احاديث عن ” بر الوالدين “
الوالدين لهما شأن ومكانة كبيرة لا يمكن وصفها بالكلمات، وأوصى الله ونبيه صلى الله عليه وسلم بطاعة الوالدين والعناية بهم، فهم سبب وجود أبنائهم في هذه الحياة وهم أساس حياتهم، وبذلوا كل ما في وسعهم من الجانب المادي والروحي لتربية أبنائهم، وتحملوا معا جميع الصعاب والتعب والإرهاق، ولا يستطيع أحد غيرهم تقديم هذا الجهد لأبنائه، ويعتبر الإسلام أن عطاء الوالدين هو عمل عظيم يستحق الشكر ويوصى بأداء حقوقهم.
فضل الوالدين
أوصى الله على طاعة الوالدين حيث قرنها الله بطاعته فقال تعالى،” وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً، إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً”.
تتضمن حقوق الآباء على الأبناء العديد من الاهتمامات التي يجب الالتزام بها، بما في ذلك رعايتهم والاهتمام بهم حتى بلوغهم سن الكبر، وطاعة أوامرهم وعدم التعنت أو الانفعال عند طلبهم الأمور، ما لم يكون ذلك بمعصية الله، كما يجب الحرص على زيارتهم بشكل دائم دون انقطاع. وعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأعمال التي تحبها الله، أجاب بأن الصلاة في وقتها وبر الوالدين والجهاد في سبيل الله هي من أحب الأعمال إليه.
و قد فرضت هذه الأوامر بالطاعات على الأبناء بسبب فضلهم العظيم عليهم، فيبدأ فضلهم من الأب و بفضله يحدث الحمل و تحمل آلام في بطنها تسعة أشهر، وفي هذه الفترة ترى الأم أنواع كثيرة من التعب و المشقة و قلة النوم و آلام الأسنان و العظام و غيره الكثير، و كل هذا التعب يهون على الأم خاصة مع تعب الولادة الذي لا يتحمله أي رجل، فكل طلقة تتحملها الأم كأنها خروج الروح.
و لا يكتفي دور الأم في هذا فقط بل يبدأ من جديد، ففي الشهور الأولى بعد الولادة تقل ساعات النوم عند الأم و تقوم برعاية صغارها، فتقوم بالاهتمام به في مرضه وطعامه و شرابه و نظافته و كل شيء يخصه، فتصبح حياتها ليست ملكا لها و لكن لأطفالها فتقوم بعمل كل ما يحبه دون التفكير في نفسها، كما أن وجود الأب نعمة كبيرة فهو يقوم ببذل كل جهد له و يتحمل حرارة الصيف و برد الشتاء، و لا يفكر في نفسه أو تعبه و يتحمل كل المشقات و التعب من أجل توفير قوت أبنائه و احتياجاتهم.
والأهم من كل هذه الأشياء المادية هو أن الأب والأم يقدمان لأبنائهما كل أنواع العطف والحنان، الذي لا يمكن العثور عليه مع أي شخص آخر. فمن يتمكن من ملاقاة والديه فعليه أن يحرص على طاعتهما وأداء حقوقهما قبل فوات الأوان، حتى لا يفقد أحدهما أو كليهما ويندم على التقصير في حقهما. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “خاب وخسر من أدرك والديه أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة”. وعن أبي هريرة رضي الله عنه: “عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه”. قالوا: “من ذا الذي يا رسول الله؟” قال: “من وجد والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة”. وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، فقال: “أحيي والديك؟” قال: “نعم”. فقال: “ففيهما فجاه.
بر الوالدين بعد وفاتهم
لا يقتصر البر في حياة الوالدين فقط و لا يقول أحد أنهم بعد موتهم تنقطع ذكراهم، لكن من باب البر لهم زيارة قبورهم و الدعاء لهم و إخراج صدقة لهم، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له”، و أهم شيء هو الدعاء لهم و الاكثار من الاستغفار لهم حتى يوسع الله قبورهم، كما يجب إذا وجد دين للأب أو الأم بعد الوفاة فلا بد من قضائه حتى لا يبقى في ذمة الميت، وصلة أرحامهم و اكرام أصدقائهم وزيارتهم و رعاية من يحتاج إلى الرعاية أو المساعدة.
أضرار عقوق الوالدين
عقوق الآباء من أكبر المعاصي التي حرمها الله و يترتب عليها الكثير من الآثار السلبية، الإبن العاق يذله الله في الدنيا و إذا دعى عليه والديه يكون الدعاء مستجاب، كما يطفئ الله النور من وجهه و لا يحبه أحد و تكثر عليه المصائب و يحرم من نطق الشهادتين عند الموت، بالإضافة الى أن أبناء الإبن العاق سيكونون صورة منه و سيفعلون نفس العقوق فيه، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم “كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين” كما أن في الآخرة لا ينظر الله إلى الإبن العاق، لقول النبي صلى الله عليه و سلم “ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث”، و يرى عذاب شديد في قبره و يؤخره الله من الدخول الى الجنة.