أهمية مقاصد الشريعة الإسلامية .. وأقسامها وأمثلة عليها
تعريف مقاصد الشريعة الإسلامية
كلمة مقاصد هي الجمع لكلمة: معنى “قَصَدَ” هو الاعتماد والأمان، ويتم نطقها بفتح الهمزة وتشديد الميم، ومثال على ذلك: “قصد الحجاجُ البيتَ الحرام”، أي اعتمدوا تلك الجهة وعوّدوها.
والمقصد: تأتي كلمة مصدر “ميمي” من الفعل “قصد”، لذلك نقول: “قصد يقصد قصدًا ومقصدًا”، وبالتالي فإن كلمة “المقصد” لها العديد من المعاني اللغوية
- الاعتماد، استقامة الطريق، والتوجه وقد قال تعالى: (وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ) [النحل: 9]
- التوسط وعدم الإفراط والتفريط وقد قال تعالى: وأعني بهذا في مثلك المشيئة (لقمان: ١٩)، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: `احرص على ما ينفعك.
وقد قام الشيخ محمد الطاهر بن عاشور بتعريفها على أنها: “المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة، فيدخل في هذا أوصاف الشريعة وغاياتها العامة والمعاني التي لا يخلوا التشريع عن ملاحظتها، ويدخل في هذا معان من الحكم ليست ملحوظة في سائر أنواع الأحكام ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها”.
أما الريسوني فقد عرفها بما يلي: تتمثل مقاصد الشريعة في الأهداف التي وضعتها الشريعة لتحقيقها من أجل مصلحة العباد.
أهمية مقاصد الشريعة الإسلامية
أتت الشريعة الإسلامية بمناهج ومقاصد تحدد الحدود، وترسم المعالم، وترسخ القواعد والأسس لنظام حكم إسلامي متوافق مع الفطرة الإنسانية في كل زمان ومكان. قال الله تعالى: `ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون` [الجاثية: الآية 18]. ومن هنا يأتي أهمية مقاصد الشريعة الإسلامية
- معرفتها تدل على الكمال في التشريع والأحكام: تندرج الأحكام الشرعية تحت خلق الله الذي تم تقديره بحكمة.
- المعرفة بهذه الأمور تساعد على فهم مراتب الفوائد والمضار، ودرجات الأفعال في الشرع والواقع، وهذا يتعلق بالموازنة بين الأحكام.
- تعد معرفتها نافعة في تعديل الأحكام، من الأصول إلى الفروع، ومن الكليات إلى الجزئيات، ومن القواعد إلى التفريعات. وقال الغزالي: (الحكم الثابت من جهة الشرع نوعان، الأول: نصب الأسباب عللا للأحكام، كجعل الزنا موجبا للحد، وجعل الجماع في نهار رمضان موجبا للكفارة، وجعل السرقة موجبة للقطع، وغيرها. النوع الثاني: إثبات الأحكام ابتداء من غير ربط بالسبب).
- تساعد معرفة المقاصد على زيادة الثقة في أحكام الشريعة، والنفس تسلم للأحكام التي عرفت علتها.
- يجب توضيح أسباب وأحكام وأغراض وأهداف التشريع، سواء كانت جزئية أو عامة، في جميع مجالات الحياة وتطبيقات الشريعة بأنواعها المختلفة.
- تهدف الدعوة الإسلامية إلى تحقيق مصالح الأشخاص وإبعاد الفساد عنهم، وذلك يؤدي إلى وسائل وسبل تسبب السعادة في الدنيا والفوز برضا الله عز وجل في الآخرة.
- تساعد على فهم النصوص وتفسيرها بشكل صحيح عند تطبيقها عمليًا، وكذلك على استنباط الأحكام من هذه النصوص.
- تُساعد في التفضيل لما يؤدي إلى تحقيق الأهداف والمقاصد، وما يتفق معها في الحصول على المنافع والحد من المفاسد.
- التناسق بين خاصيتي استيعاب النص الظاهر وتفهم معناه بحيث لا يحدث تشويش للمعنى النصي ولا المفهوم، وهذا يضمن أن يعمل الشرع بنظام واحد لا يتسم بالتباين أو التناقض.
- يتم تأكيد صلاحية الشريعة من خلال قدرتها على البقاء والاقتدار والمرونة والتفاعل مع البيئات والظروف المختلفة.
- يمكن الحد من الاختلافات والنزاعات الفقهية والتعصب المذهبي من خلال اعتماد المقاصد في بناء الحكم وتنسيق الآراء المختلفة.
أقسام مقاصد الشريعة الإسلامية
الشريعة الإسلامية لها قسمان أساسيان، وفي التالي توضيح لكلًا منهما:
- المقصد العام: يتم تحقيق مصالح جميع الناس في الدنيا والآخرة من خلال مجموعة من أحكام الشريعة الإسلامية.
- المقاصد الخاصة: هي الأهداف التي تسعى الشريعة لتحقيقها في مجال معين من مجالات الحياة، مثل النظام الاقتصادي، الأسري، أو السياسي، وغيرها من الأنظمة الموجودة في المجتمع، وذلك من خلال الأحكام التفصيلية التي تم تشريعها لكل مجال على حدة.
أمثلة عن مقاصد الشريعة الإسلامية
تحتوي الشريعة الإسلامية على العديد من المقاصد، بما في ذلك الضرورات والحاجيات والتحسينات، وفيما يلي أمثلة على مقاصد الشريعة المتعلقة بالحاجيات:
حفظ الدين
- يتمثل تثبيت اليقين بأصول وأركان الإيمان، في الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته، واليوم الآخر، والقدر، خيره وشره.
- أداء أصول العبادة وأركان الإسلام يتمثل في الصلاة والزكاة والصوم والحج، وذلك بعد الشهادتين، وهذه العبادات لها أسرار وحكم تربط بين العباد وربهم، وتعزز صلتهم به، وبالتالي تعزز الإيمان في أنفسهم وتجدده. وبناء على ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: `بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
- الدعوة للخير وحمايتها وتوفير الأمن لمن يحملها هي عمل إيجابي، وقد قال الله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) [آل عمران: 104].
حفظ النفس
- تشريع الزواج حتى يتم التكاثر وخلق الناس لتعمير العالم، وتشكيل بذرة الحياة الإنسانية في الأجيال القادمة، وقد قام الإسلام بالتنويه على العلاقات المقدسة بين الأزواج، واعتبرها من آيات الله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
- يتعين على الإنسان أن يسعى لتأمين احتياجاته الضرورية للحفاظ على حياته مثل تناول الطعام والشراب وتوفير المسكن والملبس، ويحرم على المسلمين الامتناع عن تلك الضروريات إلى حد يهدد حياته.
- يجب جعل الحفاظ على كرامة الإنسان واجباً، ومنع السب والقذف.
حفظ العقل
- الشريعة حرمت كل ما له دور في التأثير على عقل الإنسان أو يضره أو يعطل طاقته، مثل الخمور والحشيش.
- يجب تربية العقل على مبدأ الاستقلال في الفهم والتدبر، والتزام البراهين.
- رفعت الشريعة مكانة العقل.
- تدعو إلى تنمية العقل معنويًا وماديًا: وبالنسبة للجانب الروحي، يمكن تحقيق الإصلاح من خلال تشجيع العقل على السعي وراء العلم، والنظر إلى العلم باعتباره أحد أسس الإيمان، كما قال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر: 28]. وبالنسبة للجانب المادي، يمكن تحقيق الإصلاح من خلال تناول الغذاء الصحي الذي يقوي الجسم وينشط الذهن، ولذلك يكره على القاضي أن يحكم وهو جائع، ويفضل تقديم الطعام على الصلاة إذا ما كانا موجودين معا.
حفظ النسل / العرض
- شرع الإسلام الزواج وشجع عليه، إذ يعد هذا الزواج وسيلة حلال تجمع الرجل والمرأة بلا دوافع شهوانية فحسب، بالإضافة إلى تحقيق أهداف سامية مثل الحفاظ على الجنس البشري ورغبة في الإنجاب الصالح.
- الاهتمام بتربية الأطفال وتوطيد روابط الألفة.
- المحافظة على الأسرة وتكوينها بأسس سليمة.
حفظ المال
- حثت الشريعة الإسلامية على كسب المال باعتباره قوام الحياة الإنسانية، وذلك لتشجيع الناس على السعي في كسب الرزق.
- – تجعل المعاملات العادلة مباحة، ولكن المعاملات التي تحتوي على الظلم والاعتداء على حقوق الآخرين غير مباحة.