أهمية علم الجرح والتعديل وشروطه
ماهو علم الجرح والتعديل
تعتمد المسلمون في معرفة أمور الدنيا والآخرة على كتاب الله تبارك وتعالى وسنة الرسول صلوات الله وسلامه عليه، ولذلك حرص الصحابة والتابعون على حفظ السنة النبوية، ويتم ذلك من خلال:
- كان الصحابة حريصين على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل وقت وفي كل قول وفعل، حتى لا يفوتهم شيء من سنته.
- بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرص المسلمون على تدوين الأحاديث النبوية، لذلك إذا سمع عالم أن شخصًا في بلد بعيد يملك حديثًا نبويًا، كان يذهب إليه للاستماع إليه وتدوينه.
- أثناء جمع الأحاديث النبوية من العلماء، كانوا يشترطون الإسناد، وهذا أدى إلى تطوير منهج علمي دقيق.
المقصود بالجرح والتعديل
لقد بذل العلماء الكثير من الجهد في جمع الأحاديث النبوية وتدوينها، ولم يقتصر الأمر على هذا فقط بل اشترط أن يتم إسناده، هذا بجانب أنه كان يتم تتبع أحوال الأشخاص الذين كانوا يروون أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لهذا السبب لم يتم قبول حديث قبل أن يتم التأكد من أن الرواه قد تعرضوا إلى النقد وإلى التمحيص وذلك بناء على بعض المعايير الدقيقة، وذلك بغرض أن تكون جميع الأحاديث التي يتم إضافتها إلى السنة النبوية تكون صحيحة وضمن السنة النبوية، حتى لا يتم إنساب بعض الأحاديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم التي لم يذكرها أو يفعلها.
أما المقصود بكلمة الجرح هو الطعن في عدالة الحديث مثل أن يكون شخص موصوف بكثرة الأوهام أو بالفسق أو بإضطرابات في العقل في هذه الحالة لم يتم الحصول على الحديث، وبناء على ذلك فإن جميع الأحاديث النبوية التي سوف تنسب إلى الرسول صلى الله عليه أحاديث صحيحة يتم الإتفاق عليها قبل إضافتها.
أهمية علم الجرح والتعديل
تطور علم الجرح والتعديل أثار اهتماما كبيرا، وهناك حاجة لمعرفة جوانبه بجانب فهم أهمية علم الجرح والتعديل بشكل مفصل. بدأت الفترة الزمنية الرسمية لتوثيق الحديث في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه. وفي هذه الفترة، انتشرت الفرق الإسلامية بشكل كبير، مما أدى إلى تسجيل العديد من الأحاديث الكاذبة باسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وكان ذلك سببا في اختلاط الأحاديث الكاذبة بالأحاديث الصحيحة. ولذلك، بدأ العلماء في تحديد الأحاديث النبوية الصحيحة التي يمكن نسبتها للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بصدق، وفصلها عن الأحاديث الكاذبة. وهذا ما أدى إلى تأسيس علم الجرح والتعديل، الذي يهدف إلى تصفية الأحاديث النبوية بطريقة صحيحة، وتمييز الأحاديث الصحيحة من الكاذبة.
علم الجرح والتعديل يعتمد على إضافة قواعد وضوابط عديدة للراوي كوسيلة للتعرف على الرواية الصحيحة. في الماضي، كان يتم التأكد من الراوي قبل إضافة الأحاديث النبوية، حيث يتم التحقق من دينه وسيرته وعقله وخلقه. في علم الجرح والتعديل، لم يتم إضافة صفات الأشخاص، ولكن تمت إضافة الأحاديث النبوية إذا كانت صحيحة أو ضعيفة.
شروط الجرح والتعديل
هناك العديد من الشروط التي يجب توافرها في الشخص الذي يجري تحرير الحديث النبوي للتأكد من أنه شخص منصف في عمله، وأنه لا يضيف أحاديثًا نبوية لا ينسبإليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجب تنقية الأحاديث النبوية بأمانة ودقة. ومن بين هذه الشروط:
- أن يتمتع الشخص بالحكمة والورع.
- يكون صادق ويبتعد تمامًا عن الكذب.
- يجب أن يكون القاضي عادلاً ويتمتع بمختلف الصفات الحميدة ليحكم بين الناس بالعدل ويساعد على تنقية الأحاديث النبوية.
- يجب أن يكون لديه معرفة بأسباب الجرح والتعديل حتى يستطيع تحديد الأحاديث النبوية بشكل صحيح.
- يجب أن يكون لديه معرفة جيدة باللغة العربية واستخداماتها المختلفة والطريقة الصحيحة لتركيبها، حتى يتمكن من استخدام اللفظ المناسب.
كيف يثبت الجرح والتعديل
قام العلماء بإضافة ميزان دقيق يمكن تعديل الرواة أو الجرحة، ويتم تثبيته بواسطة ما يلي:
- الشهرة والشيوع: يجب أن يتميز الشخص بالعدالة والضبط، ويجب أن يتم الثناء على عدالته، حيث أن الشهرة أقوى وأهم من شخص أو شخصين.
- الثقة: أن يتفق العديد من العلماء على موثوقية مصدر الرواية، سواء بالكلام أو الكتابة.
- يجب أن يتم تحديد نوع الجرح والسبب الذي أدى إلى حدوثه بواسطة خبير موثوق به، سواء عن طريق الكتابة أو الكلام.
- تعني توضيح الجرح مع التعديل عندما يخبر المعدل عن أحوال الراوي التي ظهرت له.
مشروعية الجرح والتعديل
مشروعية الجرح والتعديل تأتي من كتاب الله تبارك وتعالى والسنة النبوية. في سورة آل عمران، يقول الله تعالى: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب). وفي سورة الحجرات، يقول الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). وفي سورة الأنعام: (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين). وفي سورة الطلاق، يقول الله تبارك وتعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله). وفي سورة المائدة، يقول الله جل في علاه: (يحكم به ذوا عدل منكم). صدق الله العظيم.
إن الأدلة من كتاب الله تبارك وتعالى تؤكد مشروعية الجرح والتعديل، ولقد جاء العديد من الأدلة في سنة رسول الله صلوات الله وسلامة عليه، وجاء في ذلك ما أتفق عليه الشيخان في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِىِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فَقَالَ النَّبِىُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – : ((بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَة))، فَلَمَّا دَخَلَ انْبَسَطَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ – صلَّى الله عليه وسلَّم – وَكَلَّمَهُ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُلْتُ: يا رسولَ اللَّهِ، لَمَّا اسْتَأْذَنَ قُلْتَ: ((بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ))، فَلَمَّا دَخَلَ انْبَسَطْتَ إِلَيْه؟! فقال: ((يَا عَائَِشة، مَتىَ عَهِدَتِنِي فَحَّاشًا؟! إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ)).
وقد جاء في ذلك أيضا ما نقله مسلم من حديث فاطمة بنت قيس أن أبا عمر بن حفص طلقها بشكل نهائي. فقد قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: `عندما تحلي العدة، فأخبريني`. فعندما حلت العدة، ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم يطلبان يديها للزواج. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `أما أبو جهم، فلا يتخلى عن عصاه، وأما معاوية، فهو رجل فقير، فارتبطي بأسامة بن زيد`.