احكام اسلاميةاسلاميات

احكام الطلاق المعلق .. وأمثلة عليه

ما هي أحكام الطلاق المعلق

الزواج هو علاقة تنظمها الشريعة وتحميها من الانفراط وتضمن استقرارها، ومع هذا الحماية، يضمن للمرأة حقوق الاستقرار وعدم تعرض العلاقة لتقلبات مستمرة مثل التعرض للطلاق بدون ضوابط وقوانين. ولذلك، أكد الفقهاء ضرورة عدم استخدام الرجل كلمة الطلاق دون سبب واضح أو بأقل خلاف وشقاق

يهدف ذلك إلى حماية الحياة الزوجية من التسرع والغضب وغيرها من المشاعر السلبية التي قد تؤثر على العلاقة الزوجية وتؤدي إلى انهيار الأسرة وتفككها، مما يؤدي إلى انهيار المجتمع والأبناء دون سبب شرعي أو اجتماعي أو نفسي، وهذا يستحق كل هذا الجهد

هذا ما أراده الفقهاء في معاملتهم لمسألة الطلاق، ولكنه ليس بالضرورة ما يريده بعض الرجال، حيث يتساهل بعضهم في مسألة الطلاق ولا يفرق بين نزاع يُمكن حله دون الحاجة إلى الطلاق ونزاع لا يمكن حله إلا بالطلاق.

غالبًا ما يستخدم الرجال الحلف بالطلاق دون معرفة أحكامه وضوابطه، ويتعلق ذلك بالأمور الأخرى التي تدور حوله. فعندما يحلف الرجل بالطلاق، قد يفعل ذلك في نزاع مع زوجته، أو قد يحلف بالطلاق أيضًا في أي خلاف يعترضه مع أي شخص آخر، سواء كانوا أصدقاءً أو غرباءً.

الطلاق المعلق ليس أمرا سهلا، والقيام به يتعارض مع هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذهب بعض الفقهاء إلى وقوع الطلاق إذا حدث الشرط المعلق عليه، بينما قام البعض الآخر بتفصيل الأمر المتعلق بالطلاق المعلق

أما الناس الذين لديهم رأي في تفصيل مسألة الطلاق المعلق، فإنهم يرون أنه يتوقف على نية المطلق أو الرجل كالتالي

  • عندما يقصد الرجل باليمين التحفيز والحث على القيام بشيء ما، أو منع الفعل وفعل شيء آخر، أو يقصد الإثبات أو النفي، فإن حكم الطلاق المعلق في هذه الحالة هو حكم اليمين وليس حكم الطلاق، ويحتاج الشخص القيام بالكفارة عندما يخالف يمينه.
  • إذا كان الهدف من الأمر هو الطلاق الفعلي، فإن الطلاق يحدث عند تحقق الشرط المطلوب بالفعل.

النية هنا مسؤولية الشخص نفسه فقط، ولا يمكن لأي شخص آخر معرفة النية الحقيقية سوى الله وحده، لذا يجب على الشخص أن يعلم أن ربه يراقبه، وأنه لا يجوز له الكذب أو إخفاء الحقيقة، خوفًا من الله الذي يعلم كل شيء، وإذا تم تحققق الشرط وكانت النية طلاقًا، يتم تنفيذ طلقة واحدة.

يحذر العلماء من أن الانفعال والضيق والغضب هي الحالات التي تؤدي في الغالب إلى الطلاق، وذلك لتأكيد أهمية السيطرة على الغضب. فلا يحدث الطلاق بين الأزواج في الأوقات السعيدة والمستقرة، ولذلك ليس كل الغضب يؤدي إلى منع وقوع الطلاق، وفي حال وقوع طلاق، فإنه لا يحدث إلا بوجود الغضب والانفعال لدى الزوجين.

الغضب المقصود هو الذي يصل فيه الشخص إلى درجة لا يستطيع فيها التحكم في نفسه ولا يستوعب ما يقوله، ويتعامل مع الطلاق كما لو كان غير واعٍ أو مفقود الإرادة، أما الغضب الطبيعي، فقد يؤدي إلى الطلاق.

وبذلك يتضح حكم الطلاق المعلق، حيث يعود الأمر إلى نية الفرد في ذلك الوقت، فإذا كانت نيته الطلاق فسيتم الطلاق فعلًا إذا تحقق الشرط، وإذا كانت نيته التهديد أو الترغيب فقط، فإذا تحقق الشرط سيتم دفع كفارة حنث اليمين دون حدوث الطلاق.

أمثلة على الطلاق المعلق

لفهم معنى الطلاق المعلق بشكل أفضل، إليك بعض الأمثلة مثل قول الرجل:

  • إن خرجت من البيت فأنت طالق.
  • علي الطلاق أن تقاطعي والدتك.
  • فإذا تحدثتِ مرة أخرى مع هذه الجارة، أنتِ مطلَّقة.
  • لا تتحدثي مرة أخرى مع صديقتك على الأقل.
  • بالتأكيد، إذا لم تأتي لزيارتي، سيتم طلاق زوجتي.
  • إن لم تتركي عملك فأنت طالق.
  • لو لم تأكل فامرأتي طالق.
  • أن أرتديتي هذه الملابس فأنت طالق.
  • إن لم تذهبي لبيتِ أختي فأنتِ طالِقٌ.
  • لو لم تعتذري لأبي فأنت طالق.
  • إذا أخذتي مال من زوجك تكوني طالق.
  • علي الطلاق تقومين معي.
  • أنت طالق إن لم تعودي للمنزل الأن.
  • إذا كنت تكذب في هذه المسألة، فأنت مطلَّق.
  • إذا لم تأكل زوجتي جيدا، فإنها ستطلق بي إخوتي.
  • إذا عدت عن كلامي، ستصبح زوجتي طالقًا لدي.
  • تحرم علي زوجتي بالطلاق لو كنت أكذب.

يتضح من الأمثلة السابقة على صيغة الطلاق المعلق أنه يرتبط دائمًا بأداة شرط، وهي السبب في إطلاق الطلاق المعلق، وإذا لم يكن هناك أداة شرط، فسيختلف الأمر عن ما سبق.

بمعنى أن كلمة علي الطلاق لابد تأكل ليست لفظ طلاق معلق، لعدم وجود شرط هنا، وإنما هي صيغة يمين دارجة بين العامة، ولكنها قد تكون طلاق معلق نفس صيغة تلك الجملة بإضافة شرط لها، مثل نفس جملة علي الطلاق لابد تأكل السابقة ولكن تقال علي الطلاق إن لم تأكل أطلق زوجتي، أو تكون زوجتي طالق مني إن لم تأكل.

كما تم توضيحه سابقًا، فإن وجود تعليق الطلاق على شرط هو السبب في إطلاق لفظ المعلق عليه، وهو أيضًا ما يميزه عن عدة أمور أخرى مثل الطلاق العادي بشكل عام، ومثل اليمين أو الحلف بأي شيء.

لذلك، من المهم جدا صياغة الكلام في هذا الأمر، وكذلك الاهتمام بمعرفة نية الزوج التي قال بها كلامه، فعلى سبيل المثال، إذا قال لزوجته “أنت طالق إذا خرجتي من المنزل”، فإذا كانت نيته هي أن تطلقها عندما تخرج من المنزل فسيكون الطلاق صحيحا، وسيكون طلاقا واحدا. ولكن إذا كانت نيته هي فقط تهديدها وتخويفها لمنعها من الخروج فإن ذلك لا يعد طلاقا، وعليه عليه أن يؤدي كفارة.

حكم الرجوع عن الطلاق المعلق

الطلاق المعلق هو الطلاق الذي يتم تعليقه على شرط معين، مثل تعليق وقوع الطلاق إذا زارت المرأة بيت خالتها، وهو طلاق واقع بحسب معظم أهل العلم والأئمة الأربعة، شريطة تحقق شروط التعليق، وفي المثال السابق، زيارة المرأة لخالتها، ولا يعتمد الجمهور على نية الزوج أو قصده.

اختار ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وجماعة من أهل العلم اعتبار النية والقصد في الزواج، فإن كان الهدف هو حث على الامتناع فلا يحدث الطلاق ويصبح الفعل يمينا، وإذا قامت المرأة بتنفيذه وتراجع الرجل عنه، فإن الحكم يكون بالحنث باليمين

إذا كان الرجل ينوي الطلاق وصادق في ذلك، فإن الأمر يختلف، ولو قال الرجل لزوجته “أنتطالق” بسبب زيارة خالتها، وكان نيته الفعلية هي طلاقها إذا قامت بالزيارة، فإن الطلاق سيحدث إذا قامت بالزيارة، ولكن إذا لم تفعل ذلك وأراد الزوج التراجع والسماح لها بالزيارة، فلا يوجد طلاق.

يتمثل المشكلة الرئيسية في أن كبار الأئمة والعلماء لا يستطيعون العودة عن شرط الطلاق المحدد في المذاهب، باستثناء مذهب الحنابلة الذي يقول الشيخ ابن مفلح – وهو منسوب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية – إنه يمكن الرجوع عن طلاق الزوجة إذا علق على شرط محدد، ويمكن إلغاؤه.

خلاصة ما سبق أن الجمهور لا يرى الرجوع عن الطلاق المعلق، ولا اعتبار للنيه هنا فيه، واتفق معهم الأئمة الأربعة بما فيهم ابن حنبل، وباقي الشيوخ والأئمة، ولم يستثني منهم سوى قول واحد للحنابلة يبيح للرجل العدول عن الطلاق المعلق، وبحسب قانون وأئمة كل دولة يتحدد هذا الأمر وبأي الأقوال يأخذ الرجل.

الطلاق المعلق بفعل الزوج

لا يختلف الأمر في حالة طلاق الزوج نفسه، إذا قصد الرجل باليمين تشجيع وحث نفسه على القيام بأمر ما أو فعل شيء معين، أو إذا تم منعه من القيام بشيء وقرر القيام بأمر معين، أو إذا كان الغرض الكذب أو التصديق، فإن الحكم في هذا النوع من الطلاق هو أنه يعتبر يمينا وليس طلاقا، ويتطلب الكفارة، وفي حالة خرق اليمين، يجب على صاحب اليمين دفع الكفارة. وإذا كان الهدف من الأمر هو حدوث الطلاق بالفعل، فإن الطلاق يحدث فور تحقق الشرط بالفعل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى