أهداف النمذجة الرياضية ومراحلها .. وأمثلة عليها
ما هي النمذجة الرياضية
تعريف النمذجة الرياضية: النمذجة الرياضية هي عملية يتم فيها التعبير عن المواقف الواقعية في الحياة والعلاقات بينها باستخدام الرياضيات، أو عملية دورية يتم فيها تحويل مشاكل الحياة الواقعية إلى لغة رياضية، ومن ثم حلها ضمن نظام رياضي واختبار الحلول مرة أخرى ضمن نظام الحياة الواقعية.
في كلتا الحالتين، ينظر إلى النمذجة الرياضية على أنها تتجاوز الخصائص الفيزيائية لحالة واقعية لفحص سماتها الهيكلية من خلال الرياضيات، حيث تتطلب النمذجة الرياضية بناء نماذج رياضية للظواهر الطبيعية والاجتماعية التي تحركها المشكلة الحقيقية، حيث تكون هذه النماذج الرياضية هي جزء من عملية معالجة وفهم المشكلة الأصلية.
أهداف النمذجة الرياضية
تُعرف النمذجة الرياضية بأنها فن ترجمة سلوك نظام ما إلى اللغة الرياضية، حيث يتم استخدام صيغ رياضية يمكن تتبعها وتحليلها نظريًا وعدديًا، وتقدم الإجابات والإرشادات المفيدة التي تساعد على فهم النظام الأصلي بشكل أفضل.
يمكن استخدام النمذجة الرياضية لعدة أسباب مختلفة، حيث تعتمد جودة تحقيق أي هدف محدد على معرفة المستخدم بالنظام المدروس وجودة النمذجة الرياضية.
- تُعتبر النمذجة الرياضية عملية أساسية وضرورية في العديد من التطبيقات.
- تُعَدُّ النَّمذجة الرياضيَّة نَاجِحَة في العديدِ من التطبيقات الأخرى.
- توفر النمذجة الرياضية الدقة والتوجيه في حل المشكلات.
- تساهم النمذجة الرياضية في توفير فهم شامل للنظام الذي يتم نمذجته.
- تُسهم النمذجة الرياضية في تحسين التصميم أو التحكم في النظام الذي يتم نمذجته.
- تتيح النمذجة الرياضية استخدام تقنيات الحوسبة الحديثة بشكل فعال.
تمثل دراسة النمذجة الرياضية خطوةً هامةً في التحول من التدريب الرياضي النظري إلى الخبرة الرياضية التطبيقية، كما تساعد الأفراد على تحسين قدراتهم في مواجهة التحديات التكنولوجية الحديثة.
مكونات النمذجة الرياضية
تتكون المكونات الرياضية للنمذجة من متغيرات وثوابت ومعلمات المعايرة ومعلمات الإدخال والبيانات ومعلمات المرحلة ومعلمات الإخراج والمعلمات العشوائية، وتشمل عملية النمذجة الرياضية مراحل تحديد وصياغة المشكلة وبناء النموذج الرياضي وتطوير وتفسير النموذج والتحقق والتنفيذ واستخدام الأساليب العددية لتفسير النتائج النهائية.
الأشكال الأساسية المستخدمة في النماذج الرياضية تكون الأرقام والبيانات والتوابع والمعادلات والتباين وأنظمة المعادلات والمعادلات التفاضلية العادية والجزئية.
صفات النمذجة الرياضية
- تعدد الاستخدامات: ميزة اكتمال النموذج الرياضي للخصائص المدروسة للنظام الحقيقي.
- الكفاءة: القدرة على تعكس الخصائص المرغوبة في نظام ما بدون تجاوز الحد الخطأ.
- الدقة: الدقة هي درجة التطابق المقدرة بين الخصائص الفعلية للنظام وقيم المعلمات المتحصل عليها من النماذج الرياضية.
- الاقتصادية: يتم تحديدها من خلال حساب تكلفة موارد الكمبيوتر بناء على الذاكرة والوقت المطلوب للتنفيذ والتشغيل.
مراحل النمذجة الرياضية
تتضمن المراحل الأساسية للنمذجة الرياضية:
- بناء النموذج الرياضي، تحتوي هذه المرحلة الأولية على عناصر غير رياضية، على سبيل المثال، ظاهرة طبيعية أو تصميم أو خطة اقتصادية أو عملية إنتاجية وما إلى ذلك، وبالتالي، كقاعدة عامة، يكون من الصعب وضع وصف واضح للوضع، أولا يتم تحديد السمات الرئيسية للظاهرة والعلاقات بينها على المستوى النوعي، ثم يتم وضع علاقات نوعية تم صياغتها بلغة رياضية تمثل النموذج الرياضي، وتعد هذه المرحلة أصعب مرحلة في المحاكاة.
- تشمل المرحلة الثانية حل المسألة الرياضية التي تؤدي إلى النموذج. في هذه المرحلة، يتم تطوير الخوارزميات والأساليب العددية لحل المسائل الرياضية على جهاز الكمبيوتر، والتي يمكن الحصول على النتائج المطلوبة بالدقة المناسبوعة وفي الوقت المسموح به.
- تتضمن المرحلة الثالثة في البحث تفسير نتائج النموذج الرياضي، والبحث المشتق من النموذج يستخدم لغة الرياضيات كلغة مفسرة مقبولة في النظام.
- يتم في هذه المرحلة التحقق من كفاءة النموذج النظري، حيث يتم التأكد من مدى توافق النتائج التي تم الحصول عليها مع النتائج المتوقعة من النموذج النظري، وذلك ضمن مستوى دقة محدد.
- يمكن في هذه المرحلة تعديل النموذج المستخدم لجعله أكثر تناسباً مع الواقع أو تبسيطه للحصول على حل عملي ومقبول.
أمثلة من العالم الحقيقي عن النمذجة الرياضية
تؤثر النمذجة الرياضية على جميع جوانب حياتنا، ويوجد بعض الأمثلة الحقيقية التي توضح أهمية النمذجة الرياضية
- العلوم الفيزيائية والهندسة
غالبًا ما تبدأ العلوم الفيزيائية والهندسة من قوانين معروفة ومبسطة، يتم ذلك غالبًا عن طريق تحديد حجم التأثيرات المختلفة ثم تجاهل التأثيرات التي تعتبر أصغر من أن تحدث فرقًا كبيرًا في النتيجة النهائية، يمكن القيام بذلك إما باستخدام صيغ رياضية أو عن طريق التجارب، في بعض الأحيان يتم دمج هذه الصيغ أو التجارب مع افتراضات حول كيفية عمل النظام من أجل تقليل عدد الاحتمالات اللازم دراستها.
تساعد الأمثلة الحقيقية على فهم القوة التنبؤية الحقيقية للنمذجة الرياضية، مثل دور النمذجة الرياضية في الميكانيكا السماوية، حيث اكتشف نيوتن قوانين الحركة في النظام الشمسي، ووجد أنها دقيقة للغاية في التنبؤ بمسارات الكواكب المعروفة في ذلك الوقت. ومع ذلك، اكتشف ويليام هيرشل كوكب أورانوس في 13 مارس 1781 وعند رسم مداره وجد أنه يتفق تقريبا مع تنبؤات ميكانيكا نيوتن، ولكن مع وجود تناقضات صغيرة. في هذه المرحلة، كانت الثقة في دقة النموذج الأساسي لنيوتن كبيرة لدرجة أن هذه التناقضات الصغيرة تسببت في القلق الكبير.
تم افتراض وجود سبب لتحريك مدار كوكب أورانوس، وأحد التفسيرات هو وجود كوكب آخر يؤثر عليه، واستخداما للنموذج النيوتوني للنظام الشمسي، تم حساب موقع هذا الكوكب، وبناء على النتائج تم اكتشاف كوكب نبتون في عام 1846 باستخدام النمذجة الرياضية.
يوضح هذا المثال أن النمذجة الرياضية تمكنت من التنبؤ بشيء جديد تماماً، حيث أنه بات واضحاً في هذه المرحلة أن النمذجة الرياضية تتمتع بقوة مفيدة غير عادية.
- العلوم البيولوجية
استغرق الأمر وقتًا أطول للنمذجة الرياضية لإحداث تأثير في العلوم البيولوجية، والسبب الرئيسي في ذلك هو أن الأنظمة البيولوجية أكثر تعقيدًا بطبيعتها من الأنظمة الفيزيائية، كما أنه من الصعب عمومًا إجراء تجارب على الأنظمة البيولوجية، ومع ذلك، من خلال الدراسة المتأنية، تم إحراز تقدم كبير في السنوات الأخيرة، حيث يتم استخدام النمذجة الرياضية الآن للمساعدة في فهم تغيير أعداد الحيوانات وتطور الأنماط البيولوجية وانتشار الأمراض وعمل الجهاز العصبي.
- العلوم الاجتماعية
تعد النمذجة الرياضية مفيدة وضرورية في العلوم الاجتماعية، ولكنها معقدة قليلًا بسبب الحاجة إلى أخذ السلوك البشري في الاعتبار، وبالنظر إلى الطريقة المعقدة التي يفكر بها البشر، فإن هذا الأمر صعب بشكل عام إن لم يكن مستحيل، ومع ذلك، تم استخدام النمذجة الرياضية في الوقت الحالي من أجل وصف الأنظمة الاقتصادية.