أهمية الحياء وانواعة
تعريف الحياء
الحياء هو صفة تظهر في أفعال الجميلة وترك الأمور القبيحة، وهي صفة جيدة لدى المؤمن وتعتبر من مكارم الأخلاق وشعار الإسلام. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن لكل دين خلقا، وخلق الإسلام الحياء”. فالحياء يجلب الخير، ويعتبر زينة الإيمان، ويقال: “من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه.
حياؤك فاحفظه عليك فإنما يدلُّ على فضل الكريم حياؤه
إذا قل الماء في الوجه، فإن الحياء يقل، ولا خير في وجه إذا قل الماء.
وإن العلماء قد اختلفوا في تعريف الحياء وبيان معانيه، وهنا نجد أن الزمخشري قد عرف الحياء بأنه هو تغيّر وانكسار يصيب الإنسان من خوف ما يعاب به أو يذم، أما الراغب فقد قال أن الحياء هو انقباض النفس من القبيح، وقيل أيضاً كما أسلفنا سابقاً بأن الحياء هو الخلق الذي يبعث على فعل الحسن والابتعاد عن الفعل القبيح، ونستطيع القول أن الحياء لغة هو الحشمة ويكون عكسها الوقاحة أما الحياء اصطلاحاً فهي الخلق الرفيع الذي يحث صاحبه على اجتناب الأمور القبيحة وفعل كل ما هو يصب في الأخلاق الحميدة.
منزلة الحياء في الإسلام
الحياء هو خاصية من خصائص الإيمان والأخلاق الإسلامية، فمن يتمتع به فإن إسلامه يتحسن وترتفع مكانته ويمتلك رفعة في الأخلاق. ومن يتمتع بصفة الحياء، فإنه يهاجر عن المعاصي خجلا من الله سبحانه وتعالى ويرتفع به إلى طاعته. إن الحياء شعبة من شعب الإيمان، تجعل المؤمن يتمتع بالقوة والاحترام، وهي صفة من صفات الأنبياء والصالحين. فمن استطاع أن يتحلى بهذه الصفة، فإنه سيتحلى ببقية الأخلاق الفاضلة وينبذ كل الخلق القبيح. ومن حرم الحياء، فإنه يكون عاجزا عن اكتساب بقية الأخلاق الفاضلة ويكون منغمسا في الأخلاق المذمومة. وبالتالي، فإن الحياء يحتل مكانة عظيمة في الإسلام ويتجلى في
- فالحياء هو خلق الإسلام أخرج ابن ماجة عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “لكل دين خُلُقًا وخُلُقُ الإسلام الحياء”، وهو حديث حسن.
- وإن الله حيي يحب الحياء وهناك أدلة وأحاديث نبوية تبين حب الله سبحانه وتعالى لصفة الحياء ومن هذه الأدلة:
- فعن سلمان الفارسي، عن الرسول عليه الصلاة والسلام قال «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ»،أخرجه الترمذي والبيهقي.
- وعن يعلى بن أمية – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلَا إِزَارٍ، فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ». أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي.
- والحياء من الأخلاق النبوية المميزة، فكان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام قدوة ومثالا في الحياء، وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قيل: `كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وعندما يرى شيئا يكرهه، نراه في وجهه.
- وصفة الحياء هي شعبة من شعب الإيمان ومن الأدلة النبوية الشريفة:
- في الصحيحين – واللفظ لمسلم – عن أبي هريرة، قال رسول الله : `الإيمان بضعة وسبعون شعبة، وأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان`.
- في الصحيحين – واللفظ للبخاري – عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يعاتب رجلا، وهو ينتقد أخاه في الحياء، يقول: إنك تشعر بالخجل، حتى وكأنه يقول: قد تسببت في إحراجك، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «اتركه، فإن الحياء جزء من الإيمان.
- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قال رسول الله: `إن الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر`، ورواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
أنواع الحياء
إن البعض قد قسم الحياء إلى أربعة أقسام وتتجلى في :
- الحياء من الله ويتجلى في استقرار مراقبة الله في نفس العبد وان الله سبحانه وتعالى معه أينما ذهب، فالمؤمن يستحي من الله لهذا يحاول أن لا يقصر في فريضة ويبتعد عن المعاصي، قال الله عز وجل: (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)، وقال: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)، وقد ورد في الأحاديث النبوية الشريفة أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: “استحيوا من الله حق الحياء، فقالوا يارسول الله إنا نستحي، قال ليس ذالكم، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء”.
- الحياء من الملائكة فقد قال بعض الصحابة : : الله تعالى حث على حسن المعاملة والإكرام لأولئك الذين لا يفارقونكم، فقد نبه على ذلك بقوله: “وإن عليكم لحافظين، كراماً كاتبين، يعلمون ما تفعلون.
- يُعَدُّ الحياء من الناس حكمًا على أفعال الإنسان، وقد نصب رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام هذا الحياء كضابط لأفعال المرء، فقال: “ما كرهتَ أن يَراهُ الناسُ فلا تَفعلْهُ إذَا خَلَوْتَ” (حسنه الألباني).
- الاستحياء من النفس فإن المرء الذي يستحي من الناس ولكنه لم يستحِ من نفسه فتكون نفسه هي أخس عنده من غيره، فإذا هم المرء بعمل ما هو قبيح عليه أن يتصور أن أحداً من نفسه كأنه يراه، وإن هذا الحياء يتجلى بالعفة وصيانة الخلوات بالإضافة إلى حُسن السريرة، فإذا كانت نفس المرء كبيرة في ذاته فسيكون استحياؤه منها أكبر وأجل من استحيائه من الناس.
أهمية الحياء
تعتبر صفة الحياء من الصفات الهامة التي يجب أن يتحلى بها المؤمن، ولهذه الصفة أهمية كبيرة بسبب فوائدها التي تعود على المجتمع والفرد، وتتجلى أهميتها في:
- الحياء يعكس الوقار والأدب، ولا يتعارض مع الرقي والتحلي بالأخلاق الحسنة.
- يدفع الإنسان إلى اكتساب كل ما هو جميل ويتخلص من كل ما هو مكروه وقبيح.
- إن الحياء هو مفتاح لكل خير وهو الخير كله ولا يأتي إلا بخير ففي الصحيحين عن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ». وفي رواية لمسلم: « الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ ». قَالَ أَوْ قَالَ « الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ ».
- الحياء هو سد لكل ما هو سيئ، فهو يحث المؤمن على التخلص من الصفات والأفعال القبيحة وحتى الأقوال، ويمنع من الإخفاق في حق الله تعالى. إنه يدعو إلى تجنب الآثام والشر، ويشجع على اتباع الفضائل والخيرات. قال الفضيل بن عياض رحمه الله: `من علامات الشقاوة: القسوة في القلب، وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل`. وقد قال ابن حبان رحمه الله: `فالعاقل يجب أن يلتزم بالحياء، فإنه أساس العقل وبذرة الخير، وتركه هو أساس الجهل وبذرة الشر`.
- يحظى الشخص الذي يتمتع بالحياء بمحبة الله والناس.
- يبعد الحياء المرء عن الفضائح في الدنيا والآخرة.