ابن هانئ الأندلسي
ابن هانئ الأندلسي، من أعلام شعراء المغرب العربي والأندلس خلال فترة حكم الدولة الفاطمية، وقد عرف بلقب “متنبي الغرب” نظرا لأنه كان أشعر شعراء المغرب العربي، كما أنه كان معاصرا للمتنبي .
نشأة ابن هانئ الأندلسي
ولد أبو القاسم محمد بن هانئ بن سعدون الأزدي الأندلسي في إشبيلية بالأندلس عام 326 هـ، وكان يتنقل بين إشبيلية ومدينة ألبيره. ويرتبط نسب ابن هانئ بالمهلب بن أبي صفرة، وكان والده هانئ أديبا وشاعرا وحرص على تعليم ابنه الأدب والشعر بشكل كبير، وتربى ابن هانئ خلال عصري عبد الرحمن الناصري وابنه الحكم الثاني، وكانت الأندلس تعيش عصرها الذهبي في ذلك الوقت كعصر خلافة قرطبة .
تنقلات ابن هانئ
اتصل ابن هانئ بحاكم إشبيلية وكان له مكانة كبيرة عنده، إلا أن الأمر لم يدم بعد أن اتهمه أهلها باتباع مذهب الفلاسفة، واحتواء شعره على نزعة إسماعيلية واضحة، مما دفع الأهل إلى الإساءة لملكهم، وهذا الأمر أدى إلى جعل الملك يشير عليه بالرحيل، فقام ابن هانئ بترك إشبيلية، وكان في ذلك الوقت يبلغ من العمر السابعة والعشري .
ذهب ابن هانئ إلى المغرب وأثنى على جوهر الصقلي، ثم انتقل إلى الزاب للقاء جعفر ويحيى ابني علي، فتم احترامهم وتكريمهم. ووصل صيته إلى المعز أبي تميم معدبن منصور الفاطمي، الذي طلب من ابني علي تقديمه له. وعندما حضر ابن هانئ إلى المنصورية، أقام عنده وقدم له مدحًا بليغًا .
مؤلفات ابن هانئ
قام ابن هانئ بتأليف كتاب شهير يسمى “ديوان ابن هانئ الأندلسي”، ويقال إنه الأثر الوحيد الذي تركه، ولكن بعض المؤرخين قالوا إن لابن هانئ كتابا آخر سماه إسماعيل باشا البغدادي “تاريخ الأندلس”، بينما أطلق عليه فؤاد سزكين اسم “تاريخ ابن هانئ”، وذكر كارل بروكلمان أن هذا الكتاب موجود في فاس، إلا أنه لم يتم العثور عليه، ولا تتوفر شواهد تشير إلى أن ما هو مذكور لابن هانئ .
وفاة ابن هانئ
عندما رحل المعز إلى مصر، طلب من ابن هانئ مرافقته هناك، ولكن ابن هانئ استأذنه في العودة إلى المغرب لاستلام أولاده. ولكنه توفي في شهر رجب من عام 362 هـ، حيث عثر عليه في سانية برقة مخنوقا بتكة سراويله. وعندما وصل خبر وفاته إلى المعز، حزن عليه كثيرا وقال: “هذا الرجل، كنا نأمل أن نفخر به شعراء المشرق، ولكنه لم يقدر علينا ذلك .
مقتطفات من أشعار ابن هانئ
قدم ابن هانئ مديحا للخليفة الفاطمي الإمام المعز لدين الله في العديد من القصائد، بما في ذلك قصيدة بدايتها
ما شئت لا ماشاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
فـكأنـمـا أنـت النبي محـمـد وكأنـما أنصـارك الأنـصـار
أنت الذي كانت تبشرنا بــــه في كتبها الأحبار و الأخبار
هذا إمام المتقين ومن بــــــه قد دوخ الطغيان و الكفـــار
هذا الذي ترجى النجاة بحبــه وبه يحطّ الإصر و الإزار
هذا الذي تجدي شفاعته غدا حقًّا و تخمد إن تراه النار
وأخرى مطلعها :
هل كان ضَمّخَ بالعبير الرَيْحَا مزنٌ يهزّ البرقُ فيه صفيحا
يهدي تحيات القلوب وإنما يهدي بهنّ الوجد والتبريحا
شرقتْ بماء الورد بلّلَ حبيبها فأتت ترقرقهُ دمًا منضوحا
أنفاسُ طيبٍ بِتْنَ في درعي وقد بات الخيال وراءهنّ طليحا
وقال أيضا في مدح المعزّ قصيدة مطلعها:
أرياك أم نشرٌ من المسك ضائكُ ولحظك أم عضبُ الغرارين باتكُ
وإعطافُ نشوى أم قوامٌ مهفهف تأوّد غصنٌ فيه وارتجّ عاتكُ
وما شقّ جيبَ الحسن إلا ّشقائق بخدّيك مفتوكٌ بهنّ فواتك
وقال في مدح جعفر بن علي قصيدة مطلعها :
يا خَيْر ملتحفٍ بالمجد والكرم وأفضل الناس من عُرْبٍ ومن عجمِ
يا ابن السدى والندى والمعلوات معًا والحلمِ والعلمِ والآدابِ والحِكَمِ
لو كنتُ أُعطى المُنَى فيما أوْمَلُهُ حملتُ عنك الذس حُمّلْتَ من ألمِ
وكنتُ اعتدّهُ يدًا ظفِرْتُ بها من الأيادي وقسمًا أوفرَ القِسَمِ
حتى تروح معافَى الجسمِ سالمهُ وتستبلَّ إلى العلياءِ والكرَمِ
ومن أشعاره في الغزل :
فتكاتُ طرفك أم سيوفُ أبيك وكؤوس خمر أم مراشف فيك
أجِلادُ مرهفةٍ وفتك محاجر ما أنت راحمة ولا أهلوك
يابنت ذي البُرْد الطويل نجاده أكذا يكون الحكم في ناديك
قد كان يدعوني خَيالك طارقًا حتى دعاني بالقنا داعيك
عيناك أم مغناك موعدنا وفي وادي الكرى ألقاك أم واديك