أقسام وشروط الشفاعة
دائما نطلب الشفاعة من الله -عز وجل- في دعائنا لتحقيق مختلف احتياجاتنا في الدنيا، ونطلب العفو والمغفرة ودخول الجنة يوم البعث. هناك من يقول أن الشفاعة خاصة بالله -عز وجل- وحده، ولا نطلبها إلا منه، وهناك من يقول أن الله منح الشفاعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم- وبعض الأولياء الصالحين، فما هو الصحيح في ذلك وما هي الأدلة؟
مفهوم الشفاعة
تعني الشافعة بشكل مبسط ومختصر توسط الشخص الثالث للغير لطلب المنفعة أو تجنب المضرة.
أقسام الشفاعة
أولاً : شفاعة الأخرة والتي تكون يوم القيامة.
ثانياً : الشفاعة التي تطلب في أمور الدنيا.
أنواع شفاعة الآخرة
–النوع الأول هو الشفاعة الخاصة، هي خاصة بالرسول صلّ الله عليه وسلم لا ينازعه بها أحد من الخلق، وهي أقسام :
الأولى: الشفاعة العظمى هي المقام المحمود الذي وعد الله به نبيه المختار صلى الله عليه وسلم، وهي عبارة عن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لجميع خلق الله -عز وجل- عندما يتأخر حسابهم يوم القيامة في أرض المحشر ويصابوا بالملل من الانتظار، فيصيبهم الهم والكرب الذين لا يستطيعون تحمله وينادون
“من يشفع لنا إلى ربنا حتى يفصل بين العباد” ، ويدعون ويتمنون الرحيل من ذلك المكان، فيسرع الخلق إلى الأنبياء طالبين الشفاعة، فيرد كل منهم: “لست لها”، حتى إذا وصلوا إلى نبينا المختار صلّ الله عليه وسلم فيقول لهم: “أنا لها، أنا لها”، فيشفع لهم المصطفى صلّ الله عليه وسلم بفصل القضاء، فتلك هي الشفاعة العظمى وهي من أهم خصائص وصفات النبي المصطفى محمد صلّ الله عليه وسلم .
وفي الشفاعة العظمى أحاديث نبوية عدة منها: إن الناس يصيرون يوم القيامة جُثاً، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلّ الله عليه وسلم ، “فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود” رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
الثانية : الشفاعة التي يطلبها الأشخاص الذين يريدون دخول الجنة.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: – “قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `سأدخل باب الجنة فيوتناولني الخازن فأقول: أنا محمد، فيقول لي: بك أمرت، ولا أفتح لأحد قبلك.` رواه مسلم وفي رواية أخرى: `أنا أول شفيع في الجنة`
الثالثة : شفاعة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب.
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمه أبو طالب، فقال: “لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه”، رواه البخاري ومسلم
الرابعة : شفاعة النبي المختار صلى الله عليه وسلم لجزء من أمته ليدخلوا الجنة دون حساب.
ونحن نأخذ دليلنا على ذلك من حديث أبي هريرة الطويل عن الشفاعة، وفيه يقال: “يا محمد، ارفع رأسك واسأل، واشفع وتشفع. فأرفع رأسي وأقول: `يا رب، أمتي، يا رب، أمتي، يا رب`. فيقال لي: `يا محمد، ادخل من أمتك من لا حساب عليهم، من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب`”. رواه البخاري ومسلم
-النوع الثاني هو الشفاعة العامة : تشمل هذه الفئة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين والأنبياء والملائكة بشكل عام، وهي متعددة الأنواع، ونذكر منها:
الأولى : يتم تقديم الشفاعة لأولئك الذين دخلوا النار ليتمكنوا من الخروج منها. من الأدلة على ذلك حديث أبي سعيد الخدري، قال النبي صلى الله عليه وسلم: `والذي نفسي بيده، لا يوجد منكم أحد أشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين يوم القيامة لأخوانهم الذين في النار، يقولون: `ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون`. فيقال لهم: `أخرجوا من يعرفكم`، فيحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا… فيقول الله عز وجل: `شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين`. فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط.” (صحيح مسلم
الثانية: الشفاعة هي تدخل الشخص لأجل الآخرين الذين يستحقون دخول النار كي لا يدخلوها، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يوجد مسلم يموت وعلى جنازته يقوم أربعونون رجال لا يشركون بالله شيئًا إلا أن يشفع الله لهم في ذلك، وهذا يعني أن هذه الشفاعة تحدث قبل دخول النار، حيث يدعو الله لهؤلاء الأشخاص لكي يتمتعوا بالشفاعة.
الثالثة : طلب الشفاعة لأهل الجنة الصالحين، وهم الذين آمنوا بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر. يستحقون زيادة في درجاتهم وترفعهم في الجنة. نستدل على ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم إذ دعا لأبي سلمة قائلا: “اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين، وأخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه.” رواه مسلم .