بالرغم من وجود العديد من الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك المادة 27 من اتفاقية حقوق الطفل التي تؤكد حق كل طفل في العيش في ظروف ملائمة، والتي تشمل التحسين الروحي والجسدي والعقلي والاجتماعي، إلا أنه لا يزال هناك العديد من الأطفال في الشوارع، سواء كانوا فتيات أو فتيان قاصرين دون سن الرشد القانونية، والذين ليس لديهم مأوى .
إحصائيات وحقائق عن أطفال الشوارع
هؤلاء الأطفال هم الأكثر تعرضا للإيذاء من غيرهم، ويمكن أن يتعرضوا للاستغلال الأخلاقي والمادي، وقد ينظر إليهم بنظرة متدنية من الآخرين. كما يمكن أن يتعرضوا لسوء استخدام عدة حقوق اقتصادية ومادية، وعدم مواجهة المجتمعات والدول لهذه القضية أدى إلى زيادة المشكلة وتجاهلهم وتعرضهم للمعاملة السيئة .
وصل عدد الأطفال في معظم دول العالم إلى حوالي 100 مليون طفل، ويشمل ذلك الأطفال الذين يعيشون في الشوارع أو الذين يعيشون في ظروف سكن غير آدمية أو الذين يقيمون في القفار غير المجهزة للحياة الإنسانية .
تجعل الطبيعة الخفية والمعزولة لأطفال الشوارع من الصعب جمع إحصائيات دقيقة، ومع ذلك:
- وفقًا لتقديرات اليونيسف، يوجد حوالي 100 مليون طفلمن أطفال الشوارع في جميع أنحاء العالم، ويتزايد هذا العدد باستمرار .
- يبلغ عدد أطفال الشوارع في أمريكا اللاتينية ما يصل إلى 40 مليون طفل .
- وما لا يقل عن 18 مليون في الهند .
أوضحت الدراسات العديدة أن أطفال الشوارع يتراوح أعمارهم بين 10 و 14 عامًا في الغالب، وأن الأطفال الأصغر سناً يتعرضون للإصابة بشكل متزايد ،
أنواع أطفال الشوارع
تم تقسيم هؤلاء الأطفال وفقًا لبرنامج المعونة الأمريكي إلى عدد من الفئات وهي:
- الطفل الذي يعيش في الشارع ولا يملك منزلًا ولا ينتمي لأي عائلة محددة، ويتنقل باستمرار من مكان إلى آخر، ويعيش في المباني المهجورة والملاجئ .
- طفل ينشأ في الشارع ورغم وجود أسرته إلا أنه يقضي بعض الأيام خارج المنزل بسبب الفقر الشديد الذي يعاني منه أو بسبب زيادة عدد أفراد الأسرة والازدحام الداخلي وعدم توفر الرعاية الكافية له، كما قد يتعرض للاعتداء الجسدي والمعنوي .
- بالإضافة إلى أبناء الشوارع الذين يعيشون في الساحات المدنية والأرصفة والطرقات، هناك فئة أخرى منهم يتشردون نتيجة لتعرضهم وعائلاتهم للكوارث الطبيعية والفقر والحروب، مما يجعلهم يعيشون في الشوارع أو مع أفراد آخرين من عائلتهم .
- في بعض الدول، تتوفر بعض أنظمة الرعاية المؤسسية التي تستضيف الأطفال الذين يعيشون في الشوارع، ولكن هذا لا يعني بالضرورة نجاحها بشككل تام، فالطفل قد يعود إلى الشارع في أي وقت .
مكان اطفال الشوارع
على الرغم من أن التشرد بالنسبة للأطفال يعد ظاهرة حضرية، إلا أن هؤلاء الأطفال يقيمون في الشوارع، ولا تقتصر هذه الظاهرة على الدول النامية فقط، بل تنتشر أيضًا في بعض الدول الغنية التي تشهد زيادة في عدد سكانها بشكل كبير، مثل دول أمريكا اللاتينية والهند .
وبالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول وعدد من المنظمات غير الحكومية لمواجهة تلك الظاهرة، إلا أن هناك بعض العوامل التي تساعد على ذلك، مثل انتشار الأوبئة والأمراض، وكذلك اندلاع الحروب الأهلية في دول إفريقيا، مما يؤدي إلى زيادة أعداد أطفال الشوارع الذين يتخلى عنهم مثل اليتامى الذين يعانون من مرض الإيدز أو الذين فقدوا حياتهم بسبب النزاعات المسلحة .
كما أن هناك بعض من النظم الاقتصادية الفاشلة وهبوط عملات الدول بشكل كبير قد يؤدي نزوح العائلات في الشارع ، ويظهر ذلك في بعض من الدول الأسيوية ويترك الأطفال فيها للتشردة والهجرة كما قد يكون التعرض للتحولات السياسية الكبيرة مثل القضاء على الشيوعية في دول أوربا الشرقية ينتج عنها ظهور عدد كبير من أطفال الشوارع ، لعدم وجود أساليب الرعاية الإجتماعية التي كانت توفرها الدولة من قبل .
يعاني الأطفال بشكل كبير، خاصة عند تعرض دولهم لتغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية، وقد لا تقدم لهم المؤسسات المدنية الدعم اللازم، مما يجعلهم ينزلون إلى الشارع .
الآثار المترتبة على حياة أطفال الشوارع
تنتج هذه الظاهرة عواقب خطيرة على المجتمع وتؤدي إلى صعوبة في التعامل معها وتؤثر أيضا على الأطفال بشكل مباشر، منها الحياة غير المستقرة، ونقص الرعاية الطبية لهم، ونمط الحياة غير المناسب للإنسانية تماما، وتعرض هؤلاء الأطفال للكثير من الأمراض القاتلة والمزمنة، بما في ذلك الأمراض المنقولة جنسيا وأمراض ضعف المناعة والتهابات الجهاز التنفسي .
يحتمل أن يستخدموا وسائل غير مشروعة لتأمين الغذاء ويستغلوا في أعمال غير أخلاقية تؤثر على المصلحة العامة، مثل بيع المخدرات للأفراد المعينين والدعارة والسرقة، والتعاطي المنتشر بينهم للمواد المخدرة .
قد يستخدمون هذه الوسيلة لمواجهة صعوبات الحياة مثل المشروبات الكحولية والأدوية التي تؤثر على الذاكرة، والهيروين والسجائر التي تحتوي على مواد مخدرة. وقد يؤثر ذلك على النمو العاطفي والعقلي والاجتماعي للفرد، نتيجة لتعرضهم لنمط حياة البدو وقسوة العقاب الذي يفرضه عليهم السلطات المختصة .
وكما يتم طرد هؤلاء الأطفال دائما عند إقامتهم في مداخل الطرق والساحات والمنشآت العامة، هناك بعض البلدان في أمريكا اللاتينية مثل البرازيل وكولومبيا وهندوراس وغواتيمالا، تقوم بتعذيب هؤلاء الأطفال وربما قتلهم على أيدي ضباط الشرطة، والطفل المشرد ليس لديه حماية أو أمل أو أمان، ويفتقد إلى العديد من الجوانب الأخلاقية .
كيفية مواجهة تلك مشكلة اطفال الشوارع
تختلف صعوبة معالجة هذه المشكلة وفقا للعوامل المساهمة، مثل زيادة عدد السكان في بعض الدول، والصراعات الاجتماعية المستمرة ووجود اضطرابات سياسية وفجوات اجتماعية واسعة، ولكن هناك وسائل متعددة يمكن استخدامها لمواجهة هذه المشكلة .
- تنظيم عدد كبير من القوانين وتعزيز السياسات الإصلاحية والبرامج الاجتماعية التي تعمل بشكل رئيسي على حماية حقوق هؤلاء الأطفال وإجراء بحث شامل حول حقوق الإنسان وتطبيقها في الواقع .
- يتضمن القيام بعدد كبير من الإجراءات التي تؤدي إلى إلغاء عمل الأطفال أو تعريضهم لأي شكل من أشكال الاستغلال البدني والاقتصادي .
- يقوم وضع عدد من عوامل التأمين بحماية الأطفال والحفاظ على حقوقهم الاجتماعية والقانونية، حيث يهدف بشكل عام إلى حمايتهم من جميع الجوانب .
- يتم تنظيم حملات إعلامية كثيرة للتركيز على أولئك الأطفال وضرورة العناية بهم، وللقضاء على الظلم الاجتماعي الذي يتعرضون له .
- يمكن للقضاء أن يساعد في التغلب على هذه المشكلة من خلال التحذير من السلطات المختصة بتوفير الدعم المالي للأفراد المتعثرين وعدم فصل الأسر بسبب حبس أحد أفرادها .
- يجب على العديد من الدول توفير جزء كبير من الميزانية الاقتصادية لتوفير الرعاية اللازمة لمثل هذه الحالات من الأطفال .
- توفير عدد من المراكز التعليم والتأهيل المناسبة والتي تعمل على بث روح الأمل والطمأنينة في روح هؤلاء الأطفال ، وتلقيهم لعدد من دورات التوعية وضرورة مشاركة جميع الأفراد المسئولين في المجتمع عن ذلك من الشيوخ والمحافظين وأعضاء المجالس البلدية ، وضرور توجيه النصح بالفضيلة لمثل هؤلاء الأطفال .
- يتم العمل على تفعيل توصيات اليونيسف وكذلك المركز الوطني لحقوق الإنسان، وتنفيذ جميع المبادئ والتعليمات التي وردت في نصوصهم .
- بالإضافة إلى اتباع جميع مبادئ المؤتمر العالمي لحقوق الطفل، يتم تنفيذ هذه المبادئ بشكل فعلي على أرض الواقع بعيدًا عن المجرد الورقي .
- القيام بعدد من الاحصائيات التي يكون الغرض منها التتبع ومعرفة جميع المخاطر التي قد يتعرض له هؤلاء الأطفال ومحاولة التصدي له ، وكذلك عدم تعرضهم للمضايقات المبالغ فيها من قبل الأجهزة الأمنية ، وكذلك التصدي لجميع سبل الإعتداء الجنسي الذي يقع عليهم من الآخرين أو الإعتداء البدني من قبل الأبوين .