إسحاق الكندي .. صاحب نظرية المعرفة
من هو إسحاق الكندي؟ هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي واحدًا من أبرز عُلماء المُسلمين في التاريخ، له مُساهمات عديدة في مُختلف العلوم كالفلك، الفلسفة، الكيمياء، الطب، الفيزياء، الموسيقى، علم النفس وعلم الكلام وهو الاسم القديم للمنطق.
ولد بن إسحاق الكندي في عام 185 هجريا / 805 ميلاديا في مدينة الكوفة بالعراق حيث كان والده واليا على المدينة. ثم هاجر بعد ذلك إلى مدينة بغداد، التي كانت منارة العلوم في ذلك الوقت، لطلب العلم والاستزادة منه. ونظرا لموهبته المبكرة، أبدى الخلفاء المأمون والمعتصم اهتمامه به فور وصوله إلى بغداد، وعينوه مشرفا عاما على بيت الحكمة، وبسبب جمال خطه، جعله المتوكل خطاطه الخاص.
إنجازات ابو إسحاق العلمية: أحرز الكندي العديد من الإنجازات العلمية الهامة في مجالات مختلفة، حيث كان أول من أدخل الفلسفة اليونانية إلى البلاد الإسلامية وأعرفها للعرب، ومن أبرز إسهاماته في الرياضيات أنه كان أول من أدخل الأرقام الهندية واستخدمها في تجاربه الخاصة. كان الكندي رائدا في علم الشفرات حيث ابتكر العديد من الأساليب الجديدة لفك الشفرات، ووضع مقياسا جديدا لفاعلية الدواء يسمى مقياس فاعلية الدواء. كما اكتشف أول من علاج الأمراض بالموسيقى وقاس فعاليتها.
كان أبو اسحاق مهتما جدا بإيجاد رابط بين علوم الفلسفة والمنطق وبين العلوم الإسلامية. وعلى الرغم من معارضة بعض المشاهير العلماء الذين ظهروا بعد أبو اسحاق لبعض أفكاره، يعتبر أبو اسحاق واحدا من أهم وأشهر الفلاسفة في عصره. ويقول عنه المؤرخ الشهير ابن النديم: `كان فاضلا في عصره وواحدا من علمائه المتفوقين في معرفة العلوم القديمة بأسرها، ويسمى فيلسوف العرب. تضم كتبه مختلف العلوم مثل المنطق والفلسفة والهندسة والحساب والفلك وغيرها، وهو مرتبط بالفلاسفة الطبيعيين بسبب شهرته في مجال العلوم.
نظريته للمعرفة: تعد نظرية المعرفة التي طرحها الفيلسوف العالم أبو إسحاق الكندي واحدة من أهم النظريات المعروفة، حيث تقول النصرية إن الله سبحانه وتعالى خلق العقل أولاً قبل خلق بقية المخلوقات أو أجزاء الجسم، ومن العقل ينبثق كل شيء.
العقل يصبح ساكنًا وغير متحرك في حالة عدم الاستخدام، ولكن عندما يقوم بعمليات صغيرة، يمكنه أن يتحول إلى وضع حركي دائم ويتحقق من النتائج التي لا حدود لها، وكما ذهب الكندي، فإن الروح شيء لايرتبط بعالمنا المادي وموجود في حياة أخرى.
مُعارضة أبي إسحاق الكندي
لقت العديد من أفكار الكندي الفلسفية مُعارضة واسعة بين عددًا من عُلماء المسلمين المعاصرين له والذين ظهروا بعد وفاته أيضًا، وبالرغم من مُحاولاته الدائمة للتوفيق بين الفلسفة والمنطق وبين وجهة نظر الدين من ناحية أخرى، إلا أن الإنتقادات التي طالها الكندي كانت ترجع بشكلٍ أساسي إلى آراءه الفلسفية.
عارض الإمام الغزالي الذي اشتهر بانتقاده الدائم للفلسفة العديد من نظريات أبي إسحاق الكندي، بما في ذلك نظرية بقاء الكون مع الله، وأن الله يمكنه النظر إلى الأمور العامة فقط وليس الأمور الخاصة، كما عارض نظرية الكندي التي نفت بعث الجسد.
في عصره، وجدت نظريات الفيلسوف الكندي معارضة من قبل المثقفين المسلمين، خاصة نظريته التي تقول أن العقل هو جوهر التواصل والتقرب من الله. وتعتبر نظريات الكندي الفلسفية هي التي فتحتالطريق أمام الجدل التاريخي الشهير الذي حدث بعد ذلك بين علماء الدين وعلماء الفلسفة.
مؤلفات أبي إسحاق الكندي : لأبي إسحاق الكندي العديد من المؤلفات الهامة وقد ذكر ابن النديم أن مؤلفاته من المُمكن أن تصل إلى مئتان وستون كتابًا ومُجلدًا أما دّ ابن أبي أصيبعة فأرجح أنهم من المُمكن أن يصلوا لمائتين وثمانون، تم تقسيم تلك الكُتب على جميع مجالات العلوم المُختلفة، تسع كُتب في المنطق اثنان وعشرون في الطب والفلسفة، اثنان وثلاثون في الهندسة، اثنا عشر كتابًا في الفيزياء بالإضافة إلى العديد من التراجم التي قام بها عن العلوم اليونانية ومئات المخطوطات التي كتبها في مجالات كالموسيقى وعلم الشفرات. تم حفظ ما تبقى من أعمال الكندي التي يصل عددها إلى 24 مخطوطة في أحد المتاحف بتركيا.