إنجازات مريم شديد
مريم شديد حياتها
هناك شخصيات تاريخية مغربية رفعت اسم بلادها عاليا. ومن بين هؤلاء العباقرة العالمة والباحثة مريم شديد، التي تعد نجمة في سماء الوطن العربي ومثالا للأنثى الحديدية التي تتحدى الصعاب لتحقيق أهدافها.
ولدت في الحادي عشر من أكتوبر عام 1969م في الدار البيضاء بالمغرب العربي، حيث نشأت في أسرة متوسطة مع سبعة أخوات، وكانت السادسة من بينهم. والدها كان يعمل حدادا وكانت والدتها ربة منزل. ويصفهما دائما بالحنان والعطف. اكتشفت مريم في سن مبكرة اهتمامها وشغفها بعلم الفلك، وكانت تبحث بشغف عن المعلومات والأسرار المتعلقة بعالم الفلك. تلقت تعليمها في عدة مدارس، بدءا من مدرسة الفكر العربي، ثم المزرعة الابتدائية، وبعدها مدرسة إعدادية منصور الذهبي، وثانوية صلاح الدين للبنات. جميعها مدارس حكومية في الدار البيضاء. بعد ذلك، التحقت بالجامعة في المغرب العرب.
تخرجت مريم من جامعة الحسن الثاني في المغرب العربي عام 1990، وحصلت على درجة الماجستير في الفيزياء والرياضيات. بعد تخرجها، ذهبت إلى فرنسا لمواصلة دراستها، حيث درست في جامعة نيس وحصلت على درجة الماجستير في الدراسات العليا المعمقة في علم الصورة في العلوم الكونية عام 1993.
حصلت مريم في عام 1996 على درجة الدكتوراه بتفوق في مجال الفلك، بعد إعدادها لأطروحة بحثية تضمنت اكتشافاً علمياً هاماً جداً، تم تحقيقه باستخدام مرصد فلكي في فرنسا الذي لا يمكن الدخول إليه إلا للأوروبيين، مما جعلها أول شخص عربي يدخل هذا المرصد ويقوم بالدراسة فيه.
الصعوبات التي اعترضت مريم شديد
لم تكن شهرة مريم شديد من فراغ أو من قبيل الصدفة، فتلك الشخصية الدؤوبة المثابرة، مرت بالعديد من الصعوبات، فتقول مريم شديد من الصعوبات التي واجهتها إنها من أسرة فقيرة للغاية، ولم يكن لديها المال الكافي للدراسة والسفر، ولم تحصل على منحة، ولكنها تقول أن حبها للعلم والعلوم أكبر من تلك الصعوبات.
فهي كانت تحارب كافة الظروف، وكان حبها للفلك يكسر ويحطم جميع الحواجز، ، ومن اكبر الصعوبات التي واجهتها إنها لم تجد العلم الذي تريد أن تدرسه في المغرب، وكانت ترى إنه يجب عليها التوجه إلى أوروبا، لكي تلتحق بالبحث العلمي كما يجب أن يكون، مما دفع مريم للسفر إلى فرنسا دون منحة، ولكنها كانت تعمل طوال الليل في فرنسا لتوفر المال الكافي لدراستها، فلم يكن لها أي من يساعدها سوى إرادتها
كافحت مريم لتمثيل بلدها، حيث قضت أربع سنوات كاملة في الصحراء في تشيلي، ووصفت ذلك بأنه كان صعبا للغاية، حيث لم يكن هناك دوافع للعيش في الصحراء، ولكن كان هناك أكبر تلسكوب في العالم. قالت مريم شديد: `كنا نجلس في الصحراء في جفاف لا مثيل له، حيث لا يوجد أمطار وحيوانات ولا نباتات، ولكن هناك التلسكوب.` ببساطة، خلاصة حياتها تكمن في هذه الجملة. مريم شديد موجودة حيث توجد النجوم، حيث يكمن الفلك، حيث يوجد التلسكوب.
عادت مريم شديد إلى فرنسا عام 2002، بعد ما حققت العديد من الإنجازات، لتنعم فيما بعد بحياة هادئة، كما رجح لها الجميع، فبعد ما عانته في الصحاري وفي البلدان، وجب أن تستقر الدكتورة مريم في وظيفة تليق بإمكانيتها وعلمها ومركزها العلمي، حيث عينت أستاذ في كلية العلوم بجامعة نيس في فرنسا، كما كانت تعمل عالمة فلك في المرصد الفلكي للكوت دازور.
مريم شديد لم تقتنع أبدا بالبقاء بدون تلسكوب، ولذلك شاركت في البعثة العلمية التي توجهت إلى أقصى جنوب الكرة الأرضية لتأسيس مرصد فلكي جديد، وتصبح أول امرأة في التاريخ تصل إلى القارة الجنوبية القطبية، حيث زرعت علم المغرب في لحظة انتفاضت فيها جميع البلاد العربية بالفرحة والتصفيق الحار، ورفعت راية الوطن العربي كله، وعلى رأسه المغرب العربي.
عشق مريم شديد للنجوم
كثيراً ما يتساءل الأشخاص كيف لتلك الطفلة الصغيرة التي تعيش في أسرة متوسطة للغاية، ان تهتم بتلك العلم الصعب التي وصفته هس بانه يحتاج إلى إرادة شديدة، في إحدى لقائتها التلفزيونية، حيث قالت أن علم الفلك يحتاج إلى صبر كبير، حيث ذكرت مريم شديد، إنها تراقب النجوم لمدة ثلاث ليال كاملين أسبوعياً، مما يجعلها تتكبد شقاء تلك المكوث طويلاً والنظر في التلسكوب، إلا إنها تراه متعة كبيرة، وتجد فيه حياتها.
فيما يتعلق بشغفها بالنجوم والكواكب والفلك، حدثت مصادفة عندما أهداها شقيقها مصطفى، الذي يكبرها بستة عشر عاما، كتاب الجاذبية الكونية الفرنسي في عيد ميلادها الثاني عشر. وكتب لها إهداء خاصا على الكتاب. ومنذ ذلك الحين، كانت تهتم دائما بقراءته في البرامج التلفزيونية. وفي الإهداء الذي كتبه داخل الكتاب، وجه إليها رسالة قائلا: “إلى أختي العزيزة مريم، عيد ميلاد سعيد، وكل عام وأنت فلكية. أتمنى لك كل ليلة سماء مليئة بالنجوم.
كانت دائما تحرص على مرافقة الكتاب في جميع البرامج كتعبير عن الامتنان والحب والشغف بالكتابة، وبمن أهداها الكتاب في مجال الفلك، كأنه أهداها الحياة نفسها. كانت مريم مولعة جدا بعلم الفلك، وكرست حياتها له بالكامل. تقول أيضا إن الكتاب غني جدا بالمعلومات حول الفلك والفضاء، وكان بوابة لاستكشاف سماء النجوم. تقول أيضا إنها تعتقد أنها ولدت لتكون عالمة فلكية.
تقول مريم شديد عن حبها للنجوم: `كنت أذهب إلى سطح المنزل وأتحدث إلى النجوم، فكان هناك حب كبير بيني وبين السماء، وهو ما زال كذلك`.
أظهرت مريم شديد مدى حبها للفلك عندما سألها عالم في وكالة ناسا إذا كانت مستعدة للسفر إلى المريخ في مهمة علمية استكشافية، فأجابت دونتردد أنها توافق على الفور ومستعدة لجميع المغامرات المتعلقة بالعلم، فمريم شديد توجد دائمًا حيثما تكون النجوم.
أشهر إنجازات مريم شديد
حققت الدكتورة مريم شديد العديد من الإنجازات حيث إنها حصلت على:
- في عام 1995، اكتشفت هي ومجموعة من الباحثين وجود كوكب خارج المجموعة الشمسية.
- تمت إثبات وجود موجات اصطدامية كبيرة تفوق موجات الصوت في بعض أنواع النجوم. كانت هذه اكتشافا مهما حدث لأول مرة في العالم، حيث حصلت على درجة الدكتوراه بتفوق عام 1996. كانت أول امرأة مغربية تحصل على درجة الدكتوراه في هذا المجال. يجدر بالذكر أن جميع أساتذتها الذين كانوا يشرفون على رسالتها كانوا يرفضون الفكرة لأنها كانت تراقب نجمة واحدة. ولكنها كانت مؤمنة تماما بما كانت تفعله.
- في عام 1998 ذهبت إلى أتكما، كونها تعمل مهندسة للمركز الوطني للأبحاث الفلكية الفرنسية، وذلك من أجل تفعيل اكبر تليكسوب في العالم، بينما كان لا يختار أي شخص عربي لهذه المهام، مما اثار تعجبها، وارسلت تتساءل ربما هناك خطا وتقول إنها مغربية، فكان الرد من قبل الجهات المختصة، عند الكفاءات نغمض الأعين عن الجنسية.
- كانت مريم شديد أول امرأة عربية تصل إلى القطب الجنوبي لدراسة وضع الطاقة في الفضاء، ورفعت العلم الفرنسي هناك.
- حصلت مريم شديد على جائزة المرأة العربية في العلوم من جامعة ريجنت في لندن عام 2015.
- حصلت على وسام الملكية عن إنجازاتها وموهبتها العلمية في المغرب العربي من الملك محمد السادس.
- حصلت على أعلى نسبة تصويت في مجلة فوربس باعتبارها واحدة من أهم ثلاثة علماء في العالم.
- تم اختيارها في عام 2008 ضمن قائمة دافوس، التي تضم أبرز الشباب القادة في العالم.