يعرف الزواج الصحيح بأنه الوقت الذي يكون فيه الشخص مؤهلا وقادرا على الزواج، وهذا لا يعني بالضرورة أن هناك سنا محددا يجب أن يتزوج فيه جميع البشر، بل يجب أن يكون لديهم القدرة. عندما تتوفر القدرة، يكون هذا هو السن المناسب. وقد يكون هذا السن غير متفق مع سن الرشد، إذ يحدد الكثير من البلدان السن المناسبة للزواج قبل سن الرشد. وتختلف هذه المسألة من دولة لأخرى، فكل دولة لها معاييرها الخاصة التي تتبعها في اتخاذ هذا القرار، مثل النشاط الجنسي الطبيعي أو القدرة على تحمل التكاليف. وهناك دول تشترط وصول الشخص لسن البلوغ قبل الزواج. وهناك العديد من السلبيات والإيجابيات للزواج المبكر .
أسباب الزواج المبكر
توجد العديد من الأسباب التي تدفع الشباب والفتيات إلى الزواج المبكر، ومن بين هذه الأسباب الأهم:
- يعد التعليم المحدود من أهم العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى زواج الفتيات في سن مبكرة، حيث أن التعليم يساهم في زيادة الوعي والمعرفة، كما يمكن للفتاة قضاء الكثير من الوقت في التعليم مما يقلل من فرص زواجها المبكر .
- التجاهل لقوانين الزواج المبكر يحدث بسبب العادات والتقاليد المتمثلة فيه، ويمكن للكثير من الفتيات الزواج المبكر دون العلم بأن هذا الأمر غير قانوني. بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من الناس الذين يعلمون ولا يبلغون، وهذا يؤدي بالضرورة إلى زيادة زواج القاصرات .
- عادةً ما يكون الدافع الرئيسي للزواج المبكر هو من قبل أسرة الفتاة، وذلك بسبب سوء أحوالهم الاقتصادية، حيث يمكن أن يكون زواج الفتاة سببًا في تخفيف الضغط المالي على الأسرة، كما يمكن أن يساعد تزويج الرجل في سن مبكرة على التخلص من عبء الدراسة وتوفير الغذاء له .
- تعتبر العادات والتقاليد الاجتماعية التي تدفع الآباء والأمهات إلى زواج بناتهم في سن مبكرة، بالإضافة إلى الخرافات التي تدور حول عدم قدرتهم على الزواج إذا لم يتزوجوا في هذا السن، وكذلك اعتبار وجود الفتيات في المنزل بعد بلوغهن شؤمًا عليهم، أمورًا شائعة .
فوائد الزواج المبكر الصحية
يوجد لكل شيء في الحياة مميزات وعيوب، وعلى الرغم من وجود العيوب في الزواج المبكر، إلا أن له الكثير من الإيجابيات، وخاصة إيجابيات صحية، ومن أهمها:
- يعد الإنجاب في وقت مبكر من أهم فوائد الزواج المبكر، حيث يمكن للزوجين التصدي للعقبات التي يمكن أن تؤثر على القدرة على الإنجاب بسرعة، ويعد هذا الأمر من فوائد الزواج المبكر للفتاة أكثر من الشاب، نظرا لأن عمر الإنجاب يكون محددا بفترة الحيض وانقطاعه، وهذا يختلف عن الرجل .
- يساعد زواج الفتاة والشاب في سن مبكر على صغر سن الأب والأم بالنسبة لأطفالهم، وهذا يمكنهم من التعامل معهم بطريقة صحيحة نتيجة لتقارب الفكر والعصر .
- تكون فرصة الفتاة والشاب في اختيار شريك الحياة المناسب أكبر في سن صغير، حيث يكون لديهم فرصة أكبر، بينما عند الكبر يكون لديهم فكر أكبر ولكن قد يعجبهم أشخاص أصغر منهم في السن، مما يؤدي إلى وجود عوائق أخرى لا يمكن حلها .
أضرار الزواج المبكر للرجال
عند النظر إلى الأبحاث الحديثة التي تعالج معدلات الطلاق المرتفعة في المجتمع، نجد أن الزواج المبكر يعد واحدة من أهم الأسباب لذلك، وتتفوق سلبيات الزواج المبكر على الرجال أكثر من النساء، ولكن لا يوجد اختلاف في أن له العديد من السلبيات، وتشمل ذلك
- على الرغم من أن الزواج المبكر للرجال يعرضهم لمسؤولية أكبر من تلك التي يتعرض لها النساء، إلا أنه يجب أن يكون هناك مسؤولية على كلا الجنسين، ويكون الشخص الأكبر سنا أكثر كفاءة في تحمل المسؤولية من غيره .
- تكثر المشاكل بين الزوجين بسبب الزواج في سن مبكر جدًا، حيث تكون عقول الفتاة والشاب غير ناضجة بما يكفي لتأهيلهم للزواج في هذا العمر الصغير، ولا يساعدهم ذلك على التغلب على المشاكل والصعوبات التي يواجهونها .
- يؤدي زواج الفتاة في سن صغير إلى حرمانها من التعليم وإكمال المراحل التعليمية، حيث تتحمل المسؤوليات الكثيرة بعد الزواج، ويتعرض ذلك لإبعادها عن الحياة العلمية والتخلي عنها لصالح الحياة الأسرية وتربية الأطفال .
- يتعرض الكثير من الفتيات والرجال لمشاكل صحية بسبب عدم فهم القدرة على التعامل مع العلاقة الجنسية، ويعرض ممارسة الجنس في سن مبكرة الرجال للكثير من المشاكل الصحية، بينما يعرض الفتيات لحمل غير مرغوب فيه ويتحملن عبءًا كبيرًا لا يمكن صحتهم تحمله .
الزواج المبكر في الإسلام
شروط الزواج في الإسلام لا تحدد سنا معينا، ولكن يتطلب الأمر أن يكون الزوج قادرا على الإنفاق على زوجته ويكون كفء في جميع أمورها، وهناك العديد من الأدلة في القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع علماء المسلمين التي تؤكد أن شروط النكاح وشروط الزواج لا تتعارض مع الزواج المبكر
الدليل من القرآن الكريم
- قوله تعالى: والنساء اللاتي ييأسن من الحيض من بين نساءكم، فإذا ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر، والنساء اللاتي لم يحضن، فإن كلمة `والنساء اللاتي لم يحضن` تدل على أن الزواج يجوز لغير الحائض .
- ويقول الله تعالى: إذا كنتم تخشون ألا تعاملوا بالعدل مع الأيتام، فتزوجوا من النساء ما ترغبون به من الثنائيات والثلاثيات والرباعيات. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن تفسير هذه الآية من قبل ابن أختها عروة بن الزبير: يا ابن أختي، هل يشترط أن يكون لليتيمة حجر وولي لها، ويشاركها في ثروته، ويعجبها ثروته وجمالها، ويرغب في الزواج منها دون أن يعاملها بالعدل في الصداق؟ فيعطيها مثل ما يعطيها غيره. فنهوا عن تزويجهن إلا بعد أن يعاملنهن بالعدل ويبلغنهن أعلى سنهن في الصداق. وهذا متفق عليه. وقولها رضي الله عنها: فيرغب في الزواج منها… فنهوا عن تزويجهن إلا بعد أن يعاملوهن بالعدل، يشير إلى جواز زواج الفتاة التي لم تبلغ بعد سن البلوغ، فالزواج لا يتم حتى تصل إلى سن البلوغ، وإنما اليتيم هو الشخص الذي فقد والديه قبل بلوغه.
- ويقول الله تعالى: ويستفسرونك عن النساء، فقل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم من الكتاب فيما يتعلق بالأيتامى من النساء اللاتي لا تؤدون لهن ما كتب لهن وترغبون في أن تتزوجوهن. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: هذا يشير إلى الفتاة اليتيمة التي تكون في رعاية الرجل وقد شاركته في ممتلكاته، فيرغب الرجل في عدم تزويجها لأحد آخر ويكره أن يتزوجها شخص آخر، فيدخل في حيازتها ويحبسها في ممتلكاته، فنهاهم الله عن هذا الفعل.
الدليل من السنة
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها وهي في السادسة من عمرها، وبنى بها وهي في التاسعة، وقالت عائشة رضي الله عنها في الصحيحين: `تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين`.
الإجماع
- قال ابن قدامة في “المغني”: وبالنسبة للابنة البكر الصغيرة، فلا يوجد خلاف في هذا الأمر، فقد أكد ابن المنذر: إن جميع أهل العلم متفقون على جواز زواج الأب بابنته البكر الصغيرة إذا كانت مؤهلة، ويجوز للأب تزويجها بالرغم من كراهيتها وعدم رغبتها في ذلك. وقد ذكر البغوي في “فتح الباري” أن جميع العلماء يرون جواز تزويج الآباء لبناتهم الصغيرات، حتى إن كن في الرضاعة، ولكن ليس لأزواجهن ملكية جنسية عليهن إلا إذا كانت الزوجات مستعدات للعلاقة الجنسية وقادرات على تحمل الحمل.