ادب

اتجاهات الشعر الأندلسي

يطلق على الشعر الذي ينبع من الحضارة الأندلسية اسم الشعر الأندلسي، وهو فريد من نوعه بسبب مجموعة من الخصائص التي يتميز بها، بما في ذلك الفنون الشعرية المتنوعة مثل الوصف والمراثي واستدعاء النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، بالإضافة إلى الشعر الفلسفي .

الشعر الأندلسي واهم اتجاهاته

الشعراء الأندلسيون تعاملوا مع معظم الأغراض التي تناولها شعراء المشرق بالمديح والتراث والغزل والتفاخر بأسلوبهم الخاص. وعلى الرغم من ذلك، توسعوا لبعض الأغراض وبرعوا في وصف الطبيعة والغزل والشوق للوطن والمدينة. يمكننا أن نجد التوازن بين الشعر الأندلسي والشعر المشرقي في الحمد والسخرية والنحيب، فقد وجدنا نفس الأسباب والأغراض في كل منهم، على سبيل المثال

المدح

يعد المدح لأمير الله الغني صاحب غرناطة من بين أهم المقاصد الشعرية للموشحات والشعر الأندلسي، وأشهرها من تأليف سن الدين بن الخطيب .

الرثاء

زادت كثرة الرثاء في الشعر الأندلسي بعد سقوط الأندلس، حيث يبكي الشعراء على آلامهم، ومن أشهر الرثاء قول الرندي الأب في رثاء الأندلس .

التهجئة

استخدم العديد من الشعراء السخرية اللاذعة للتعبير عن أنفسهم، وكان ابن حزمون من بينهم .

الغزل

لقد حظيت بمكانة كبيرة في الموشحات الأندلسية، وقد وصلنا إلى العديد من القصائد التي تصف جمال الطبيعة وتقدمها لأحبائها، ومن بين هؤلاء الشعراء ابن زيدون الذي ارتبط اسمه بمولد ابنة المستكفي وابن زهير الأشبيل  .

الغزل هو العنصر الأكثر شيوعًا والأوسع نطاقًا تقريبًا وانتشر بين الأندلسيين ، وذلك لما عرفوه من الرقة والميل واللهو والوداعة ووفرة مجلس الأخلاق والفرح ولديهم نوعان: مادي ، حسي ، مليء بالفحش والفجور ، عذري عفيف يتجاوز فيه الشاعر الإحساس والمادة للنقاء والوضوح والنقاء. يقول ابن عبد ربه بلغة لها انسيابية ونعومة وجمال التصوير رشاقة في التعبير .

يا لؤلؤاً يغوي العقولَ أنيقاً = ورشاً يعذبُ القلوبَ رفيقاً
كما يقال، لا يدري الدر الثمين من أين يأتي، فصدفةٌ يمكن أن تكون قيِّمة
إذا نظرت إلى محاسن وجهه، سترى وجهك في سنواته الذهبية

ابن خفاجة هو من قام بتأليف شعر الطبيعة الأندلسية وهو يتميز بالآفاق الشعرية للشعراء .

الحنين إلى الوطن 

ظل الأندلسيون محاصرين في وطنهم الأول في بلاد الشام كانت أرواحهم تميل إلى أن تكون مع وطنهم ومع ربه ، وكانوا يتقاطرون دائمًا بإخلاص ودفء بشوقهم وشوقهم ، لكنهم لم يبقوا أن تنبهر ببلدهم الجديد الأندلس ومثال على هذا النوع من الشعر قول عبد الرحمن في الداخل شوق للشرق وأهله في بلاد الشام .

أيها المسافر النائم، استيقظ وأدعوا بعضنا البعض بالسلام
جسمي، كما تراه على الأرض، وقلبي ومشاعري على الأرض
تقدر البعد بيننا فتفرقنا، وغمضت عيني عن البين الذي كان بيننا
ربما قضى الله بالبعد عنا، ولعله سيقضي بالاقتراب منا

رثاء المدن والمماليك

تحدث العديد من الكوارث لمسلمي الأندلس، والصراع المرير الذي دار بينهم وبين المسيحيين، والذي أدى إلى انتهاء مدنهم وحضاراتهم
تسبب الدمار الشامل والسقوط المروع في أيدي الأعداء في تفاعل الشعراء مع أحداث بلادهم، وابتكار ما يعرف بـ `رثاء المدن`. هذا ما قاله ابن شهيد في رثاء قرطبة

فَلِمِثلِ قُرْطُبَةٍ يَقلُ بُكاء مَنْ =يبكي بعين دمعها مُتفجر
العهد بالوفاء لها والتمسك بالتآلف هي ما يجعلها موطنًا خضرًا لأهلها
يصف البيت وأهله بأنها ياجنة عصفت بها الريح النوية ودمرتها وأهلها
آسى عليكِ من المماتِ، وحقٌّ لي إذ لم نُزلْ بكِ في حياتِكِ نفخرُ

سمات الشعر الأندلس

  • تتميز الشعر الأندلسي بسهولة الكلمات ورقتها وغياب الغرابة، باستثناء شعر ابن هاني الذي يتميز بالخشونة نتيجة تأثره بالمتنبي، حيث يترابط الأفكار فيه وتكون المعاني واضحة .
  • معاني خالية من المبالغة .
  • ابتكاره الوحيد وخلق أفكار جديدة .
  • يتميز الأندلسيون بالإبداع والتخيل، ولذلك تحمل أبياتهم تشبيهات دقيقة واستعارات .
  • تشير الدراسات إلى أن استخدام البحار القصيرة الخفيفة في الشعر الأندلسي كان منتشرابسبب توافقها مع الحياة السائدة والأنشطة الثقافية مثل الغناء والمرح .
  • تأثر الشعر الأندلسي بشكل كبير بالشعر العباسي والإسلامي بشكل خاص لدى شعراء الشرق، ويرجع ذلك إلى غلبة التقاليد في معظم الأمور، ويدل على ذلك التشابه في الخصائص بين شعراء الأندلس والشرق العربي، وصولاً إلى لقب “شعراء الشرق .
  • تميز الشعر الأندلسي بربطه بالواقع والتعبير عن ذات صاحبه، نتيجة تأثير البيئة الأندلسية على الشعر .

وقال عبدالرحمن الداخل في وصف النخلة 
ظهرت لنا نخلة وسط الرصافة تزين أرض الغراب بدلاً من بلد النخيل
قلت شبيهي في التغرب والنوى وطول التنائي عن بني وعن أهلي
ولدت في بلد غريب وأنا مثلك في الإقصاء والابتعاد
تُروى لك من غوادي المزن، المتناهية البعد التي تجري وتستثمر السمك بالوبل

ازدهار الشر الأندلسي

ازدهر الوصف مع نهضة الأدب في فترة الإبداع الأموي – العصر الذهبي – في الأندلس ، وبدأ مع عبد الرحمن الثالث يتبنى لقب الخليفة الناصر لدين الله عام 316 هـ وقد طورت أقدم الأوصاف – الطبيعيات – مع الاتجاه المحدث في فترة صراع الإمارة الذي انبثق عن حكم عبد الرحمن الأوسط عام 206 هـ .

وقد كتب به الى صديقه الشاعر عبدالله ابن الشمر:

ما تشاهده في الأفق والسماء المدرجة يتناثر
ونسيم الروض يحمل عبق المسك والعنبر
كلما حاول الراكض سبقه الريحان في العثور
لا تكن مهملًا وابق متأهبًا، فالبطء يتسبب في التعثر

كانت الوحدة والاستقلال والأمن والازدهار والتوسع العمراني والتقدم من بين الدوافع التي ساعدت على ازدهار الحضارة والثقافة في عصر الخلافة الإسلامية، وقد وصف ابن عبد ربه القلم في تلك الفترة من التاريخ

إذا أدار ساحر البيان قلمه في صفحة، يصبح كتابته ساحرة
يُنْطَقُ في عجمة بلفظته نَصَمُ عنها ونسمع البصرا
هي نوادر تدق القلوب بها إذا استطعت استشحها ووجدتها صورا
يتضمن نظام در الكلام سلكًا لتحديد خط الكتابة بشكل مميز 

الشعر الأندلسي و الموشحات

  • الموشحات هي نوع من الشعر ابتكره الأندلسيون كجزء من التجديد في الشعر الأندلسي والابتعاد عن الأشكال التقليدية للقصيدة، حتى يتناسب مع الحياة الاجتماعية وطبيعتها في تلك الفترة .
  • يوجد ارتباط وثيق بين الموسيقى والغناء، ويتم الالتزام بقواعد معينة مثل استخدامه للغة العامية أو الأجنبية. حظي هذا الفن بالاهتمام الكبير من الملوك والأمراء، مما ساعد في انتشاره الواسع، خاصة في عصر المرابطين .
  • تأثرت شعرية الأندلس بالجو الليبرالي المتمثل في الطبيعة وجلسات الغناء والموسيقى والرفاهية. ظهرت القصائد المستقلة في الأجواء الحماسية غير الملتزمة بقواعد الشعر التقليدية، حيث كان الشعراء يتنقلون بين القوافي والأناشيد والأوزان الشعرية، وهذا أدى إلى تدخل الغناء بأسلوب جديد يميزه عن القصيدة التقليدية، من خلال استخدام متعدد للقوافي والأوزان والأبيات .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى