أكثر الأقوام عنادا مع أنبيائهم
من هم أكثر الأقوام عنادا مع أنبيائهم
خلق الله سبحانه وتعالى الأنبياء، واصطفاهم لحمل رسالة الدعوة إلى عبادة الله الواحد وترك ما دونها، وكثير من الشعوب اتبعوا دعوات أنبيائهم وسلكوا طريق الحق وعبادة الله سبحانه وتعالى، وفي المقابل، رفض بعض الشعوب دعوة الأنبياء وقابلوهم بالسب والإيذاء، حتى أنتقم الله منهم وأذاقهم أشكال العذاب، وجميع قصصهم هي مذكورة في القرآن الكريم.
وكان هناك الكثير من الأقوام في كافة أنحاء العالم، الذين عاندوا الأنبياء، وهاجموا الدعوة إلى عبادة الله، وكان اليهود من أكثر الأقوام الذين عاندوا الأنبياء في كل شيء، فهم أعداء الله وأعداء الإسلام، وقد وصفهم الله تعالى في القرآن الكريم، بأنهم أشد الناس عداوةً للمسلمين، ومن أكثر الأقوام عنادا مع أنبيائهم مع يلي:
قوم نوح
أرسل الله تعالى نوحًا عليه السلام أول نبي يُبعث في الأرض، إلى قومه بعدما انتشر بينهم الظلم والضلال، وقد ذكر ابن جبير وغيره من العلماء أن اسمهم كان بنو راسب، وقد كانوا يصنعون أصنامًا لأشخاص صالحين مثل ود ويعوق وسواع ويعبدونها، فأرسل الله نبيه نوح إليهم لدعوتهم إلى التوحيد وعبادة الله سبحانه وتعالى.
بدأ نوح عليه السلام دعوته بينهم سرًا، وكان يحدثهم عن فوائد الإيمان بالله وأن الله سيغفر لهم ذنوبهم، وسينزل عليهم الخيرات، ويرزقهم بالأولاد والبنات، وتمتلئ الأرض بالجنان والحدائق والأنهار، ثم دعاهم نوح فيما بعد جهرًا وطلب منهم أن يستغفروا الله ويعبدوه.
دعا نبي الله نوح عليه السلام قومه للإيمان بالله لمدة 950 عامًا، ورغم ذلك لم يؤمن معه إلا عدد قليل، وكان قومه يهربون منه ويضعون أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا حديثه، ويغطون وجوههم بثيابهم حتى لا يروه مصرّين على عنادهم وكفرهم.
بعد أن استسلم نوح لليأس من إيمان قومه ولجوئهم إلى الكفر، دعا الله تعالى على هؤلاء الكافرين، وطلب منه أن يزيدهم في ضلالهم وأن يمحو الكفر من على الأرض، لأنهم لن يدعون الناس إلى الحق والهداية، ولن ينجبواسوى فجارًا كافرين.
استجاب الله سبحانه وتعالى لدعاء نبيه، وأمره ببناء سفينة كبيرة. وكلما مر أحد من قومه عليها، كانوا يستهزئون به ويتساءلون عن كيفية تحركها في البر. وعندما جاء أمر الله، أمر نبيه بجمع زوج من كل نوع من الحيوانات والطيور والحشرات، وأهله ومن آمن به، في هذه السفينة. ثم فجر الله الأرض بالماء وأرسل المطر الغزير من السماء، وكان عقاب قوم نوح الغرق في الفيضان.
قوم لوط
بعدما هاجر مع نبي الله إبراهيم عليه السلام إلى مدينة سدوم من أرض غور زغر، أرسل الله لوط إلى قومه، فدعاهم إلى التوحيد وعبادة الله الواحد، ونهاهم عن فعل المحرمات، وخاصة فعل اللواط، حيث كانوا يرتكبون الفواحش ويأتون بالرجال دون النساء، إلا أنهم عاندوا رسول الله لوط عليه السلام، وأصروا على الكفر والفجور، حتى عاقبهم الله بالحصباء، وهي الحصى أو الحجارة، وشبهها في القرآن الكريم بالحساب، فأهلكهم الله جميعا.
قوم صالح
يعرف قوم نبي الله صالح بـ “قوم ثمود”، ويعود تسميتهم بهذا الاسم إلى أحد أجداد هذه القبيلة ويُدعى ثموج بن عامر بن إرم بن سام بن نوح، وقد من الله على قوم صالح بالكثير من النعم، فقد أوسع عليهم في الرزق، واشتهروا بالمباني العملاقة الكبيرة والنحت في الصخر، وقد كانت أجسادهم عملاقة وقوية.
كان قوم صالح يشركون الله ويعبدون الأصنام. فأرسل الله لهم نبيه صالح ليدعوهم إلى عبادة الله وترك الشرك وعبادة الأصنام. ومع ذلك، كذبوه وأصروا على الكفر ورفضوا دعوته. فأرسل الله لهم دليلا على صدق دعوته، وهو الناقة التي خرجت من قلب الصخرة وكانت قادرة على التحدث مع الناس. وكانت حليبها يكفي جميع قوم ثمود. وعلى الرغم من ذلك، لم يؤمن إلا عدد قليل مع نبي الله صالح، وبقية الشعب كفروا به ورفضوا دعوته.
وقد أمر صالح قومه بأن يتركوا الناقة ولا يمسوها بسوء، وأنها لا تحتاج إلى رعاية، إلا أنهم لم يسمعوا له وقتلوها، فحذرهم نبي الله من العذاب الذي سيلحق بهم خلال ثلاثة أيام ولكنهم لم يستمعوا له وأصروا على تكذيبه، ومع فجر اليوم الرابع انشقت السماء وخرجت منها صيحة واحدة قوية قتلت جميع الكافرين من قوم صالح مع انتهائها.
قوم إبراهيم
كان قوم النبي إبراهيم عليه السلام يعبدون الأصنام ويشركون بالله، وكان والده آزر من صانعي الأصنام، وبدأ إبراهيم دعوتهم لعبادة الله وحده ودعا والده بالرفق واللين، ولكنه أصر على الكفر وطلب منه أن يرحل عنه.
تحول نبي الله إبراهيم إلى داعية لقومه بعد ذلك، وبدأ دعوتهم بترك عبادة الأصنام، ثم ناقشهم في مسألة عبادة الكواكب، وبعدما لم يتبق له سبيلاً للحوار قال لهم إن الله لا يغيب ولا يأفل، وهذا ينطبق على الشمس والقمر أيضاً، ولكنهم أصروا على العناد والكفر ورفضوا دعوته.
وكان إبراهيم يدعو قومه للنقاش والمناظرة، فذهب إلى النمرود حاكم بابل، وكان معروفا بجبروته وادعائه بالربوبية، فقال له إبراهيم عليه السلام، إن الله يحيي ويميت، فرد عليه النمرود بأنه سيجلب رجلين وسيحكم عليهما بالإعدام وسيقتل أحدهما ويعفو عن الآخر، وهكذا سيحيي ويميت، فأخبره النبي إبراهيم أن الله يجلب الشمس من المشرق، وطلب منه أن يجلبها من المغرب، لكنه فشل في ذلك.
واستمر دعاء إبراهيم لقومه سنوات عدة، إلى أن تحداهم بأن يحطم أصنامهم، ورغم أنهم تيقنوا من أنها أصنام لا تضر ولا تنفع وأنهم على باطل، أصروا على كفرهم وعنادهم وأمروا بإلقاء نبي الله في النار، فأمر الله النار بألا تمس إبراهيم عليه السلام ولم يحترق سوى الأغلال وخرج منها سالمًا وترك قومه ورحل عنهم وهم على كفرهم.
قوم موسى
ولد نبي الله موسى في سنة كان يقتل فيها الذكور بأمر من فرعون حاكم مصر، حيث كان يقتل الذكور في سنة ويتركهم في سنة، ولما ولد موسى لم يكن يعلم أحد بولادته، وخوفًا من أن يُقتل، أهدى الله أمه أن تضع موسى في التابوت وتلقيه في اليم، ووصل التابوت إلى قصر فرعون فأخذنه الجواري إلى زوجة فرعون آسية بنت مُزاحم.
طلبت آسية من فرعون أن يحتفظ بالطفل ويتبناه كابن لها، ووافق فرعون على ذلك، وعرضوا عليه العديد من المرضعات، لكن موسى رفضهم، فنصحتهم أخته التي كانت تتبع أثره إلى أمه، وبالفعل وصلت أمه ورضع منها، ورد الله لها ولابنها، وكبر موسى وشاب في قصر فرعون.
وكان موسى يسير في المدينة ذات يوم فوجد قبطي يتشاجر مع أحد من بني إسرائيل، فطلب الأخير من موسى أن ينصره عليه ، فوكز موسى القبطي فمات رغم لانه لم يكن يقصد قتله، ثم تاب إلى الله واستغفر فغفر الله له، فظل في المدينة يترقب ماذا سيحل به، إلى أن نصحه رجل بالخروج من المدينة خوفًا من أن ينتقم منه أحد وبالفعل خرج موسى وتوجه إلى مدين وتزوج واستقر هناك.
قرر موسى بعد ذلك العودة مع أهله إلى مصر، وكان يبحث عن نار في الطريق ليهتدي بها وأهله، إلى أن رأى نارًا إلى جانب جبل فذهب إليها ووحده، وهناك كلمه الله سبحانه وتعالى وأخبره أنه اصطفاه ليدعو الناس إلى عبادة الله ويخبرهم عن يوم القيامة وأنه آت لا محالة ليجزي كل إنسان بما فعل، وأمره أن يلقي عصاه فإذا هي تتحول إلى ثعبان، كما أمره أن يدخل يده في جيبه فإذا هي بيضاء ويشعر منها النور.
وبعث الله مع نبيه موسى العديد من المعجزات التي تثبت نبوته وأمره بالذهاب إلى قوم فرعون ليدعوهم إلى عبادة الله، حيث كان فرعون يدعي الربوبية، وطلب موسى أنه يبعث معه أخيه هارون فهو أفصح منه لسانًا، فاستجاب له ربه، وذهبا إلى فرعون وطلبوا منه الإيمان بالله إلا أنه اتهمه بالسحر وأصر على كفره وأمر بجمع السحرة من كافة ربوع مصر لمناظرة موسى.
في اليوم المحدد، اجتمع السحرة وموسى في مكان يمكن للناس رؤيتهم وسماعهم، وألقى السحرة عصيهم فظهرت أمام الناس على أنها ثعابين، وبعد ذلك ألقى موسى عصيه فتحولت إلى ثعبان ضخم وابتلعت عصي السحرة، وآمن السحرة مع موسى، ولكن غضب فرعون وصلب السحرة وأصر على كفره.
صدق موسى وهارون، وآمن بنو إسرائيل بهم، وأمرهم الله بالاستقرار في مصر ووعدهم بالجنة، وأوصاهم بالصبر والثبات أمام ظلم فرعون، وأمر الله موسى بمغادرة مصر مع المؤمنين من قومه.
عندما علم فرعون بغضبه الشديد، تبعه هو وجنوده حتى وصلوا إلى البحر، فظن قوم موسى أنهم سيهلكون. فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعصاه، فانشق البحر إلى نصفين، وظهرت أمامهم طريقة يابسة ليعبروا البحر، وعندما تبعهم فرعون وجنوده، أغرقهم الله جميعا، ونجا موسى وقومه.