استثمار الوقت في طاعة الله
اهتم الإسلام بالوقت وأعطاه عناية كبيرة، والدليل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى أقسم به في أكثر من موضع في القرآن الكريم، فقال تعالى، والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى، وأقسم أيضًا بالفجر والضحى والعصر، وهذا يدل على أهمية الوقت، وهو من الأمور التي يُسئل عنها العبد يوم القيامة، وتُعد من أهم النعم التي أنعم بها الله سبحانه وتعالى على عباده، والدليل قول الرسول صلّ الله عليه وسلم (نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ).
أهمية الوقت في القرآن والسنة
الوقت هو أحد الأمور التي أوضحت أهميتها القرآن الكريم والسنة النبوية، وبالتالي يجب على المسلم أن يحرص على استغلال الوقت لأنه لا يمكن استعادته. هذا ما دفع الصحابة الكرام إلى تطبيق مفهوم استغلال الوقت في حياتهم. على سبيل المثال، كان عبدالله بن مسعود يكره رؤية الشخص غير منشغل بعمل يفيده سواء في الدنيا أو الآخرة. وروى عن أبي الدرداء أنه قال لأصحابه: `أليس من المنطق أن يستعد أحدكم للسفر بجمع التجهيزات؟` فقالوا: `نعم`. فقال لهم: `إن سفر الآخرة أهم ويستحق أن نجهز له.
استغلال الوقت في طاعة الله
نظرًا لأهمية الوقت كلف الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعديد من الأوامر وأعانه على أدائها بنعمة الوقت، والوقت من الممكن أن يستغله الإنسان في النفع أو في الضرر، فإذا أحسن الإنسان استغلاله بما يعود عليه بالخير انتفع، وإن أساء بتضييع وقته دون فائدة عاد عليه بالضرر، فعمر الإنسان مُحدد ومحدود منذ الولادة إلى الوفاة وهذا العمر لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وجاء ذلك في وصف الحسن البصري، عندما قال “ابن آدم، أنت أيامٌ كلّما ذهب يومٌ ذهب بعضك”.
الوقت بالنسبة للإنسان يمر في حركة دائمة فلا يتوقف لأي لحظة ولا يمكن استرجاعه، ويعتبر الوقت من حيث القيمة هو أغلى من الجواهر، لأنه يمثل الحياة بالنسبة للإنسان، وجعل الله تلك الحياة هي الأساس للآخرة، وربط الأعمال الصالحة التي يقوم بها الفرد في الدنيا والعبادات بالنعيم في الآخرة.
طرق استغلال الوقت في طاعة الله
هناك العديد من الطرق التي يمكن للمسلم من خلالها استثمار وقته، ومن بين تلك الطرق:
يتم تحليل الوقت عن طريق معرفة الأنشطة المطلوب إنجازها والوقت المطلوب لكل نشاط، مع مراعاة تناسب الوقت مع المهمة. يتم إنشاء جدول خاص بالأنشطة لتقدير الخلل في العمل وتجاوزه للاستفادة الأكبر من الوقت.
إذا عرف الإنسان قيمة الوقت، فإنه يتمكن من تعزيز وتعظيم نشاطه، فبعض الناس يزيد نشاطه في الصباح، والبعض في المساء، ولكن من يدرك قيمة الوقت يختار الوقت المناسب لإنجاز الأمور المهمة، ويؤجل الأمور الأقل أهمية إلى أوقات أخرى.
يُعد التخطيط طريقة لاستثمار الوقت في طاعة الله، وذلك عن طريق تحديد الأهداف المطلوبة وتحديد الأساليب اللازمة لتحقيقها، ثم كتابة هذه الأمور يدويًا وتحديد الظروف والمعوقات التي تعوق الإنسان عن تحقيق هذه الأهداف.
يتمثل الحرص على نظافة مكان العمل في وضع كل شيء في مكانه المناسب، وذلك لتمكين العاملين من القيام بمهامهم بكفاءة وهدوء، وتجنب تأجيل المهام المطلوبة إلى وقت لاحق، حيث إن ذلك يؤدي إلى تراكم المهام وتضييع الوقت.
فيقول الله تعالى: (وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا)