يعنى البيان في اللغة بالظهور والكشف والفصاحة، وفي الاصطلاح، يقصد به الأصل والقواعد التي يتم من خلالها التعرف على معنى محدد بطرق مختلفة وتراكيب متفاوتة، وقد قام الجاحظ بتعريفه بأنه الدلالة الظاهرة على المعنى الخفي .
علم البيان
يعد علم البيان من العلوم التي يشتمل عليها علم البلاغة ، حيث يتضمن علم البلاغة كل من علم البيان وعلم المعاني وعلم البديع ، ويحتوي علم البيان على ثلاثة أركان أساسية وهي المطابقية والتضمنية والإلتزامية ، فعندما تكون الدلالة المقصودة للفظ أو للالفاظ عقلية ، فبذلك تصبح تضمنية والتزامية ، وفي حالة كان المقصود بالالفاظ هي الدلالة الوضعية ، ففي تلك الحالة تصبح مطابقية وذلك لوضوح المراتب مع علم المتلقي بها .
أركان علم البيان
التشبيه
التشبيه هو عملية التمثيل بين شيئين، وذلك بإيجاد شيء مشترك بينهما، ومثال على ذلك عندما نقول `فلان كريم السحاب`، فإننا نشبه الشخص بالسحاب، نظرًا لكرمه وعطائه الواسع، وذلك لأن السحاب هو المسؤول عن نزول المطر وإحياء الأرض وما فوقها .
في المثال السابق، نرى وضوحا عناصر التشبيه، حيث يتم تمثيل الشيء المشبه (فلان) والشيء المشبه به (المطر) وأداة التشبيه (ك) ووجه الشبه (الكرم) .
المجاز
يشير المجاز إلى التجاوز والتعدي، وعند استخدام المجاز في الجملة، يتغير المعنى عن معناه الأصلي ويستخدم بمعنى غير مباشر وملائم. هناك نوعان من المجاز: المجاز اللغوي والمجاز العقلي. المجاز اللغوي يشير إلى استخدام كلمة محددة في غير موضعها الأصلي لكن بوجود علاقة بينهما. على سبيل المثال، عندما نقول `فلان أسد`، لا نقصد حرفيا أن فلان هو أسد، بل يستخدم المجاز لوصف شجاعة فلان .
أما المجاز العقلي، فيشير به إلى إسناد فعل لأحد غيره، على سبيل المثال، إذا قلنا: والدي كان مريضا ولكن الطبيب الفلاني شفاه، فالشفاء في الواقع يأتي من الله تعالى، إلا أن استخدام المجاز في تلك الجملة جاء تجاوزا بالقول إن الطبيب هو الذي شفاه، وهذا لا يعد تعديا على الله سبحانه وتعالى .
الكناية
الكناية هي عدم الإفصاح المباشر، فنستخدم جملة تعبر عن المعنى بدلا من ذكر المعنى بشكل مباشر، على سبيل المثال، قال الشاعر: “قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم … قالوا لأمهم بولي على النار”، وهذا يعني إهانة القوم البخلاء الذين يهينهم الشاعر من خلال سخريته منهم في هذا النص .
وهناك عدة أنواع من الكنايات وهي : كناية عن الصفة ، وكناية عن النسبة ، وكناية عن الموصوف ، وتدل كناية الصفة على صفة معينة ملازمة للمعنى المخفي بالجملة كالصدق والأمانة والتقدير .. الخ ، مثل قول الشاعر : إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى ، فالمعنى الظاهر هو تخييم الليل على الشاعر ، أما الخفي فهو تشبيه الليل بإنسان وقد حل عليه وهو في حال يرثى لها .
أما الكناية عن النسبة فهي الاشارة إلى الموصوف وصفته ، ولكن لا يتم نسبتها إليه بشكل مباشر ، بل لشئ يدل عليه أو يرتبط به ، مثل قول الشاعر : وَأسْمَعَتْ كَلِماتي مَنْ بهِ صَمَمُ ، فالمعنى الظاهر هو سماع الأصم للشعر ، وفي ذلك ما يدل على كناية السمع ، وهي صفة توجد بكل إنسان ، إلا أن الأصم هو شخص لا يسمع ، وبذلك فإن المعنى الخفي أن مدح الشاعر لنفسه ولشعره .
واخيرا الكناية عن الموصوف هي التي يتم ذكر الصفة بها بدون ذكر الموصوف ، حيث تتم الإشارة إليه من خلال استخدام شئ خاص به ، مثل قول الشاعر : تتوقّى، قبل الرّحيل، الرّحيلا ، فالمعنى الظاهر هو الرحيل أو المغادرة ، أما المعنى المخفي فهو الموصوف ، والرحيل هنا يشير إلى الموت ، وهذا الأمر يتضح أكثر مع قراءة باقي البيت وهو : إنّ شرّ الجناة في الأرض نفسٌ …. تتوقّى قبل الرحيلِ الرّحيلا.
الإستعارة
الاستعارة هي نوع من التشبيه، ولكن الفرق هو أنه يتم حذف أحد أطرافه، حيث يكون التشبيه بدون المشبه أو المشبه به. وتنقسم إلى ثلاثة أنواع، فإذا تم حذف المشبه وتقديم المشبه به صراحة، فإنها تصبح استعارة تصريحية، فمثلا يقول الله تعالى في كتابه: “كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور”، فنلاحظ هنا استعمال استعارتان وهما الظلمات والنور، والحقيقة أنه يراد بهما الضلال والهدى، وقد تم حذف المشبه والتصريح بالمشبه به فقط .
إذا حذفنا الشيء المشبه به وأبقينا على إحدى صفاته للدلالة عليه، فإن الاستعارة تصبح مكنية. على سبيل المثال، يمكننا أن نقول `أكل الدهر عليه وشرب`، ويعني ذلك أن الشيء قديمومستمر، ولكننا لم نذكر ذلك بشكل صريح، وبالتالي يصبح الاستعارة مكنية .
عندما نقوم بحذف المشابه ونشير إلى المشبه به مع الاحتفاظ بالشكل والكلمات، في تلك الحالة تكون الاستعارة تمثيلية. يتم استخدام هذا النوع بكثرة في الأمثال الشعبية المعروفة، حيث يتم ذكر المثل في سياق يشبه الحالة الأولى. على سبيل المثال، عندما نقول `رجع بخفي حنين`، فإنها استعارة تمثيلية لأن الرجل لم يعود حقا بالخفين، ولكن التمثيل يشير إلى أنه عاد بخيبة كما في القصة الأصلية .