أهمية الضحك لصحة الإنسان
نحن جميعا نسعى للسعادة والرضا ونلاحق وراء دواء يخفف من معاناتنا، لذلك تنفق الإنسانية حول العالم مئات الدولارات على الدواء، ولكنا كثيرا ما نهمل الآليات والوسائل التي أوجدها الله تعالى في الإنسان لتحقيق التوازن الداخلي، فجسم الإنسان يحتوي على مصنع دواء داخلي فيستطيع إنتاج أفضل الدواء إذا تم حثه وتحفيزه للقيام بذلك، ومن هذه الوسائل الضحك ..
تكشف الأبحاث العلمية الحديثة لنا الآن عن الخصائص الفسيولوجية للضحك كعلاج وشفاء للأمراض التي لا يمكن للأدوية تحقيقها. فالضحك هو أحد وسائل التواصل البشري عبر التاريخ، إذ يعبر عن الفرح والمرح والتعاطف والتفاهم المتبادل بين البشر. وإذا افترضنا أننا ندرك الفوائد الفسيولوجية للضحك، يجب أن ندرك كيف يعالج الضحك التوتر، الذي يعتبر القاتل الأول للإنسان في جميع أنحاء العالم..
هناك نوعان من التوتر، وهما التوتر السلبي والإيجابي، وفي حالة التوتر السلبي، يزيد من إفراز هرومونات التوتر ولهذه الهرمونات تأثيرات سلبية على الصحة، وخاصة على الأوعية الدموية وضغط الدم والقلب والجهاز المناعي والسمنة والسكري وقدرة الإنسان على تحمل الألم .
في حالة التوتر الإيجابي مثل الضحك، تنخفض جميع هذه الهرمونات، بينما في حالة التوتر السلبي، يرسل الدماغ إشارات إلى الغدة الصنوبرية، التي بدورها ترسل إشارات إلى الغدة الفوق الكلوية لزيادة إفراز الهرمونات المسؤولة عن التوتر والتي تسبب ضررا للجسم. ومع ذلك، عندما نضحك ونكون سعداء، يحدث شيء غريب لدينا، حيث يتم تعطيل ومنع هذه الإشارات بين الغدتين، وبالتالي يتم حماية الجسم من آثار الهرمونات الضارة على الصحة .
وفقا للدراسات، تشير النتائج إلى أن الضحك يقلل من ضغط الدم ويعزز الدورة الدموية، كما يساعد في زيادة وصول الأكسجين إلى الرئتين، وبالتالي يحسن وظائف القلب. أجرى الباحث الدكتور ليبر وفريقه دراسة في مركز متخصص بجامعة ليما ليندا في كاليفورنيا استمرت لأكثر من ثلاثين عاما حول تأثير الضحك، حيث شملت 48 مريضا يعانون من الذبحة الصدرية. تم تقسيمهم عشوائيا إلى مجموعتين، وتلقت المجموعة الأولى العلاج والتأهيل القلبي التقليدي لمدة عام، بينما تلقت المجموعة الثانية نفس العلاج لمدة عام بالإضافة إلى الالتزام بـ30 دقيقة من الضحك يوميا .
بالنسبة لمجموعة الأولى عشرة من ضمن 24، حدثت لهم ذبحة ثانية خلال عام، أما المجموعة الثانية فقد انخفضت النسبة من عشرة أشخاص إلى شخصين فقط، واحتاجت المجموعة الثانية لأدوية أقل للسيطرة على دقات القلب والضغط وآلام الصدر وتوسيع الشرايين. يقول الباحثون إن أي شخص يمكنه أن يجد دواء يؤدي إلى هذه النتيجة سيستحق جائزة نوبل العالمية في الطب، وهذا ما أكده الرئيس السابق لرابطة الأمريكية لعلاج بالضحك، الدكتور ستيف ستانوف، استنادا إلى العديد من الدراسات ..
الضحك يحمي القلب بطريقتين مباشرة وغير مباشرة، كما يمنع تصلب الشرايين، وفي دراسة أجريت في جامعة ميريلاند عام 2005، تم تصوير أوعية الدم لدى مجموعة من الأشخاص بعد مشاهدتهم عرض كوميدي، وأظهرت النتائج إيجابية حيث قامت الأوعية بوظائفها الطبيعية، بينما كانت النتائج عكسية عند مشاهدة نفس المجموعة لفيلم درامي، مما أدى إلى توتر الأوعية الدموية وانخفاض ضغط الدم فيها.
أما بالنسبة للأم فهناك دراسات عديدة تؤكد أن الضحك و الدعابة يقلان من الإحساس بالألم و يرفعان من مستوى الصحة خاصة لدى الأطفال و لذلك يلجأ عدد من المستشفيات في أوربا و أمريكا لإستخدام المهرجين لتسلية الأطفال المرضى و الترويح عنهم و جعلهم جزءًا من العلاج الطبي ، فالضحك ينشط خلايا خاصة في الدماغ مسئولة عن إشعار الجسم بالرضا.
قد أثبتت الأبحاث عمليا أن الضحك هو نشاط رياضي للعديد من أجزاء الجسم، بما في ذلك القلب وعضلات الوجه والرئتين والحجاب الحاجز وعضلات المعدة والبطن. أظهرت الدراسات أن الضحك مائة مرة يعادل تأثيره في الجانب الفسيولوجي ما يتم ممارسته أثناء ركوب الدراجة لمدة ربع ساعة. ولذلك، تم إنشاء أندية للضحك بجوار الأندية الرياضية في عدد من البلدان حول العالم. وللضحك فوائد اجتماعية ونفسية عظيمة، حيث يضيف الفرح والحماس للحياة ويخفف القلق والخوف ويعزز العلاقات .
وهناك بعض أنواع الضحك التي لا تؤدي إلى فوائد فيزيولوجية، مثل الإهانة والإدانة التي تسبب إهانة للآخرين، ولا تقدم أي فوائد فيزيولوجية مقارنة بالفكاهة البريئة غير المؤذية
يقول الرسول صلّ الله عليه وسلم : الآن ومن حين لآخر، يجب علينا أن نأخذ وقتًا لأنفسنا، لأن القلوب إذا تعبت، فإنها تتعطل، كما صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم