يتمكن أكبر عدد هائل من الموظفين وأفراد العمل من الاستفادة بها ، فضلًا عن مشاركة المعلومات والبيانات والخبرات بين الأفراد وبعضهم البعض ، ومن ثَم ؛ رفع كفاءة كل طاقم العمل ، وهذا بل شك يصب بالكامل في مصلحة الشركة .
تتبنى استراتيجية إدارة المعرفة مبدأ وعملية التخريج أو Externalization، وهي تهدف إلى استخدام الخبرات والمواهب الفكرية لأفراد العمل والمعلومات الضمنية في إنتاج أفكار جديدة وتطبيقها داخل الشركة، وبذلك يتم رفع كفاءة باقي أفراد العمل .
– ومع ذلك، تشير هذه الاستراتيجية أيضا إلى أنه من الضروري عدم الاكتفاء بمهارات وخبرات فريق العمل فقط، بل يجب أيضا على إدارة المؤسسة أن تحرص على استقدام خبرات أخرى مثل الخبراء في المجال العمل، للاستفادة من آرائهم الخاصة والمساهمة في تطوير ونمو المؤسسة. وبالإضافة إلى ذلك، ستساهم هذه الخطوة في رفع كفاءة الفريق بأكمله بشكل ملحوظ وكبير .
-كما قد تطرقت الاستراتيجية أيضًا إلى ضرورة عدم الاكتفاء بنشر المعرفة فقط بين أفراد العمل ؛ لأن ذلك لن يكون مُجديًا ولن يؤثر بأي شكل إيجابي على المؤسسة ؛ وإنما لا بُد من الحرص على تطبيق تلك المعرفة بشكل عملي من أجل ترسيخ المعلومات واكتساب المهارات بشكل أسهل وأسرع ، ومن ثم فإنه من اللازم أن يتم نشر المعرفة أولًا ثم تطبيقها ثانيًا لأنه لا فائدة لأي منهما دون الأخرى .
ويُذكر أن الحرص على تنفيذ مبادئ استراتيجية إدارة المعرفة في مؤسسات العمل بمختلف أنواعها سواء كبيرة أو صغيرة قد ساعدت بشكل فائق على تطبيق أفضل معايير الجودة وتحقيق النجاح والنمو والتطور السريع للمشروع بمجهود بإمكانيات ومجهود أقل ، وهذا يُفسر حرص كبرى شركات العمل على تعيين خبراء ومتخصصين في إدارة المعرفة بها .