ابن البيطار .. أول صيدلاني في التاريخ
من هو ابن البيطار؟” يشير هذا السؤال إلى الهوية الحقيقية للشخص الذي يعرف باسم “ابن البيطار”. يدعى ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد المالقي، وهو عالم مسلم مشهور واحد من العلماء الذين ظهروا في العصور الوسطى. يعتبر ابن البيطار أول شخص استخدم الأدوية للأغراض العلاجية ويشتهر بكونه أول صيدلاني في التاريخ
ولد ابن البيطار في مدينة مالقة الأندلسية (إسبانيا حالياً) في عام 593 هـ الموافق 1197 م، ونسب إليها حيث كان يُلقب بالمالقي، وكان له لقب آخر وهو النباتي؛ حيث اشتهر البيطار بإنجازاته في علم العلاج بالنباتات.
كان لابن البيطار شخصية ساحرة حيث عرف عنه التقوى والورع وحسن الخلق، كانر راغبا في العلم لآخر أيام حياته، ويقول عنه تلميذه أبن ابي اصيبعه في كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء “رأيت من حسن عشرته وكمال مروءته وكرم نفسه ما يفوق الوصف، وشاهدت معه في ظاهر دمشق كثيرًا من النباتات في مواضعها، ووجدت عنده من الذكاء والفطنة والدراية في النبات وفي الكتب المؤلفة في هذا العلم ما يثير التعجب لذاكرته المتوقدة النادرة، فكان يذكر كل دواء في أي كتاب ذكر وفي أي مقالة من هذا الكتاب وفي أي عدد هو من جملة الأدوية المذكورة في تلك المقالة، إن ابن البيطار هو أوحد زمانه وعلاّمة عصره في معرفة النبات وتحقيقه واختياره ومواضع نبته ونعت أسمائه على اختلافها وتنوعها”.
إنجازاته: يعد البيطار أول من عالج بالنباتات في التاريخ، حيث كان يستخلص مادة من بذور نبات الخلة المشهورة في علاج مرض البهاق المزمن، ويجبر المريض بعد تناول هذه المادة على التعرض لأشعة الشمس لمدة ساعتين حتى يتعرق، ويعد البيطار أول من وضع نظرية بأن الجلد الذي يصاب بالبقع يكون من الصعب علاجه فوق النتوءات العظمية
يعد البيطار من بين العلماء الذين أكدوا على أهمية القياس والتجربة لتحديد فعالية العلاجات المختلفة، وأشار إلى ضرورة استخدام الجرعات المناسبة من العلاج دون الإفراط أو التفريط.
على الرغم من رحلته للبحث عن بدائل طبية علاجية، إلا أن ابن البيطار لم يمنع نفسه من استخدام النباتات والأعشاب التي تحتوي على مكونات حيوانية بدلاً من النباتية فقط، إذ كان يؤمن بقوة بأهمية البحث عن العلاج وتطويره ليكون فعالاً في علاج الأمراض مهما كان مصدرها.
تتلمذ على يد البيطار لفيفا كبير من أشهر العلماء في التاريخ مثل أبو العباس ابن الرومية النباتي والذي شرب من مُعلمه علم النباتات وأصبح صيدلانيا شهيرا في مدينة اشبيلية الأندلسية، ابن الحجاج الاشبيلي كان من أفضل تلامذة ابن البيطار وتخصص في مجال الفلاحه ورعاية الحيوانات وعلاج أمراضها، بالإضافة إلى العشاب عبدالله بن صالح الكتامي العالم الأندلسي الذي عاش في بلاد مراكش فترة طويل من الزمن وتخصص في علم الأعشاب والأدوية كأستاذه.
مؤلفات ابن البيطار: لدى ابن البيطار العديد من المؤلفات التي تعد كنزا في علم النبات والطب والكيمياء وغيرها من العلوم الأخرى، ومن بين تلك المؤلفات الأكثر شهرة وأهمية علمية هو المرجع الذي كان يستخدمه العديد من العلماء في مجال الأدوية، وهو كتاب (الجامع لمفردات الأدوية والأغذية)، حيث جمع الكتاب العديد من الوصفات الطبية الهامة بالإضافة إلى ملخص للمعرفة اليونانية والعربية والعالمية في مجال الأدوية ومبادئ العلاج
وللبيطار العديد من المراجع الأخرى الهامة مثل المغني في الأدوية المفردة، الإبانة والإعلام بما في المنهاج من الخلل والأوهام، تفسير كتاب ديسقوريدوس، رسالة في تداوي السموم، ميزان الطبيب وكتاب الأقرباذين الذي يحتوي على أسماء لنباتات، حيوانات، معادن وجميع الأشياء التي قد تحمل خصائص دوائية وعلاجية.
من بين أقوال ابن البيطار الشهيرة: (إن أعمال القدماء غير كافية وغامضة لتقديمها للطلاب، ولذلكيجب تصحيحها وتكملتها حتى يستفيدوا منها بأقصى ما يمكن).
وفاة ابن البيطار: توفي البيطار في 646 هـ الموافق 1248م في دمشق، عندما كان عمره 51 عاما فقط، بسبب تسرب السم إلى جسده خلال تجربته على أحد النباتات العلاجية